عسل السركجي في الأغوار

عسل السركجي في الأغوار

10 ديسمبر 2020
اعتداءات الاحتلال تزيده إصراراً للتوسع في عمله (العربي الجديد)
+ الخط -

على بُعد أمتار من إحدى أكبر المستوطنات الإسرائيلية التي شيّدت على أراضي الأغوار الفلسطينية شرقي الضفة الغربية، يواصل أسامة السُركجي، وهو من مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية، منذ خمسة عشر عاماً، عمله في تربية النحل وإنتاج أجود أنواع العسل الفلسطيني، غير آبه بتهديدات الاحتلال الإسرائيلي المستمرة بمصادرة الأراضي وضم الأغوار.

وينشر السركجي على مرمى حجر من مستوطنة ميحولا في الأغوار الشمالية الفلسطينية، عشرات الصناديق البيضاء، وهي عبارة عن خلايا لتربية النحل، ويترك الباب مفتوحاً أمام النحل في أوقات محددة ومدروسة، كي ينطلق في السهول الواسعة لجمع الرحيق من خيرات الأغوار التي تمتاز ببيئة طبيعية غنية بالأشجار والأعشاب البرية والشوكية.

الرجل، ومهنته الأساسية ميكانيكي لتصليح السيارات، يقول لـ "العربي الجديد": "تجربتي في الأغوار أكسبتني معرفة جيدة  بالمنطقة وجغرافيتها وأهميتها الوطنية والزراعية، وجعلتني أدرك الأسباب وراء إصرار الاحتلال الإسرائيلي على التمسك بها وضمها وإنشاء المستوطنات ومعسكرات التدريب فيها".

ورداً على سؤال عما إذا كان قد تعرض لمضايقات من الاحتلال أو المستوطنين، فيقول إنها كثيرة، لكنها كانت تزيده إصراراً للتوسع في عمله. ويقول: "أكثر من مرة عبثوا بالخلايا وأتلفوها، وهددوني بإزالتها بالقوة، بحجة أنني في منطقة عسكرية مغلقة أو تدريب لجنود الاحتلال".

وعانى السركجي كثيراً، ولسنوات طويلة، نتيجة الحواجز العسكرية عند مداخل الأغوار. ويقول: "كانوا يرفضون مروري بحجة أنني من نابلس، استناداً إلى بطاقتي الشخصية، فأضطر إلى سلوك طرقات بديلة وخطيرة، حتى عملت على تغيير محل سكني في البطاقة. مع هذا، ما زالت هناك صعوبات، خصوصاً بعد الإعلان عن نية الاحتلال ضم الأغوار، إذ بات جنوده يلاحقون الوجود الفلسطيني برمته ويعملون على تهجير السكان الأصليين من الأغوار".

عسل السركجي في الأغوار  (العربي الجديد)

عسل مميز

ويقول إن لديه خلايا من النحل في منطقتين رئيسيتين في الأغوار الشمالية تحديداً، الأولى في عين الساكوت والثانية في قرية "بردلا" القريبة من بيسان شمالاً. وكلا المنطقتين على مقربة من الحدود الأردنية. يضيف: "الأغوار هي البقعة الأكثر انخفاضاً، ودرجة الحرارة فيها مرتفعة على مدار السنة، ما يؤثر إيجاباً على نمو المزروعات والأعشاب البرية والشوكية، خصوصاً شجرة السدر الذي ننتج منه عسل السدر فائق الجودة. في كل شهر، هناك نبتة مميزة تنبت هنا، ما يجعل العسل يختلف من شهر إلى آخر، وهذا لا يتكرر في المناطق الأخرى".

أسرار الطبيعة

على مدار السنوات الماضية، توطدت العلاقة بين أسامة والبدو والرحل الذين يتعاقبون على الأغوار في المواسم المختلفة، فتعلم منهم "أسرار الطبيعة" كما يقول، مثل مواعيد إزهار النباتات، وانعكاس الحالة الجوية عليها، وأنواع الأعشاب التي تنمو وفوائدها، وتوقيت إخراج النحل وتوجيهه إلى منطقة معينة دون غيرها، وكيفية حماية المناحل واستخدام الأدوية ومواجهة الأمراض والهجمات التي تشنها حشرات أخرى مثل الدبور... إلخ.

وطوّر السركجي خبراته من خلال مشاركته في العديد من المؤتمرات والمنتديات العالمية لمربي النحل ومنتجي العسل، وقد مثّل فلسطين، وتعرّف إلى نحالين من معظم دول العالم. تلك الزيارات استثمرها أسامة في تصدير العسل الذي ينتجه إليها، مثل قطر والسعودية وتركيا وأربيل، وهو يخطط لدخول الأسواق العالمية بعدما حاز عسله على الشهادات المطلوبة. ويقول أسامة: "اجتزت كافة الفحوصات المحلية بنجاح، وحصلت على شهادات معتمدة من وزارة الزراعة الفلسطينية، الأمر الذي فتح الباب أمامي للتصدير. النحل الفلسطيني مبارك كالأرض التي خرج منها، والنحالون على مستوى العالم يقدرون ذلك جيداً".

عسل السركجي في الأغوار  (العربي الجديد)

العسل وكورونا

"فيه شفاء للناس"، بحسب ما ورد في القرآن. يقول السركجي إن فيه علاجا لكل مرض وحتى فيروس كورونا، مؤكداً أنه أنتج عسلاً وتحديداً المستخلص من عشبة العكبر، وقد ساهم في تخفيف أعراض الإصابة بالفيروس. يتابع: "لدي إثباتات وهذا ليس مجرد كلام. هناك عدد من الأشخاص المصابين بكورونا قدمت لهم عسلاً استخلصته من عدة أعشاب برية. وبعد تناوله مرات عدة، تحسنت صحتهم بشكل كبير وبسرعة مضاعفة بالمقارنة مع آخرين"، داعياً مرضى كورونا إلى الإقبال على تناول العسل الأصلي والمواد المستخلصة منه، فهي طبيعية 100 في المائة، وليس لها آثار جانبية على الإطلاق.

المساهمون