عيد الأضحى... تقاليد منقوصة وسط الضغوط في مصر

عيد الأضحى... تقاليد منقوصة وسط الضغوط في مصر

20 يوليو 2021
في انتظار الزبائن... وهم قلّة (الأناضول)
+ الخط -

 

مع حلول عيد الأضحى، يعيش المصريون في ظروف اقتصادية صعبة، إلى جانب الإجراءات الاحترازية المستمرة لمواجهة وباء كورونا للعام الثاني على التوالي، الأمر الذي قلّل من بهجة العيد على مستوى البلاد. ويبدو أنّ غلاء أسعار الأضاحي في مصر هذا العام، دفع مواطنين كثيرين إلى العزوف عنها أو اللجوء إلى تشاركها بهدف تخفيف الأعباء.

أزهار وسيع، موظفة في إدارة المرور، تقول لـ"العربي الجديد": "لم نعد نشعر بفرحة العيد كما في السابق. المسؤولية زادت والغلاء أدركنا، في حين أنّ كورونا لم يترك لنا فرصة". تضيف أنّ "الأسعار ارتفعت عن العام الماضي"، لافتة إلى أنّها اعتادت مع أشقائها على الاشتراك في شراء أضحية.

من جهتها، تقول منى الطواب، الموظفة في وزارة الزراعة، لـ"العربي الجديد": "نويت شراء أضحية، لكنّني فوجئت بأنّ الأسعار ارتفعت. لذا اعتمدت على والدتي التي أرسلت لي نصيبي من الأضحية كعادتها". تضيف أنّ "العيد هدية لنا، لذا وجبت الفرحة. بالتالي سوف نخرج لتناول الآيس كريم (المثلجات). فأيّ شيء بسيط يجعل أولادي فرحين، يكون كافياً". ولا تخفي الطواب أنّها تشعر بتوتّر اليوم، إذ "لديّ ابنة في الثانوية العامة وأعصابنا مشدودة. أمنيتي هي أن تنجح ابنتي وتلتحق بكلية الطب".

أمّا عصام عادل، وهو طبيب استشاري في أمراض الباطنة والقلب والسكري، فيقول لـ"العربي الجديد": "اشتركت مع والدي وعمّي وإخوتي في شراء الأضحية، فالأسعار ترتفع في كلّ عام". يضيف أنّ "العيد هذا العام مختلف. فأنا كنت أتمنّى زيارة بيت الله الحرام، لكنّ ذلك لم يتسنَّ لي بسبب وباء كورونا. كذلك فإنّ والدتي توفيت قبل شهرَين بعد إصابتها بكوفيد-19، وغيابها أثّر على فرحتنا جميعاً". ويتابع عادل: "لكنّ العيد يبقى فرحة للأطفال في الأساس. وأمنيتي اليوم هي انحسار أزمة كورونا وحلّ مشكلة النيل، والشفاء العاجل لكلّ مريض، والرحمة والمغفرة لكلّ أمواتنا".

قضايا وناس
التحديثات الحية

وثمّة كثيرون يواجهون ضغوطاً نفسية في العيد، بسبب الغلاء المعيشي الذي يتزايد عاماً بعد عام، وعيداً بعد عيد. فيقول مجدي فتحي، وهو مدرّس، لـ"العربي الجديد"، إنّ "العيد حالياً يشكّل ضغطاً اقتصادياً وضغطاً نفسياً فظيعَين، وصار عبئاً على ربّ الأسرة، نظراً إلى متطلباته، ومنها احتياجات المنزل واللحوم. وفي العيد، لا بدّ من شراء ملابس للأطفال. لكن، طالما أنّ الميزانية لا تسمح، فإمّا الملابس وإمّا اللحوم. وهذا حالنا دائماً. وفيما نأمل بالأفضل في كلّ عام، نجد أنفسنا ندور في الساقية نفسها". ويشير فتحي إلى أنّ الضغوط المادية والنفسية تتزايد مع كثرة المناسبات الدينية والاجتماعية والاستحقاقات المختلفة، مشدداً على أنّ "تكاليف العيد ليست هي المشكلة الأساسية بقدر ما هو التفكير في كيفية توفير مصاريف الشهر الذي يلي العيد. كيف نواجه ذلك؟ هل بالاستدانة أم ماذا؟ فرحة العيد هي للأطفال، أمّا المسؤوليات فتطغى على أيّ بهجة".

