عشرات الإصابات بالطفح الجلدي في البصرة نتيجة تلوث كارثي بالمياه
استمع إلى الملخص
- تعاني البصرة من مشكلات بيئية خطيرة نتيجة تصريف مياه الصرف دون معالجة وقلة تدفق دجلة والفرات، مما يضر بالمحاصيل ويستدعي تدخلات عاجلة لإدارة الموارد المائية.
- وعدت وزارة الموارد المائية بالحفاظ على الإطلاقات المائية، بينما تعتمد البصرة على الصهاريج لتوفير المياه بسبب السدود التركية وتغيير مجرى الأنهار في إيران.
كشف مركز حقوقي عراقي، اليوم الأحد، تسجيل ارتفاع كبير بمعدلات التلوث في محافظة البصرة جنوبي العراق، نتج عنها عشرات الإصابات بالطفح الجلدي، فيما حذّر متخصّصون من خطورة ارتفاع نسبة التلوث خلال الفترة المقبلة، لما يشكله من تهديدٍ حقيقي على حياة المواطنين وصحتهم.
وفي وقتٍ سابقٍ، نبّه مرصد العراق الأخضر (منظمة معنيّة بشؤون البيئة) إلى أنّ التلوث الحاصل في مياه محافظة البصرة، هو الأقسى على مدى العقود الماضية، مؤكداً أن المياه تصل إلى المنازل محمّلةً بالشوائب والديدان والطحالب.
ونقل مركز "العراق لحقوق الانسان"، عن رئيس المركز علي العبادي، قوله إنّ "مناطق متعددة في البصرة سجّلت عشرات الإصابات بالطفح الجلدي، نتيجة الاعتماد على مياه تحتوي على نسب مرتفعة من الملوحة، وهو ما انعكس سلباً على الصحة العامة، حيث إنّ نسب التراكيز الملحية سجّلت أرقاماً مقلقة في مناطق شمال وشرق وجنوب وغرب المحافظة، بمعدلات غير مسبوقة".
وأضاف العبادي أن "مشاريع التحلية المنجزة حتى الآن لا تلبّي الحاجة الفعلية، فيما تبقى الحلول الاستراتيجية، ومنها مشروع تحلية مياه البحر، بانتظار الإنجاز وقد تستغرق نحو خمس سنوات، وتصريحات الحكومة المحلية في البصرة أنّ المحافظة تمرّ بأسوأ أزمة مائية منذ العام 1930، تؤكد أننا أمام تهديدٍ حقيقي لمحافظة ترفد خزينة الدولة بـ80% من إيراداتها".
وشدّد على أنّ "منظمة الصحة العالمية مطالبة بزيارة البصرة والوقوف ميدانياً على ما يجري، والتحقيق في ملف الإصابات الجلدية، وإعداد تقارير شفافة وموضوعية تُعرض أمام الرأي العام لبيان الحقائق وتحديد المسؤوليات، كما أنّ الحكومة المركزية مطالبة أن تولي ملف المياه في البصرة أولوية قصوى، من خلال الاعتماد على البوارج البحرية لتحلية مياه البحر، كحلّ مؤقت لتوفير مياه الشرب، إلى حين الانتهاء من المشاريع الاستراتيجية الكبرى، فالمحافظة تمرّ بمنعطف بيئي خطير جداً".
من جهته، كشف المتخصّص بالشأن البيئي والمائي، عادل المختار، لـ"العربي الجديد"، مدى "خطورة الوضع البيئي في محافظة البصرة والذي يهدّد بكارثة حقيقيّة، بسبب ارتفاع نسبة ملوحة المياه بشكل غير مسبوق، ما يشكّل تهديداً مباشراً على صحة المواطنين والبيئة، خصوصاً أنّ نسبة الملوحة في مياه الشرب والزراعة تجاوزت الحدود الآمنة، ما يؤثر سلباً على جودة المياه ويُعرّض السكان لمخاطر صحية كبيرة، بالإضافة إلى تدمير المحاصيل الزراعية وتقليل إنتاجيتها".
وربط المختار أسباب التلوث الشديد والمقلق بـ"تصريف مياه الصرف الصناعي والزراعي من دون معالجة كافية، فضلاً عن قلة تدفق مياه دجلة والفرات إلى المحافظة، ما يزيد من تركيز الأملاح والمعادن الضارّة في المياه، والحلول تتطلب تدخلات عاجلة من الجهات الحكومية والمنظمات البيئية لإدارة الموارد المائية بشكل مستدام، والعمل على تقنيات تحلية المياه وإعادة تأهيل الأنهار والمجاري المائية في البصرة".
وحذّر المتخصّص بالشأن البيئي والمائي من أنّ "التخاذل في معالجة مياه الصرف الصناعي والزراعي ووقف تدفق مياه الأنهار، جعل من البصرة بؤرة خطرة للتلوث والكوارث البيئية، وإذا استمر هذا الوضع، فسنشهد تدميراً كاملاً للموارد الطبيعية، وانهياراً شاملاً في منظومة الحياة البيئية". وختم المختار قوله إنّ "ما تشهده محافظة البصرة ليس مجرد أزمة بيئية، بل كارثة تهدد مستقبل المحافظة بأكمله".
وكانت وزارة الموارد المائية العراقية وعدت الشهر الماضي، بالحفاظ على مستوى عالٍ من الإطلاقات المائية من أجل وصول كمية وافرة من المياه إلى البصرة. وباشرت الحكومة المحلية في البصرة، بالاعتماد على الصهاريج لتوفير المياه الصالحة للاستخدام البشري بالمناطق التي تعاني تلوث المياه.
وتعاني البصرة مشكلة قلّة مياه الشرب والري، بسبب بناء السدود التركية، وتغيير مجرى الأنهار والروافد في إيران، وإطلاقها مياه البزل المالحة إلى شط العرب، أضف إلى ذلك التجاوزات المحلية على الأنهار الفرعية، ما سبّب جفافاً أدّى إلى زيادة ملوحة مياه شط العرب وانعدام المياه الصالحة للشرب.