عامان على زلزال الحوز المدمّر في المغرب

08 سبتمبر 2025   |  آخر تحديث: 01:30 (توقيت القدس)
ما زال متضرّرون من زلزال الحوز في المغرب يعيشون في خيام، سبتمبر 2024 (غيّوم بينون/ Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- في 8 سبتمبر 2023، ضرب زلزال بقوة 6.8 درجات جنوب المغرب، مما أسفر عن مقتل 2,940 شخصًا وإصابة 6,000 آخرين، مع تضرر 2.8 مليون شخص وخسائر بقيمة 7 مليارات دولار.
- أطلقت الحكومة المغربية برنامج طوارئ لتعويض المتضررين، بتخصيص 120 مليار درهم لإعادة إعمار القرى المتضررة، لكن التحديات الإدارية وتأخر الدعم أثارت احتجاجات.
- بحلول يوليو 2025، تم بناء 24 ألف مسكن وفقًا لمعايير مضادة للزلازل، لكن بعض الأسر تواجه تأخيرات في البناء بسبب مشكلات إدارية وعائلية.

ما زالت ترددات زلزال الحوز تلقي بثقلها على أهل المغرب المتضررين منه، علماً أنّه كان قد وُصف بأنه أكبر كارثة من نوعها تضرب المنطقة منذ أكثر من 100 عام من تاريخ وقوعه.

قبل عامَين، في الثامن من سبتمبر/ أيلول 2023، ضرب زلزال بلغت قوته 6.8 درجات على مقياس ريختر، مناطق في جنوب المغرب وجنوب شرقه، فيما طاولت تداعيات مناطق أخرى في البلاد. وقد تضرر نحو 2.8 مليون شخص من جراء هذا الزلزال الذي أُطلق عليه اسم "زلزال الحوز"، علماً أنه أدى إلى مقتل نحو 2.940 شخصاً وجرح نحو ستة آلاف، وقُدرت خسائره بنحو سبعة مليارات دولار أميركي.

يصف المواطن المغربي محمد بوتمارت، من إقليم شيشاوة وسط المغرب، زلزال الحوز بأنه من "أحلك الأيام"، بعدما فقد في غمضة عين عدداً من أفراد عائلته إلى جانب بيته ورزقه. وبعد عامَين على الكارثة، يحاول بوتمارت تقبل تداعيات الزلزال والتخلص من آثار كابوسه ومن الجراح التي ما زالت غائرة في قلبه. ويقول الرجل الأربعيني لـ"العربي الجديد"، مستذكراً اللحظات الصعبة التي عاشها ليلة المأساة: "من الصعب جداً نسيان ما حدث. الصوت الذي خرج من الأرض ما زال محفوراً في ذاكرتي، فيما مشاهد الدمار والخراب لا تفارقني حتى بعد ابتعادي عن قريتي"، مضيفاً أن "ألم فقدان الأهل لا يزول، لا بل يلتهب أكثر مع حلول ذكرى الكارثة".

ويوضح: "شهدت رعباً لم أتصوره في يوم، لكن ما عايشته بعد النجاة من الكارثة شكّل محنة استثنائية، خصوصاً بعدما اختبرت حياة الخيام"، مشدداً على أن "أحداً لا يمكنه تعويض الضرر النفسي الذي سببه الزلزال. وأملي، بعد عامَين من حياة التشرد، أن تنتهي معاناتي بالاستفادة من التعويضات المخصصة لإعادة بناء البيوت المنهارة".

قضايا وناس
التحديثات الحية

ولم تكن ليلة الثامن من سبتمبر 2023 عادية في المغرب، إذ طاول الزلزال المدمر، الذي وُصف بأنه من بين الأقوى في تاريخ البلاد، ستة أقاليم هي الحوز ومراكش وشيشاوة وورزازات وتارودانت وأزيلال، ليشهد الناجون في تلك الأقاليم الدمار الكبير الذي غير حياة الآلاف إلى الأبد.

وفي إطار برنامج الطوارئ وتعويض المتضررين البالغ عددهم 2.8 مليون مغربي، منحت السلطات مساعدة مالية بقيمة 30 ألف درهم مغربي (نحو 3 آلاف دولار أميركي) للفئات الأكثر تضرراً، و140 ألف درهم (13.500 دولار) تعويضاً عن المساكن التي انهارت بالكامل، و80 ألف درهم (7700 دولار) لتغطية أشغال إعادة تأهيل مساكن انهارت جزئياً، وفقاً للبيانات الرسمية. كذلك أعلنت الحكومة إطلاق ورش لإعادة إعمار القرى التي دمرها الزلزال، بميزانية قدرها 120 مليار درهم (11.7 مليار دولار) على مدى خمس سنوات، تستهدف 4.2 ملايين نسمة، وقررت فتح اعتمادات بقيمة 2.5 مليار درهم (نحو 250 مليون دولار) من أجل المباشرة الفورية في مشاريع إعادة الإعمار العاجلة في مجالات التعليم والصحة والتجهيز والثقافة والسياحة والزراعة والأوقاف.

