عاطف حنايشة شهيد مسيرة بيت دجن

عاطف حنايشة شهيد مسيرة بيت دجن

22 مارس 2021
لم يتخلّف يوماً عن المسيرة الأسبوعية التي تخرج بعد صلاة الجمعة (العربي الجديد)
+ الخط -

تحقّقت رؤية الحاجة زهية عبد الرحيم حامد، التي رأت بالمنام قبل فترة وجيزة، أنّ ابنها عاطف حنايشة (45 عاماً)، قد ارتقى شهيداً. ولم تكد تمر أيام قليلة، حتى قتلت قوات الاحتلال يوم الجمعة الماضي ابنها، خلال مشاركته في المسيرة الأسبوعية التي خرجت من قريته، بيت دجن، شرق نابلس، شمال الضفة الغربية المحتلة، ضدّ إقامة بؤرة استيطانية على أراضي القرية منذ عدة شهور. وقتلت قوات الإحتلال الإسرائيلي، الجمعة، الشيخ عاطف حنايشة، المؤذن المتطوّع بمسجد موسى بن نصير، في قرية بيت دجن، خلال مشاركته في المسيرة الأسبوعية في قريته بيت دجن، شرق مدينة نابلس، تنديداً بمحاولة المستوطنين إقامة بؤرة استيطانية هناك. وبذلك يكون حنايشة الشهيد الأول في القرية منذ انطلاق الفعاليات الشعبية هناك منذ عدة أشهر.

الشهيد عاطف حنايشة 2 - فلسطين (محمد أبو ثابت)
الشيخ عاطف حنايشة، مؤذن متطوّع بمسجد موسى بن نصير (العربي الجديد)

بدت الحاجة زهية (73 عاماً) متماسكة، وسط النسوة اللواتي تحلّقن حولها، وقالت لـ"العربي الجديد": "طلبها ونالها، عاطف كان بدو يستشهد، قلت له إني حلمت فيه شهيداً، فأجابني فوراً الله يسمع منك يمّا". تدخل مزيد من النسوة إلى بيت العزاء باكيات على شاب قتل برصاص قناص إسرائيلي، وترك وراءه ثلاثة أولاد (بكر ومحمد) وأصغرهم الطفلة ليان، ابنة العشر سنوات، وهي تصارع مرض السرطان، غير أنّ الأم ترد عليهن "الله أعطاه اللي في باله، لو كانت الشهادة بفلوس كان جمع كلّ ماله حتى ينالها، والله أكرمه فيها لأنه صادق وشريف". تؤكّد الأم، "أوصاني بأن لا أبكي عليه، بالعكس أن أفرح وأزغرد، قلت له يا عاطف عندك أطفال صغار، وأنا أم، والأم لا تحب فراق أولادها، فردّ عليّ: "إذا الله بحبك بتصيري أم الشهيد"". وفي عيد الأم، تقول الحاجة زهية: "لم يقصّر عاطف معي أبداً، كان دائماً يطلب مني أن أرضى عنه، وماذا سأجد هدية أعظم من الشهادة!".

ويعمل حنايشة في منجرة بقريتهم مع أخيه واصف، لكنه تطوّع منذ أكثر من عشرين عاماً لرفع الآذان في مسجد موسى بن نصير، القريب من بيته، ولاحقاً بات يعطي دروساً في حفظ القرآن لأبناء الحيّ. والشهيد من المحسوبين على حركة حماس، وهو من نشطائها، وقد سبق واعتُقل في سجون الاحتلال الإسرائيلي لمدة عام، كما أنه تعرّض لإصابة في قدمه إبان انطلاق انتفاضة الأقصى الثانية التي اندلعت عام 2000، ولم يتم إزالة الرصاصة من قدمه حتى استشهاده. يقول شقيقه الأصغر، واصف حنايشة، لـ"العربي الجديد": "كل بيت دجن تحب عاطف، لم يحدث يوماً أن اختلف مع شخص فيها. تربطه علاقات طيبة مع كافة الأطياف السياسية في القرية. بيت دجن كما محافظة نابلس وكلّ من عرفه في فلسطين، حزنوا على فراقه. أخي كان رجلاً وحدوياً بامتياز، بوصلته كانت فلسطين والقدس، ولم يسعَ خلف أيّ مكسب سياسي، إن كان من هذا الفصيل أو ذاك، حتى في غيابه قدّم نموذجاً يقتدى به".
وأكّد شقيق الشهيد نية العائلة ملاحقة الاحتلال على جريمة قتل حنايشة، وقال: "لم نمانع تشريح جثمانه الطاهر، نحن متأكدون أنه استُهدف برصاصة قناص عن قصد وتعمد، الرصاصة كانت قاتلة، والهدف منها إنهاء حياته". أمّا محمد أبو ثابت، وهو مواطن من بيت دجن، فيشير إلى أنّ الشهيد حنايشة لم يتخلّف يوماً عن المسيرة الأسبوعية التي تخرج بعد صلاة الجمعة نحو الأراضي المهددة بالمصادرة والاستيطان في شرق القرية، بل كان دوماً من الداعين لها، وفي مقدمة من يواجهون جيش الاحتلال الإسرائيلي.

الشهيد عاطف حنايشة3 - فلسطين (محمد أبو ثابت)
(محمد أبو ثابت)

يقول أبو ثابت: "لا أبالغ إن قلت إنّ الشهيد لعب دوراً كبيراً في تطوّر المسيرة وديمومتها، من خلال حثّ الآخرين على المشاركة بها وعدم التراخي في مواجهة أيّ نية للمستوطنين لوضع قدم لهم في المنطقة المستهدفة". كما لا يستبعد أبو ثابت أن يكون الاحتلال قد استهدف الشهيد حنايشة عن سبق الإصرار، ويقول: "بغضّ النظر عن دقة الخبر الذي قيل إنه نُشر في الإعلام العبري، حول اعتراف جيش الاحتلال الإسرائيلي باستهداف الشهيد، بوصفه (من قيادات حماس ومحرّضا مركزيا)، إلاّ أنّ الدلائل جميعها تؤكد ذلك، إذ إن أصابته في رأسه مباشرة، رصاصة متفجّرة، أطلقها قناص متمرّس. كما أعتقد أنّ الاحتلال يريد أن يوصل رسالة، حول خشيته من دور عناصر حماس التي باتت تشارك بفعالية واضحة في النشاطات الميدانية في قريتنا، خاصة أنّ مسيرة الجمعة، كانت تحت عنوان (إحياء ذكرى استشهاد الشيخ المؤسس أحمد ياسين)، الذي يُصادف في الحادي والعشرين من مارس/آذار من كل عام".

المساهمون