استمع إلى الملخص
- التحديات التي يواجهها السكان العائدون: يواجه العائدون صعوبات كبيرة في إعادة بناء حياتهم بسبب تدمير المنازل ونقص المياه والكهرباء. يعتمد السكان على بئر واحدة غير كافية، مما يضطرهم لتصفية المياه الملوثة.
- المطالب والآمال المستقبلية للسكان: يأمل السكان في عودة معرة النعمان إلى ازدهارها السابق، ويطالبون بتدخل المؤسسات الإنسانية لإعادة الخدمات الأساسية، معتبرين أن إعادة الإعمار هو أقل ما تستحقه المدينة.
باتت مدينة معرة النعمان التي تعتبر إحدى أكبر مدن محافظة إدلب الواقعة في الريف الجنوبي من المحافظة شمال غربي سورية، بلا أسقف للمنازل ولا خدمات ولا بنى تحتية منذ دخول قوات نظام المخلوع بشار الأسد إليها وسيطرتها عليها في يناير/ كانون الثاني 2020، حيث دمرت قوات النظام، بدعم جوي روسي وإسناد من المليشيات الإيرانية، أحياء واسعة من المدينة، التي تعرضت إلى عملية نهب ممنهج طاولت أثاث المنازل والبنى التحتية، بما في ذلك أسلاك النحاس والحديد من جدران وأسقف المنازل، حتى أصبحت أشبه بمدينة أشباح.
وبدأ أهالي معرة النعمان العودة تدريجيًا إلى مدينتهم بعد سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول 2024، إلا أن المدينة تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة، إذ لا تزال معظم المنازل بلا أسقف، وتفتقر المدينة إلى الخدمات الأساسية والمراكز الطبية والخدمية، مما يجعل عودة الأهالي النازحين إليها أمراً بالغ الصعوبة في ظل الظروف المعيشية الراهنة.
حسن أبو غزال، من سكان معرة النعمان، يقول لـ"العربي الجديد": "عدت إلى الحي لأجده دمارًا شاملًا، لا ماء ولا خبز ولا أي مقومات للحياة. توجد بئر توفر المياه للمدينة كاملها، ولكنها لا تكفي الجميع"، مضيفا: "للحصول على الماء، يجب التسجيل والانتظار للحصول على خمسة أو عشرة براميل كحد أقصى. ونحن هنا منذ 15 يومًا، نحاول إعادة تأهيل البيوت المدمرة؛ لا أسقف، لا أبواب، ولا نوافذ. والكهرباء أيضًا معدومة، مما يضطرنا إلى البدء من الصفر. والمياه المتوفرة في الخزان مليئة بالتراب والرمل والحجارة، ونقوم بتصفيتها باستخدام قماش للشرب، الوضع مأساوي بكل المقاييس".
وأضاف: "كل المنازل مدمرة بدرجات مختلفة، وبعضها بلا أسقف، وبعضها الآخر بلا مطابخ أو حمامات، لا تمديدات مياه ولا شبابيك أو أبواب. حتى المنازل التي يمكن إصلاحها تتطلب جهوداً ضخمة. أما البيوت التي لا تصلح، فهي بحاجة إلى معدات ثقيلة لإزالتها وبناء غرف جديدة للسكن"، مضيفا: "الناس بالكاد يجدون قوت يومهم، فكيف يمكنهم إصلاح المنازل؟ من لا يعمل يوميًا لا يستطع حتى شراء الخبز". وعن إمكانية عودة السكان إلى منازلهم، أوضح أبو غزال: "في ظل الوضع الحالي، لا أحد يمكنه العودة للسكن. نحتاج إلى أسقف تحمينا من المطر والبرد كحد أدنى، بالإضافة إلى أبواب ونوافذ للحماية".
بدوره، يروي محمود خالد البم، من سكان المعرة تجربته: "نزحنا من المعرة قبل خمس سنوات، قضينا هذه الفترة متنقلين بين عفرين ومدينة إدلب. عدت مؤخرًا لأتفقد منزلي، فوجدته مدمراً بالكامل والخدمات غائبة تمامًا". وعن مطالبه، يقول البم: "نطالب بأن تعود مدينتنا كما كانت، مزدهرة يعيش فيها الجميع بكرامة. فقبل الحرب، كانت معرة النعمان مدينة تعج بالحياة، سكانها يزيدون عن مئة ألف نسمة، وكلهم يعيشون برفاهية. أما الآن، فلا يوجد أدنى مقومات الحياة. نأمل أن تتحرك المؤسسات والمنظمات الإنسانية لإعادة الخدمات الأساسية التي يحتاجها الناس للبقاء". واختتم حديثه قائلاً: "معرة النعمان قدمت الكثير من التضحيات، سواء من شهداء أو جرحى أو نازحين. يجب أن يعاد إعمارها كما كانت، فهذا أقل ما تستحقه هذه المدينة العريقة".
وكانت معرة النعمان أول مدينة سورية تُقصف من قبل طيران النظام في ذروة الحراك الثوري السلمي منتصف عام 2011، وسيطرت قوات النظام على المدينة التي تُعدّ من كبريات المدن في محافظة إدلب في أواخر يناير/كانون الثاني من عام 2020 في خضم حملة عسكرية واسعة النطاق بإسناد ناري من الطيران الروسي، انتهت بالسيطرة على مساحات كبيرة من مناطق سيطرة فصائل المعارضة في أرياف حلب وحماة وإدلب.