وفي وقت يقضي فيه بوتمارت يومه في البحث جاهداً عن سكن لائق لأسرته الصغيرة التي ما زالت في الخيام، اختارت "التنسيقية الوطنية لضحايا زلزال الحوز" الاحتفال بالذكرى الأليمة بالتظاهر أمام البرلمان المغربي بالعاصمة الرباط، تنديداً بما سمته "استمرار معاناة مئات الأسر التي ما زالت تعيش في خيام بلاستيكية مهترئة، وفي ظروف قاسية تحط من الكرامة الإنسانية، وسط محاولات متكررة لتفكيك هذه الخيام من دون توفير بدائل سكنية لائقة"، وكذلك رفضاً لـ"حرمان آلاف الأسر من التعويضات المالية المخصصة لإعادة بناء منازلها".

الصورة
بناء منازل بدلاً من تلك التي هدمها زلزال الحوز في المغرب - سبتمبر 2024 (غيّوم بينون/ Getty)
بناء منازل بدلاً من تلك التي هدمها زلزال الحوز في المغرب، سبتمبر 2024 (غيّوم بينون/ Getty)

ويوضح رئيس الائتلاف الوطني من أجل الجبل (غير حكومي) محمد الديش لـ"العربي الجديد" أن عودة المتضررين إلى الشارع للاحتجاج بعد عامَين من الفاجعة "خيار منطقي في ظل استمرار تدهور أوضاعهم، وعجز السلطات المحلية والمركزية حتى اللحظة عن إيجاد حلول ناجعة". يضيف أن "مشكلات عديدة ما زالت تلقي بظلالها على مستوى تدبير هذا الملف، خصوصاً على مستوى الدعم الموجه وإحصاء المتضررين". ويتابع الديش: "في الواقع، ما زلنا حتى اليوم نتلقى تظلمات وتسجيلات فيديو تؤكد أن ثمة مواطنين ما زالوا من دون مأوى أو في منازل غير قابلة للسكن. كذلك فإن عدداً كبيراً من المتضررين ما زالواً يعيشون حتى الساعة في الخيام البلاستيكية"، لافتاً إلى "عدم استفادة ضحايا آخرين من الدعم الحكومي، سواءً الجزئي أو الكلي، بسبب تعقيدات إدارية، إما مرتبطة ببطاقة التعريف الوطنية وإما مشكلات في ملكية السكن المتضرر".

في سياق متصل، يرى رئيس المكتب التنفيذي للجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان في المغرب (غير حكومية)، محمد رشيد الشريعي، أن استمرار الوضع على حاله سوف يدفع المواطنين إلى الاحتجاج بصورة متزايدة، إذ إن ذلك الوسيلة الوحيدة لإسماع صوتهم، بعدما قُطعت في وجههم كل قنوات التواصل الرسمية. ويقول الشريعي لـ"العربي الجديد" إن الاحتجاج ليس "خياراً اعتباطياً، بل نتيجة مباشرة لسياسة الصمت والمماطلة التي تنتهجها الحكومة والتي عمقت معاناة الضحايا بدلاً من تخفيفها". يضيف أن "المأساة الإنسانية التي خلفها زلزال الحوز ما زالت ترخي بظلالها الثقيلة على حياة آلاف الأسر التي وجدت نفسها بين ليلة وضحاها بلا مأوى"، منتقداً "الصمت المريب الذي تلتزمه الحكومة تجاه هذا الملف، بعدما اكتفت بخطابات متكررة تتحدث عن إحصاءات رسمية للمتضررين، من دون أن تقدم حلولاً ملموسة أو مشاريع ناجعة تعالج جذور المشكلة".

وكانت رئاسة الحكومة في المغرب قد أعلنت في العاشر من يوليو/ تموز 2025، بعد اجتماع للجنة البين وزارية المكلفة ببرنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة من زلزال الحوز، عن تقلص عدد الخيام في المناطق التي دمرها الزلزال إلى 47 خيمة فقط، علماً أن عددها بلغ 129 ألفاً بعد وقوع الكارثة. بدورها، أكدت البيانات الصادرة عن "وكالة الأطلس الكبير" (حكومية) هذه المعطيات.

في الإطار نفسه، أفادت لجنة القيادة والتتبع (حكومية) بأن برنامج إعادة البناء والتأهيل حقق تقدماً ملموساً، على الرغم من صعوبة التضاريس وتعقيدات المساطر، وقد بلغت نسبة إنجاز الأشغال 91.33% حتى 31 أغسطس 2025، مع الانتهاء من بناء نحو 24 ألف مسكن وفقاً لمعايير مضادة للزلازل، مع توقع بلوغ نسبة 96% خلال الشهرَين المقبلَين. وأضافت اللجنة أن الخيام أزيلت نهائياً بعد تعويض شاغليها بمنازل جديدة، في إشارة إلى أن مرحلة الإيواء المؤقت طُويت بالكامل، فيما أشارت إلى أن أشغال 3% فقط من الملفات لم تنطلق إلا أخيراً، بعد إشعار السكان ومواكبتهم من قبل السلطات المحلية.

إلى جانب ذلك، بيّنت اللجنة أن 4% من المتضررين لم يبدأوا بعد عملية البناء الخاصة بهم، شارحة أن هذه الحالات تعود إما إلى مشكلات بين الورثة، وإما إلى أسر امتنعت عن الشروع في الأشغال، على الرغم من تسلّمها الدفعة الأولى من الدعم. وتابعت اللجنة أنها اتخذت الإجراءات القانونية اللازمة في هذا المجال، بعد تذكير المعنيين بضرورة الانخراط في عملية البناء كبقية المستفيدين.

المساهمون