عائلات تؤجّر أطفالها لشبكات التسوّل في العراق

عائلات تؤجّر أطفالها لشبكات التسوّل في العراق

01 يوليو 2022
تحذيرات من الإهمال الحكومي لهذه الظاهرة وتأثيراتها على المجتمع (صباح عرار/فرانس برس)
+ الخط -

كشفت السلطات الأمنية في العراق عن تزايد خطير في ظاهرة التسول بعموم محافظات البلاد، مؤكدة أن عائلات عراقية تؤجّر أطفالها لشبكات التسول مقابل مبلغ مالي يومي، وسط تحذيرات من الإهمال الحكومي لهذه الظاهرة وتأثيراتها على المجتمع.

وباتت ظاهرة التسول في بغداد والمحافظات الأخرى مقلقة مجتمعياً، لا سيما مع ارتفاع أعداد المتسولين من مراحل عمرية مختلفة ومن كلا الجنسين، وقد اعتُقل عشرات المتسولين خلال الفترات السابقة.

ووفقاً لمدير الشرطة المجتمعية بوزارة الداخلية العراقية العميد غالب العطية، فإن "ظاهرة التسول سجلت تزايداً مقلقاً في المجتمع العراقي، وذلك يعود لعدة أسباب، من أهمها العنف الأسري الذي يمارس داخل العائلات، وما له من تأثيرات سلبية"، مبينا في تصريح لقناة العراقية الإخبارية الرسمية أن "هناك عائلات تؤجر أطفالها للتسول مقابل مبلغ 25 ألف دينار عراقي في اليوم الواحد (17 دولارا)".

وأضاف أن "هناك ثلاث فئات من المتسولين، الأولى تتضمن الفقراء الحقيقيين، والثانية من فئة الشباب، وغالباً ما تكون أسبابها نفسية، أما الثالثة وهي الأخطر فتتضمن المافيات والعصابات التي تقود مجموعات للتسول"، مشيرا إلى أنه "بحسب الإحصائيات، فإن غالبية المتسولين في البلاد هم من الفئة الأولى (الفقراء)".

وأكد أن "القوات الأمنية تتابع الملف، وهي مستمرة بملاحقتهم، إذ يُقبض يومياً على أعداد من عصابة التسول".

وكانت وزارة الداخلية العراقية قد حذّرت، مرات عدة، من مافيات تدير شبكات التسول في البلاد، وأنها تستغل النساء والأطفال، مؤكدة سعيها لوضع الخطط الكافية للحد من انتشارها.

ولا تبدو تلك الخطط، التي من بينها حملات الاعتقال التي تطاول عشرات المتسولين، مجدية في القضاء على الظاهرة والحد من مخاطرها.

وترى الناشطة في مجال حقوق الإنسان، فاطمة العبيدي، أن "مسؤولية اتساع ظاهرة التسول لا يمكن تحميلها للعائلة فقط، إذ إن القسط الأكبر يقع على عاتق الحكومات التي تعاقبت على البلاد بعد العام 2003، والتي لم تتخذ أي خطوات لمحاربة الظاهرة وإيجاد الحلول الناجعة لها"، مبينة لـ"العربي الجديد" أن "السياسات الحكومية في البلاد تهمل الجانب المجتمعي، وتنشغل بالجوانب الأمنية والاقتصادية والصراعات السياسية، على الرغم من أن أغلب المشاكل والأزمات في مفاصل الحياة ناجمة عن التأثيرات السلبية التي يعيشها المجتمع".

وأكدت "قدمنا كمنظمات مدنية معنية بحقوق الإنسان دراسات وأقمنا ندوات تثقيفية للتوعية بمخاطر هذه الظاهرة، وبحثنا في مخرجات تلك الندوات والمؤتمرات، إلا أننا لم نجد أي تفاعل من الجانب الحكومي إزاءها"، مشيرة إلى أن "استمرار إهمال الظاهرة خطير للغاية، وعلى الحكومة أن تتابعها وتعالج أسبابها، أفضل من معالجة المشاكل الناجمة عنها".

وتعرضت الحكومات العراقية المتعاقبة على البلاد لانتقادات كثيرة بسبب تقصيرها بمتابعة الملف، الذي يعد من أخطر الملفات تأثيرا على المجتمع، ما دفع الحكومة الحالية إلى التوجه نحو تنفيذ حملات متتالية لاعتقال المتسولين والتحقيق معهم، إلا أن ذلك لم ينه الظاهرة أو يحجّمها.

المساهمون