عائلة أبو نعيم الفلسطينية حارسة أرضها في المغير من اعتداءات المستوطنين
استمع إلى الملخص
- بدأت العائلة بتطوير أرضهم قبل عشر سنوات، لكنهم واجهوا عقبات من الاحتلال الإسرائيلي، مما اضطرهم لإقامة خيام بدلاً من البركسات لتقليل التكاليف وتجنب الهدم.
- تعاني العائلة من صعوبات يومية، بما في ذلك اعتداءات على فاطمة، صعوبة وصول الأطفال للمدرسة، ونقص الموارد المادية، مما يعقد حياتهم اليومية.
منذ قرابة عامين تغيّرت حياة الفلسطينية فاطمة أبو نعيم (أم رزق) وعائلتها في قرية المغير شمال شرق رام الله وسط الضفة الغربية، إذ أصبحت إلى جانب والدة زوجها، خطّا الدفاع الأول عن عزبة عائلتها الزراعية (مزرعة تضم بيتاً زراعياً) وتقع في المنطقة الجنوبية من القرية، في مواجهة مضايقات واعتداءات المستوطنين شبه اليومية.
تمتلك عائلة أبو نعيم منزلاً في قرية المغير، لكنها لم تقض فيه أي ليلةٍ منذ بداية حرب الإبادة، بحسب ما تقول فاطمة لـ "العربي الجديد"، على عكس ما كان الوضع عليه قبل تكثيف اعتداءات المستوطنين، فهي لا تستطيع ترك العزبة حين يكون زوجها في العمل، خشية قيام المستوطنين بتخريبها أو حرقها.
تعتمد عائلة أبو نعيم على تربية المواشي والثروة الحيوانية. وكغيرها من أهالي قرية المغير، كانت تربي الأغنام في "عزب" بمنطقة الغور، المرتفعات المطلة على الأغوار الفلسطينية شرق الضفة الغربية. لكن قبل نحو عشر سنوات، قررت العائلة، بحسب ما يقول زوجها همام أبو نعيم لـ"العربي الجديد"، شراء أرض بين المغير وكفر مالك، لإقامة مزرعة وحظائر. يوضح همام: "أن العائلة اتخذت القرار لعدة أسباب أهمها، حاجة الأطفال للوصول إلى المدرسة عبر طريق قريبٍ وآمنٍ، ناهيك عن مضايقات المستوطنين، لكن لا يمكن مقارنتها بما يقومون به في هذه المرحلة".
بدأت العائلة قبل عشر سنوات بتجريف الأرض التي اشترتها، فسارع الاحتلال عبر "الإدارة المدنية" التابعة لجيشه، لإخطارهم بأمر وقف العمل، بحجة عدم الترخيص في منطقة مصنفة "ج" وفق اتفاق أوسلو. اضطرت العائلة لإقامة خيام من أنابيب معدنية كهيكل، يحمل شوادر بلاستيكية تغطي السقف والجوانب، بدلا من إقامة بركسات (غرف من الصفيح)، يقول همام: "إن ذلك بسبب الفرق في التكلفة، فالعائلة لا تعلم متى يمكن أن تتعرض منشآتها للهدم من قوات الاحتلال بحجة عدم الترخيص".
في شهر يوليو/ تموز الماضي، كان شقيق همام يقيم عزبة مشابهة في أرض مجاورة استأجرها، نتيجة لقربه من البؤرة الاستيطانية على مسافة لا تزيد عن 300 متر، اضطر في البداية لنقل أبنائه إلى داخل القرية خوفاً عليهم، ثم قامت الإدارة المدنية التابعة لجيش الاحتلال بهدم بركساته، ما دفعه للرحيل.
على مدار عامين، تسببت هجمات المستوطنين في هجرة العشرات من التجمعات البدوية والعزب الزراعية في الضفة الغربية، وكان لمنطقة شرق وشمال شرق رام الله نصيب كبير من ذلك، خاصة في المنطقة الواقعة بين المغير وكفر مالك وتحديداً عين سامية وهي أحد أهم مصادر المياه في رام الله.
