استمع إلى الملخص
- الأبراج الصينية تتضمن 12 حيواناً وخمسة عناصر: النار، الخشب، الأرض، المعادن، والماء، وتفاعلها يحدد التوافق بين الأشخاص، مثل عدم توافق الماء مع المعدن.
- العاطفة تدفع الأفراد للامتثال للأبراج لتجنب الوحدة، ويشهد عام التنين زيادة في المواليد لارتباطه بنجاحات مشاهير، مما يعكس تأثير الأبراج على قرارات الزواج والإنجاب.
يفضل غالبية الشباب في الصين الزواج أو الإنجاب في أعوام محددة تتوافق مع أبراج منسوبة إلى أسماء حيوانات لديها خصائص وسمات مميزة، مثل عام القرد والخنزير والتنين
للإجابة عن سؤال عن مدى التوافق بين شخص وآخر، يلجأ الصينيون غالباً، بحسب الثقافة السائدة في بلدهم، إلى الأبراج الفلكية التي تتبع التقويم القمري لعام كامل وتُنسب إلى أسماء 12 حيواناً تندرج تحت سماتهم الخاصة سلوكات الأفراد بحسب توافق تواريخ ميلادهم مع كل منها. ويعتقد الصينيون بأن هذه الحيوانات لديها نقاط قوة وضعف تميّزها من غيرها، وهي تؤثر في كيفية تعامل الناس مع تحديات الحياة، وفي قياس درجة التوافق بين شخصين.
تفسّر الأسطورة الصينية تسمية الأبراج بأسماء 12 حيواناً بأن هذه الحيوانات تحديداً كانت أول من لبى نداء بوذا حين طلب وداع سائر الحيوانات قبل رحيله. ومن أجل تكريمها جرت تسمية كل سنة قمرية باسم أحد الحيوانات في تقليد لا يزال يسري حتى اليوم. ومع مرور الوقت بدأت مواصفات كل حيوان تتداخل مع السنة الخاصة بها، كما بدأت تنعكس على صفات المواليد في ذلك العام، لذا يفضل الصينيون الإنجاب في عام دون آخر كي يحمل الطفل صفات معينة، مثل عام القرد لضمان طفل نشيط وذكي.
يوضح تشين يونغ، الباحث في معهد الدراسات والعلوم الإنسانية بمقاطعة فوجيان شرق الصين، في حديثه لـ"العربي الجديد" أن هذه المعتقدات نشأت مع الفلسفة البوذية التي دخلت الصين خلال حكم أسرة هان الإمبراطورية حين كانت الحيوانات ذات تأثير كبير على تصرفات المجتمع وسلوكاته. ومع مرور الوقت لعبت هذه المعتقدات دوراً أساسياً في تحديد مدى التوافق بين الزوجين، حتى إنها أظهرت إذا كانا متجهين إلى الطلاق".
ويشرح أنّ "كلّ برج حيواني يتضمن خمسة عناصر هي النار والخشب والأرض والمعادن والماء، ويمكن أن يتأثر كلّ برج بهذه العناصر وتفاعل بعضها مع بعض. وبناء على تفاعل العناصر يمكن تحديد التوافق. على سبيل المثال لا يتلاءم الماء مع المعدن وأيضاً الخشب مع النار، وهذه علامات تعكس النفور في العلاقات بعكس الأرض والماء والخشب والمعدن". يضيف: "الصراع مألوف عند العديد من الصينيين، ففي حين أن أحداً لا يستطيع تأكيد بنسبة مائة في المائة إذا كان أي شخص يستحق أن يقضي حياته معه طوال العمر يمكن تجربة القليل من الحظ في هذه اللعبة الكبيرة في الحياة".
يقول تشين يونغ إن "أحجام الحيوانات تشكل ثنائيات متكاملة، فهناك عناصر ثقيلة وأخرى خفيفة وفق المنطق الفلسفي في الأبراج الصينية. على سبيل المثال الثور حيوان ضخم مجتهد وقد يعيش حياة مريرة. والخنزير أصغر حجماً لكنه كسول لا يعمل ويأكل فقط ويزدهر بحياة سهلة. غير أن الثور والخنزير يمكن أن يتعايشا معاً بسلام في مزرعة واحدة، وعلى هذا الأساس يمكن إجازة العلاقة بين شخصين ينتميان إلى هذين البرجين".
في المقابل، قد يتقاتل حيوانان كبيران أكثر من أن ينجحا معاً، وقد يتنافسان في ما بينهما، لذا لا يُنصح بأن يرتبط شخصان من البرج نفسه إذا كان مصنفاً من الأبراج الثقيلة. ويلفت تشين إلى أن معتقدات أخرى سائدة في المجتمع الصيني مثل وجود تنينين في مكان واحد، ويقول: "إذا تخيّلنا وجود تنينين في منزل واحد فسيصعب أن ينسجما، وستظهر بعد فترة وجيزة خلافات وتحصل مشكلات وصدامات لا نهاية لها. الآراء العنيدة تنتشر بسرعة وتتحول إلى مواجهة، والأمر نفسه ينطبق على النمور، إذ لا يمكن أن يشترك نمران في جبل واحد".
من جهته، يعتقد أستاذ الدراسات الاجتماعية في جامعة شينزن، لي شانغ، في حديثه لـ"العربي الجديد"، بأن العاطفة هي المحرك الرئيس وراء دفع الناس إلى اللجوء والامتثال للأبراج الفلكية من أجل الاقتران بالشركاء. ويقول: "الاستسلام للوحدة أمر مرعب. تخلق القوة العاطفية قلباً مسكوناً بالحب، في حين تخلّف خيبة الأمل الساحقة قلباً فارغاً، ومن ثم هذه الرغبة الملحة في البحث عن النصف الآخر تجعل من السهل أن يتتبع الناس كل شيء بما في ذلك الخرافات، والحسابات الفلكية تحكم في حياة الأجيال الجديدة، سواء في الارتباط في أو موعد الزفاف أو حتى الإنجاب، إذ يفضل غالبية الشباب الزواج أو الإنجاب في أعوام محددة تتوافق مع أبراج لديها خصائص وسمات مميزة، مثل عام القرد والخنزير والتنين".
وبحسب السجلات الرسمية الصينية يشهد عام التنين عادة زيادات كبيرة في عدد المواليد الجدد أكثر من أي عام آخر في دورة التقويم الصيني التي تبلغ 12 عاماً. ففي عام 2000 الذي صادف عام التنين ارتفع معدل المواليد الجدد بنسبة أكثر من خمسة في المائة، بينما شهدت البلاد عام 2012 قفزة قياسية بلغت نحو 950 ألف مولود مقارنة بالعام السابق.
ومع حلول العام الحالي، أصبحت مصطلحات مثل "أطفال التنين" من بين الأكثر بحثاً على وسائل التواصل الاجتماعي الصينية، إذ يبدو أن بعض مستخدمي الإنترنت من فئة الشباب عازمون على الإنجاب خلال هذا العام الاستثنائي. ويستدل الصينيون عادة على تأثير هذا العام بذكر نجاحات مشاهير وُلدوا في عام التنين أمثال الناشط الأميركي مارتن لوثر كينغ الذي ولد عام 1929، ونجم الفنون القتالية الشهير بروس لي المولود في عام 1940، والنجمة العالمية ريهانا المولودة عام 1988.