استمع إلى الملخص
- يقدر عدد المغربيات المحتجزات في شمال سورية بـ97 مع 259 طفلاً، و130 رجلاً معتقلاً، و25 طفلاً يتيماً، وتكثف التنسيقية الوطنية جهودها لحمايتهم وإعادتهم.
- أوصت لجنة نيابية مغربية بإحداث مؤسسة وطنية لتدبير ملف المعتقلين، وإصدار قوانين تسهل إعادتهم وإدماجهم، مع مراعاة التحديات الأمنية.
لا يزال ملف المغاربة المعتقلين في سورية عالقاً من دون إحراز أي تقدم، رغم مرور أكثر من ثلاثة أشهر على إسقاط فصائل المعارضة نظام الأسد في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
وفي وقت تسود حالة ترقب ممزوجة بالخوف والقلق على عائلات هؤلاء المعتقلين بشأن مصيرهم في سورية، تعوّل بعضها على إعلان الرئاسة السورية أخيراً توقيع اتفاق يقضي بإدماج قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ضمن مؤسسات الدولة، من أجل إنهاء معاناة المعتقلين المستمرة منذ سنوات وإنقاذهم.
يقول شقيق أحد المعتقلين في سورية الذي طلب عدم كشف اسمه لـ"العربي الجديد": "الوضع غامض للغاية، ولا تتوفر معلومات دقيقة عن مصير المعتقلين، وتخشى العائلات أن تتفاقم معاناتهم".
ويلفت إلى أن "الظروف القاسية التي يعاني منها المعتقلون من انعدام أدنى مقومات الحياة الإنسانية داخل السجون والمخيمات، وغياب الحماية القانونية والمساعدة الدولية، تجعلهم عرضة لمزيد من المعاناة الجسدية والنفسية، لذا نطالب السلطات المغربية بالتدخل العاجل لإعادتهم إلى الوطن".
ويقول رئيس التنسيقية الوطنية لعائلات المغاربة المحتجزين في سورية والعراق (غير حكومية) عبد العزيز البقالي لـ"العربي الجديد": "تنتظر العائلات بفارغ الصبر سماع أي خبر عن أبنائها، والاتفاق الذي وقعه الرئيس السوري مع مسؤولي قسد يُعيد الأمل إليها في إمكانية إنهاء معاناة استمرت سنوات، وإعادتهم إلى أرض الوطن". ويرى البقالي أن "إشراف الإدارة السورية على المعتقلين المغاربة خيار أفضل، إذ إنها توفر فرصة حقيقية للعمل لتسليمهم إلى دولهم، وهو ما نأمل أن يحصل في وقت قريب، في إطار احترام حقوق الإنسان، تمهيداً لضمان عودتهم وفق مسار قانوني واضح". يتابع: "نتمنى أن يبادر المسؤولون المغاربة بتنفيذ إجراءات في هذا الاتجاه، وفتح السفارة المغربية بدمشق، للعمل على حل الملف، لأن مأساة النساء والأطفال والشباب كبيرة في السجون والمخيمات".
ويُقدّر عدد المغربيات المحتجزات في مخيمات شمال سورية التي تديرها "قسد" بنحو 97 مع 259 من أطفالهن. ويتوزعن على مناطق عدة، أبرزها مخيما الهول والروج شرقي محافظة الحسكة. ويبلغ عدد الرجال المغاربة المعتقلين نحو 130، إضافة إلى 25 طفلاً يتيماً، وفق معطيات للتنسيقية الوطنية لعائلات المغاربة المحتجزين في سورية والعراق.
وبحسب المكتب المركزي للأبحاث القضائية المكلف بمحاربة الإرهاب، بلغ عدد المغاربة الذين التحقوا بالقتال في سورية والعراق 1659 قتِل 745 منهم، في حين اعتقلت السلطات الأمنية المغربية 270 منهم لدى عودتهم إلى البلاد، وذلك بموجب قانون مكافحة الإرهاب المغربي الذي يفرض عقوبات تصل إلى السجن 15 عاماً لمن ينضمون إلى جماعات إرهابية في الخارج.
ومنذ سقوط نظام الأسد كثّفت التنسيقية الوطنية لعائلات المغاربة المعتقلين والمحتجزين في سورية والعراق تحركاتها من أجل حمايتهم وإعادتهم إلى البلاد، وكان أبرزها مطالبتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بالتدخل فوراً لحماية المعتقلين. كما وجهت نداءً إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس وكل المسؤولين في المغرب لـ"النظر بعين الرحمة إلى الوضع المأساوي الذي يعيشه المغاربة العالقون في سورية، خصوصاً النساء والأطفال".
وتطرح عودة المعتقلين في سورية والعراق الذين كانوا ينتمون إلى تنظيمي "القاعدة" و"داعش" وموجودين في سجون "قسد" خصوصاً، إشكاليات عدة من بينها إعادة الإدماج، وضمان عدم استغلال بعضهم عودته إلى الوطن لتنفيذ عمليات إرهابية.
ونُفذت العملية الأخيرة لاستعادة أطفال ونساء تنظيم "داعش" في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، حين قدمت السلطات المغربية طلباً إلى السلطات العراقية لإعادة طفلة قضت سبع سنوات برفقة والدتها في سجن بالعراق، حيث كانت تنفذ عقوبة السجن المؤبد بموجب قانون الإرهاب.
ومع تصاعد المطالبة الحقوقية بإعادة المغاربة المعتقلين في سورية والعراق، رغم تعقيدات ملفاتهم واختلاف المعلومات المتوافرة حولها، شكل مجلس النواب المغربي في ديسمبر/ كانون الأول 2020 لجنة نيابية استطلاعية للوقوف على أوضاعهم، وأسندت رئاستها إلى الأمين العام لحزب "الأصالة والمعاصرة" وزير العدل الحالي عبد اللطيف وهبي. وضمت اللجنة 16 برلمانياً من كتل تمثل الغالبية والمعارضة معاً.
وفي إطار المساعي التي تبذلها لوضع خريطة طريق للحدّ من معاناة هؤلاء المعتقلين، استمعت اللجنة النيابية إلى وزير الخارجية ناصر بوريطة حول أوضاع المعتقلين وتحديات إعادتهم إلى البلاد، وأيضاً إلى أفراد من عائلاتهم، كما التقت عدداً من مسؤولي المنظمات الدولية التي تتابع هذا الملف.
وأوصت اللجنة، في ختام أعمالها، بإحداث مؤسسة وطنية تتكفل بتدبير الملف بالتنسيق مع الحكومة والمجتمع المدني الفاعل في المجال والمؤسسات الدينية والبحثية والأكاديمية، ومختلف المؤسسات الدستورية والقضائية والأمنية المعنية. ودعت إلى إصدار قوانين إطار وقوانين تضع الإطار التشريعي لمعالجة الأوضاع الخاصة والاستثنائية التي يوجد فيها الأطفال والنساء المغاربة العالقون في بؤر التوتر في سورية والعراق، من أجل تسهيل إعادتهم بسرعة، وإدماجهم في ظروف سليمة بمحيطهم العائلي والاجتماعي.