يقطن الكثير من العائلات في المنطقة، لكن همام وعائلته الأقرب إلى البؤرة على بعد كيلومتر واحد تقريباً، وهي تفصلهم عن عين سامية، وتعتبر عزبة أبو نعيم الأكثر تعرضاً للمضايقات. تقول فاطمة أبو نعيم: "المضايقات يومية، ووصل الأمر في إحدى المرات إلى أن ضربني مستوطن. وعندما أمسكت بحجر ورفعته بيدي دون أن أضربه، قدّم المستوطنون شكوى ضدّي، فاعتقلني جيش الاحتلال، ولم يُفرج عني إلا بعدما أظهر فيديو صوره متضامن أجنبي يُوثّق عملية الاعتداء عليّ".
تؤكد فاطمة أبو نعيم أن وجود المتضامنين بشكل دائم يساعدهم على البقاء في العزبة والتمسّك بالأرض. فالأغنام، منذ أشهر، نقلها زوجها إلى مكان أقرب إلى القرية خشية تكرار سرقتها أو قتلها. قبل أربعة أشهر، سرق مستوطنون الأغنام، وتمكّن أهالي القرية من استعادتها، لكن همام اعتُقل بعد ادعاء المستوطنين أنه سرق أغنامهم، رغم أن ما فعله كان مجرد استعادتها منهم.
تخبز فاطمة على الحطب، لكنها لا تستطيع زراعة الأرض المجاورة للخيام، ولم تعد الأغنام تتواجد فيها. لذلك، يقتصر وجودها في العزبة فقط للحفاظ على الأرض، ولا تستطيع العودة إلى منزلها، حيث كانت سابقاً ترافق والدة زوجها وأطفالها إلى المنزل لفترة تتراوح بين 3 و4 أشهر من كل عام، وهو الوقت الذي تتراجع فيه إنتاجية الثروة الحيوانية.
وبسبب الوضع الحالي، لا يستطيع همام القيام بأي عمل آخر إضافي لانشغاله بتربية الأغنام، لأنه يضطر إلى العودة بشكل متكرر إلى العزبة، حيث زوجته ووالده ووالدته وأطفاله، بعد أن كان خلال هذه الفترة من العام يعمل في قطاف الزيتون، وفي أوقات أخرى في ورشات البناء، لكنه الآن يضطر للذهاب للاعتناء بالأغنام لساعات معدودة والعودة سريعاً إلى العزبة.
أما الأطفال، وعددهم خمسة، فتفضل والدتهم فاطمة إبقاءهم مع والدهم حين يكون في حظائر الأغنام، خشية تعرضهم لأي خطر أثناء الاعتداءات. وكانت تأخذهم إلى المدرسة باستخدام مركبتها المخصّصة للأغراض الزراعية، لكن جيش الاحتلال صادرها بحجة عدم الترخيص. تقول: "المستوطنون هم من أرسلوا الجيش لمصادرتها، وكلما رأوها يسألونها باستهزاء: كيف يذهب أبناؤك إلى المدرسة؟".
لا تستطيع فاطمة أبو نعيم شراء مركبة مرخّصة لعدم توفر الإمكانات المادية، وحتى لو توفرت، فإنها تخشى أن يحرقها أو يحطمها المستوطنون، الذين يسعون دائماً لإلحاق الأذى بالعائلة. فقبل أيام، قام أحد المستوطنين بفتح صنبور المياه من الخزان الصغير الذي تستخدمه العائلة وإفراغه بالكامل، مع بقائه بالقرب من الصنبور لمنع أي شخص من إغلاقه. وتعدّ عملية إيصال المياه إلى العزبة صعبة، إذ يتجنّب أصحاب الجرارات الزراعية نقل المياه خشية اعتراض المستوطنين لهم.