عودة الاحتقان إلى قطاع التعليم في المغرب بعد هدنة

20 مارس 2025
من احتجاج الأساتذة المغاربة في الرباط اليوم، 20 مارس 2025 (العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهد قطاع التعليم في المغرب احتجاجات من الأساتذة أمام وزارة التربية الوطنية بسبب تراجع الوزارة عن التزاماتها السابقة بشأن النظام الأساسي الجديد لموظفي التربية الوطنية، مما أدى إلى تعثر الحوار الاجتماعي القطاعي.
- أشار عبد الإله دحمان إلى أن المنهجية الجديدة للوزارة قد تعرقل الحوار وتهدد استقرار المنظومة التربوية، مع تجاهل مطالب المتضررين من الترقيات والاقتطاعات.
- حذرت الجامعة الوطنية لموظفي التعليم من تفاقم الاحتقان واحتمال اندلاع حراك تعليمي جديد بسبب تعثر الحوار ورفض الوزارة لمطالب أساتذة "الزنزانة 10" والمتصرفين التربويين.

بعد هدنة لم تصمد طويلاً، عاد الاحتقان إلى قطاع التعليم في المغرب مع تظاهرة ضمّت مئات الأساتذة أمام مقرّ وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة في العاصمة الرباط اليوم الخميس. ودان الأساتذة، في وقفتهم الاحتجاجية، ما وصفوه بـ"تراجع الوزارة الوصية" عن الالتزامات السابقة بخصوص مسوّدة النظام الأساسي الجديد لموظفي التربية الوطنية، ودخول الحوار الاجتماعي القطاعي بين الوزارة والنقابات الأكثر تمثيلية في "نفق مظلم"، إثر عدم الاتفاق على حلول للملفات الفئوية العالقة خصوصاً المتصرفين التربويين وأساتذة ما يعرف في المغرب بـ"الزنزانة 9".

وقال الكاتب العام للجامعة الوطنية لموظفي التعليم التابعة للاتحاد الوطني للشغل في المغرب عبد الإله دحمان، لـ"العربي الجديد"، إنّ "المنهجية الجديدة التي تعتمدها الوزارة حالياً قد تعصف باستقرار المنظومة التربوية من جهة، وتؤدّي إلى تعثّر الحوار القطاعي من جهة أخرى". وأوضح أنّ "عودة الاحتقان مرتبطة بإشكالية منهجية الحوار القطاعي في قطاع التعليم، خصوصاً بعد الانقلاب على التوافق وكذلك المنهجية التي أُقرّت بناءً على ما تعكسه إرادة الحراك التعليمي التي عجّلت بتوقيع اتفاقات وحسم قضايا ظلّت عالقة عقوداً. وزيادة الأجور، على الرغم من عدم كفايتها، قد أخذت بعين الاعتبار ارتفاع نسب التضخّم وارتفاع أسعار مختلف المواد الأساسية".

ورأى المسؤول النقابي أنّ "الانقلاب على منهجية تنزيل مقتضيات النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية وبروز فجوات وثغرات للنظام الجديد أفرزا لنا ضحايا جدداً، وهو أمر لم تنتبه له الوزارة الوصية لمّا غيرت منهجية الحوار وتراجعت عن التوافق الذي جرى سابقاً وعمل على الاستجابة لمطالب عدد من المتضرّرين". أضاف دحمان أنّ "مواد كثيرة من النظام الأساسي وطريقة تنزيلها أو تأويلها هي العامل الذي أعاد الاحتقان إلى القطاع، وهو احتقان يُنذر بعودة الحراك التعليمي ويقوّض منسوب الثقة"، لافتاً إلى أنّ "إجهاز الوزارة على المواد 81 و89 و77 و76 وتعليق حلول الزنزانة 10 وترقية المتصرّفين التربويين، خصوصاً الإسناديين، وغيرها من القضايا، ساهمت في عودة الاحتجاج".

وكان"التنسيق الوطني للمتصرفين التربويين ضحايا الترقيات" قد أعلن عن تنظيم وقفة احتجاجية، صباح يوم الخميس، أمام مقرّ وزارة التربية الوطنية احتجاجاً على ما وصفه بـ"تجاهل الوزارة للمظلومية التي لحقت بالمتضررين من الترقيات والاقتطاعات، ورفضها تنفيذ الأحكام القضائية المنصفة". وطالب المتصرفون التربويون، في بيان لهم، بـ"جبر ضرر ضحايا ترقيات 2021 و2022 و2023 وفقاً لأدنى عتبة معتمدة في تلك السنوات"، ومنح ثلاث سنوات اعتبارية تُحتسب في أقدمية الدرجة الممتازة.

من جهتها، أعلنت "التنسيقية الوطنية لأساتذة الزنزانة 10" عن رفضها "تراجع الوزارة عن تنفيذ اتفاقَيّ 10 و26 ديسمبر/ كانون الأول 2023، والمادة 81 من النظام الأساسي، ومخرجات اجتماع 9 يناير/كانون الثاني 2025"، مستنكرةً ما عدّته "التفافاً للقطاعات الحكومية على المكتسبات المتّفق عليها مسبقاً، متذرّعةً بحجج تقشفية".

في السياق، حذّرت الجامعة الوطنية لموظفي التعليم التابعة للاتحاد الوطني للشغل من تفاقم الاحتقان في صفوف العاملين في قطاع التعليم في المغرب نتيجة تعثّر الحوار القطاعي مع وزارة التربية الوطنية، مشيرةً إلى أنّ "استمرار التسويف في حلّ الملفات العالقة قد يؤدّي إلى اندلاع حراك تعليمي جديد". أضافت الجامعة، في بيان لها، أنّ الحوار مع الوزارة لم يسفر عن أيّ نتائج ملموسة، إذ اقتصر على سلسلة لقاءات غير منتجة من دون اتّخاذ إجراءات عملية لمعالجة القضايا العالقة. كذلك، أعربت عن قلقها إزاء التراجع عن الوعود السابقة، ورأت أنّ هذا الأمر يعكس "استهتاراً بمصالح رجال ونساء التعليم، خصوصاً في ظلّ استمرار بعض الجهات في استغلال قضايا الشغيلة لتحقيق مكاسب سياسية أو نقابية ضيّقة".

وكانت الجلستان الأخيرتان من الحوار القطاعي بين وزارة التربية الوطنية والنقابات قد عرفتا توتّراً حاداً، وذلك بعد رفض الوزارة، مدعومةً بوزارتَي المالية والوظيفة العمومية، الاستجابة لمطالب أساتذة "الزنزانة 10" والمتصرفين التربويين. وهو الرفض الذي اضطر النقابات الخمس الأكثر تمثيلاً إلى إعلان تعليق مشاركتها في اللجنة التقنية بشكل إنذاري ومؤقّت إلى حين تصحيح مسار الحوار ومنهجيته.

وكان قطاع التعليم في المغرب قد شهد في العام الدراسي الماضي 2023 - 2024 حراكاً احتجاجياً أدّى إلى توقّف الدراسة بفعل إضرابات العاملين في هذا القطاع. وقد استمرت الاحتجاجات نحو ثلاثة أشهر، على خلفية إشكالية النظام الأساسي لموظفي الوزارة حينها.

المساهمون