في الإطار نفسه، يقول أحمد إمام، وهو محاسب وأمين مخزن، لـ"العربي الجديد"، إنّ "العيد بالنسبة إليّ هو لقاء العائلة. لكنّ الضغط الاقتصادي كبير بسبب رغبة الأولاد في الخروج، إلى جانب العيديّة وشراء اللحوم وملابس العيد، علماً أنّ الأسعار ترتفع فيما الراتب ثابت. وهذا ما يجعل الأمر مرهقاً". يضيف إمام أنّه "في السابق، لم نكن نعاني من تلك الضغوط. فنحن كنّا قادرين على شراء ما نرغب فيه بمبلغ 100 جنيه مصري (نحو 6.5 دولارات أميركية)، ونحن سعداء. أمّا حالياً، فمبلغ ألف جنيه (نحو 65 دولاراً)، لا يكفي. والعيد بالنسبة إلينا في ظل الالتزامات لم يعد يمثّل فرحة. الفرحة اليوم هي للأطفال وليست لنا".

الصورة
سوق الأضاحي في مصر 2 (خالد دسوقي/ فرانس برس)
(خالد دسوقي/ فرانس برس)

من جهة أخرى، تشكّل الإجراءات الاحترازية التي تفرضها أزمة كورونا في البلاد كما في العالم، للعام الثاني على التوالي، عبئاً إضافياً على المصريين. فيقول رامي بدوي، وهو محاسب في الشركة المصرية للأدوية، إنّ "هذا العيد مختلف عن أيّ عيد سابق، بسبب ظروف المعيشة". يضيف، متحدثاً لـ"العربي الجديد": "وللأسف لم أضحّ بسبب ارتفاع الأسعار، في حين تأثّرت أجواء العيد سلباً بكورونا. فنحن نحاول قدر الإمكان الالتزام بالإجراءات الاحترازية، منها التباعد الاجتماعي". بدورها، تقول زوجته: "أحاول كربّة منزل وأمّ خلق جوّ مبهج ومناسب للاحتفال، للتعويض عن قلّة التجمّعات".

وتبدو ظروف عصام سيف أكثر ثقلاً من ظروف سواه، هو الذي كان يعمل مديراً للمبيعات في شركة في القطاع الخاص قبل أن يُجبر على الاستقالة بسبب تصفية الشركة. يقول لـ"العربي الجديد": "تركت عملي بعد تصفية الشركة قبل أيام، بالتالي فإنّ هذا العيد يحلّ مختلفاً"، لكنّه يشير إلى أنّ "العيد هو أن ينجح أبنائي".

والضغوط لم تؤثّر فقط على أرباب العائلات والأهل، إنّما طاولت كذلك الأبناء. وتقول ندى خالد (17 عاماً)، وهي تلميذة في الثانوية العامة، لـ"العربي الجديد": "لا نشعر بالعيد، فقط ضغوط ومذاكرة. اختبار اللغة العربية كان صعباً ومن خارج المنهج، بخلاف اختبار اللغة الإيطالية". تضيف: "أنا خائفة ومتوترة، وكلّ ما آمله هو انتهاء كابوس الثانوية العامة. فالمنزل كله متوتر بسببي. ولا أجواء عيد ولا استقبال للزائرين بالإضافة إلى ما تفرضه أزمة  كورونا". ولا تخفي أنّ "أمنيتي اليوم هي الالتحاق بكلية الفنون الجميلة وإن كنت أشكّ في تحقق ذلك". 

أمّا علي فاروق (13 عاماً)، وهو تلميذ في الصف الثالث الإعدادي، فيقول لـ"العربي الجديد": "اشتريت ملابس جديدة للعيد، لكنّ العيد مختلف هذا العام". يضيف أنّه "في العام الماضي، مُنعت من الخروج في العيد، لكنّني سوف أخرج هذا العام مع الالتزام بالكمامة". ولا يخفي أنّه يفرح بالعيد "بسبب العيديّة، وأمنيتي أن يشعر الجميع بالفرح".

من جهته، يقول إمام سليمان (16 عاماً)، وهو تلميذ في أكاديمية خاصة ويعمل في الصيف لتمضية الوقت وكسب بعض المال، لـ"العربي الجديد": "لا أشعر بأيّ فرحة في العيد. هو لا يختلف عن باقي أيام السنة. فلا نشاط أقوم به ولا زيارة لأيّ مكان. اشتريت ملابس جديدة لكنّها سوف تبقى في خزانتي لأنّني لا أخرج بسبب الظروف. وباستثناء العيديّة، لا مصدر آخر للفرح بالنسبة إليّ". أمّا شقيقته الصغرى نيرة (12 عاماً)، فهي انتظرت العيد بفرحة كبيرة وادّخرت بعضاً من مصروفها لتتمكّن من شراء ما تريد. وتقول: "عيديّة العيد الكبير تكون عادة أقلّ من عيديّة عيد الفطر".

المساهمون