استمع إلى الملخص
- شهد عام 2024 سلسلة من 12 شهرًا متتاليًا تجاوزت فيها درجات الحرارة 1.5 درجة مئوية، لكن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية تؤكد أن تجاوز العتبة في عام واحد لا يعني فشل الأهداف المناخية طويلة الأمد.
- يعتبر تجاوز عتبة 1.5 درجة مئوية "إنذارًا مبكرًا"، مما يتطلب تخفيضات طموحة في الانبعاثات لتجنب التأثيرات الكارثية واحتواء الاحترار العالمي عند هذا المستوى لتقليل المخاطر.
في عام 2024، شهد العالم احتراراً تخطّى 1.5 درجة مئوية. وقد بيّنت دراستان نُشرتا أمس الاثنين أنّ تجاوز هذه العتبة التي حُدّدت في اتفاقية باريس للمناخ (2015) وارد على المدى البعيد، لأنّ درجات الحرارة الأخيرة تأتي في إطار اتّجاه طويل الأمد. ويشير باحثون، في مقالات نُشرت بالتزامن في مجلة "نيتشر كلايمت تشينج" العلمية، إلى أنّنا ربّما دخلنا فترة زمنية سوف تمتدّ لعقود تتجاوز فيها معدّلات الاحترار العالمي عتبة 1.5 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية.
وكان 2024 العام الأول في التقويم العالمي الذي يتجاوز هذا المستوى من الاحترار العالمي، إذ بلغ متوسط ارتفاع درجات الحرارة على سطح الكوكب 1.55 درجة مئوية مقارنة بمعدّلات فترة 1850-1900، وفقاً لتحليل أجرته المنظمة العالمية للأرصاد الجوية استناداً إلى ستّ قواعد بيانات دولية رئيسية. وقبل ذلك، رُصدت سلسلة من 12 شهراً متتالياً تخطّى فيها معدّل الاحترار العالمي هذه العتبة في يونيو/ حزيران 2024، بحسب مرصد كوبرنيكوس، وهو خدمة مراقبة تغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي.
January 2025 was the 18th month in a 19-month period in which the global-average temperature was more than 1.5°C above pre-industrial level. 🧵 pic.twitter.com/srpzwlK9FJ
— Copernicus ECMWF (@CopernicusECMWF) February 11, 2025
وقالت الأمينة العامة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية سيليست ساولو إنّ "عاماً واحداً تخطّى في خلاله الاحترار العالمي عتبة 1.5 درجة مئوية، لا يعني أنّنا فشلنا في تحقيق الأهداف المناخية طويلة الأمد لاتفاقية باريس التي تمتدّ عقوداً من الزمن"، مردّدةً رسالة الحذر المعتادة لوكالات المناخ الرئيسية.
وتهدف اتفاقية باريس للمناخ التي مضى على توقيعها عشرة أعوام، إلى إبقاء معدّلات ارتفاع درجة حرارة الأرض عند مستوى أقلّ بكثير من درجتَين مئويّتَين، مع مواصلة الجهود لحصر الاحترار العالمي عند 1.5 درجة مئوية مقارنة بمعدلات ما قبل الثورة الصناعية. لكنّ درجات الحرارة الأخيرة تشير إلى متوسّط مناخي يُقاس عادةً على مدى 20 عاماً، الأمر الذي يتيح التخفيف من حدّة التباين في درجات الحرارة من عام إلى آخر. وبحسب هذا التعريف، يبلغ الاحترار الحالي نحو 1.3 درجة مئوية.
#EarlyWarningsForAll ensures that everyone, everywhere, has access to timely and reliable warnings, building a secure, more resilient future for all. https://t.co/JhjH0Hat1G
— World Meteorological Organization (@WMO) February 10, 2025
وفي الدراستَين المُشار إليهما، يتساءل الباحثون عمّا إذا كان تجاوُز عتبة 1.5 درجة مئوية في عام واحد يمثّل "إنذاراً مبكراً" بأنّ الحدّ طويل الأجل يجري تجاوزه فعلاً، وقد درس فريق في ألمانيا والنمسا هذه المسألة من خلال الجمع بين البيانات الرصدية والنمذجة، ولاحظ العلماء أنّه منذ بدء الاحترار العالمي، بمجرّد أن يتجاوز عام ما عتبات معيّنة من ارتفاع درجات الحرارة المتوسّطة، فإنّ الوضع يظلّ عند هذا المستوى على مدى عقدَين.
ويشير هذا النموذج، إذا جرى استقراؤه عند عتبة 1.5 درجة مئوية، إلى أنّ فترة الأعوام العشرين المقبلة فوق هذه الدرجة من الحرارة "بدأت بالفعل، وأنّ التأثيرات المتوقّعة عند 1.5 درجة مئوية من الاحترار العالمي سوف تبدأ في الظهور"، وفقاً للباحثين، وذلك "ما لم تُنفَّذ تخفيضات طموحة للانبعاثات".
With 2024 coming in at or above #1o5C, and a run of 12 months to June 2024 where monthly warming was at or above 1.5°C, 2 papers out today look at whether or not the longer-term 1.5°C limit set out in the Paris Agreement has been reached.https://t.co/r0t7oY9Hop
— Climate Analytics (@CA_Latest) February 10, 2025
لكنّ التحلّي بالحذر واجب، فالعالم ما زال في بداية هذه الفترة، وربّما يتعيّن علينا الانتظار حتى منتصفها، أي بعد نحو عشرة أعوام، لكي نثبت أنّ متوسّط ارتفاع درجة الحرارة تجاوز 1.5 درجة مئوية على مدى عقدَين. ويتوافق هذا التقدير مع تقديرات علماء الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيّر المناخ، وخبراء مكلّفين من الأمم المتحدة، الذين يتوقّعون احتمالاً يقرب من 50% لرؤية ارتفاع درجة حرارة المناخ بمقدار 1.5 درجة مئوية في المعدّل للفترة الممتدّة من 2030 إلى 2035.
وتستخدم الدراسة الثانية التي نُشرت نتائجها، أمس الاثنين، منهجية مختلفة قليلاً وفترات مرجعية مختلفة، لكنّها توصلت إلى نتيجة مماثلة. وقال أليكس كانون من وزارة البيئة وتغير المناخ الكندية: "في حال استمرّت التباينات عند مستوى 1.5 درجة مئوية لأكثر من 18 شهراً متتالياً، فمن المؤكد تقريباً تجاوز عتبة اتفاقية باريس"، حتى في حال تسجيل سيناريو وسيط لانبعاثات الغازات المسبّبة للاحترار العالمي، الأمر الذي يسمّيه خبراء الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ "سيناريو إس إس بي 2 - 4 . 5".
ويشدّد العلماء على أهمية احتواء ظاهرة الاحترار العالمي قدرَ الإمكان، إذ إنّ كلّ جزء إضافي من درجة الحرارة يجلب مزيداً من المخاطر، مثل موجات الحرّ أو القضاء على الحياة البحرية. وبالتالي فإنّ احتواء الاحترار العالمي عند 1.5 درجة مئوية بدلاً من درجتَين مئويّتَين من شأنه أن يحدّ بصورة كبيرة من عواقبه الكارثية، وفقاً للجنة الدولية لتغيّر المناخ. وقد أوضح الأستاذ في جامعة أوريغون الأميركية وليام ريبل، الذي لم يشارك في أيّ من الدراستَين المُشار إليهما، في تصريح لوكالة فرانس برس: "إذا لم تُتَّخَذ إجراءات عاجلة، فلن يتذكّر الناس عام 2024 بوصفه حالة شاذة، بل بأنّه بداية عصر مناخي جديد يتميّز بمخاطر متزايدة".
(فرانس برس)