طموح الهجرة... قرار بايدن يعيد الأمل للعراقيين

طموح الهجرة... قرار بايدن يعيد الأمل للعراقيين

03 فبراير 2021
ينزح من مخيم إلى آخر داخل العراق (أحمد الربيعي/ فرانس برس)
+ الخط -

تجددت آمال عراقيين بالوصول إلى الولايات المتحدة، بصفة لاجئين، بعد انتظارٍ دام لأكثر من أربع سنوات، وذلك بناءً على وعودٍ أطلقها الرئيس الأميركي جو بايدن، بعودة استقبال اللاجئين في البلاد، خلافاً لما اتخذه سلفه دونالد ترامب بهذا الخصوص. ويقيم عشرات آلاف العراقيين منذ سنوات في بلدانٍ عدّة، أبرزها تركيا، والأردن، ولبنان، ومصر. إذ توصَف تلك الدول بمحطات اللجوء، لمواطني العراق. 
وكانت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، عرقلت خلال ما يزيد عن أربع سنوات، وصول لاجئين إلى الولايات المتحدة من خلال برنامج الأمم المتحدة، بزعم حماية الأميركيين من الإرهاب. الأمر جعل من الصعب على كثيرين السفر إلى البلاد، من أجل الدراسة، والعمل، والبحث عن ملجأ، بينما تقطعت أوصال العديد من العائلات بسبب إيقاف برنامج لمّ الشمل للعائلات، حيث يتيح استقدام الأب لوالديه وأشقائه وزوجته وأولاده (الدرجة الأولى في العائلة). لكنّ بايدن يختلف في سياسته عن ترامب في هذا الخصوص، إذ وعد بعودة استقبال اللاجئين والمهاجرين، ورفع العدد الذي ستستقبله بلاده. هذا الأمل، كان ينتظره آلاف العراقيين الذين يقطنون منذ سنوات في بلدان محطات اللجوء، وهم مسجلون في برنامج الأمم المتحدة للجوء.
في مدينة سكاريا، وسط تركيا، يقيم زهير العيساوي وأسرته المكونة من زوجة وولدين. كانوا على أعتاب السفر إلى الولايات المتحدة في نهاية 2017، لكنّ فوز ترامب بالرئاسة أوقف سفرهم بحسب العيساوي، الذي تحدث لـ"العربي الجديد". ففي عام 2013، غادر العيساوي وأسرته العراق، وتوجهوا إلى تركيا، بغية التقديم إلى مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وهو يحمل معه ما يؤكد تعرّضه وأسرته للخطر من قبل مليشيات طائفية.

يقول العيساوي: "اللجنة المكلفة بمتابعة ملف طلب اللجوء الخاص بنا، اقتنعت بالظلم الذي نواجهه، والخطر الذي يداهم حياتنا، وعليه جرت الموافقة على سفري إلى الولايات المتحدة، وسار الأمر على ما يرام، ولم تكن أمامنا سوى إجراءات بسيطة، وانتظار موعد الطيران".

يضيف: "كلّ هذا تأجل مع تولي دونالد ترامب للسلطة عام 2017. خسرنا الكثير من الوقت، والجهد، والمال ونحن هنا في تركيا ننتظر. فلا نستطيع العودة إلى بلدنا، بسبب ما ينتظرنا من مخاطر، ولا نستطيع السفر إلى الولايات المتحدة والبدء بشق طريقنا من جديد وبناء مستقبلنا". لكنه يتوقع أن تنتهي مشكلتهم، خلال العام الحالي، بناء على سياسة بايدن المتساهلة تجاه اللاجئين، بحسب اعتقاده، و"إلا فأنا مهدّد من قبل عصابات طائفية داخل العراق. حرقوا منزلي، وقتلوا شقيقي، وحتى إن لم يتعرضوا لحياتي أو حياة أسرتي، كيف لي أن أضمن أن ينال ولداي حياة آمنة، في ظلّ الوضع غير المستقر في وطني؟".
وعلى الرّغم من تأكيد الحكومة العراقية، منذ نهاية العام 2017، تحقيقها للأمن من خلال الانتصار على تنظيم "داعش"، لكن لا تزال تقع عمليات مسلّحة يتبناها التنظيم، وآخرها كان التفجير الانتحاري المزدوج الذي وقع في ساحة الطيران، في بغداد، وأدى إلى وفاة وإصابة أكثر من 200 شخص.
في السياق، تقول راوية عبد الحميد، إنّها هربت مع أفراد أسرتها إلى الأردن، بعد مقتل زوجها في تفجيرٍ إرهابي، عام 2012، ومنذ ذاك الحين لم تعد إلى العراق. وتوضح لـ"العربي الجديد"، أنّها أمّ لأربعة أولاد. ومنذ 6 أعوام، تقدموا بطلب إلى مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة بهدف قبولهم بصفة لاجئين في الولايات المتحدة.

مهاجر عراقي في شمال فرنسا (سمير الدومي/ فرانس برس)
مهاجر عراقي في شمال فرنسا (سمير الدومي/ فرانس برس)

وتقول: "الأشخاص الذين أشرفوا على ملف أسرتي في الأمم المتحدة، تعاطفوا مع قضيتنا. قلت لهم إنه لم تكن لنا أية عداوات، ولم يكن لزوجي أي خلاف مع أي جهة، ولم يكن مهدداً من قبل أحد، لكنه قُتل في تفجيرٍ إرهابي استهدف مفرزة للشرطة، راح ضحيته عدد من المدنيين، كان زوجي من بينهم. كلّ ذلك جرى بسبب انعدام الأمن في العراق، لذلك لا أريد أن يكون مصير أطفالي مثل مصير والدهم، وأبحث عن بلد يعيشون فيه بسلام". 
وتقول راوية، إنّ دونالد ترامب تسبّب لها ولأفراد أسرتها بـ"صدمة"، واصفة إياه بـ "غير الإنساني". وتضيف: "لولا سياسته المناهضة لطموح الهاربين من العنف، والباحثين عن الأمان والسلام، لكان أولادي اليوم يحققون حلمهم بمواصلة تعليمهم، ونعيش باستقرار في بلدٍ جديدٍ. لكننا نأمل أن يتغير الحال في عهد جو بايدن".

وفي ظلّ الظروف الأمنية الصعبة التي يعيشها العراقيون داخل بلدهم منذ سنوات طويلة، إضافة إلى عمليات الانتقام التي تحصل، نتيجة سيطرة مليشيات طائفية، وجماعات إرهابية على مناطق في البلاد، يضطر عدد كبير من العراقيين إلى مغادرة بلدهم، منذ أكثر من 15 عاماً. ينجح كثيرون منهم في الوصول إلى بلدان مثل الولايات المتحدة، وأستراليا، وكندا، وأوروبا، وينالون جنسياتها. يصلون إلى هناك سواء عن طريق اللجوء الذي توفره الأمم المتحدة، أو عن طريق الهجرة بشقيها، الشرعية والسرية، وما زال آخرون ينتظرون دورهم في القبول بصفة لاجئين في بلدان مختلفة من العالم.

لجوء واغتراب
التحديثات الحية

من جهته، يقول شهاب حماد، الذي ينتظر تلقيه أمراً بالسفر إلى الولايات المتحدة، حيث نال القبول بصفة لاجئ منذ العام 2016، إنّه يعيش حالة نفسية صعبة، بسبب عدم وضوح مستقبله الذي قضى أكثر من ستة أعوام منه وهو يعيش على أمل سفره. حماد، الذي كان على وشك مناقشة أطروحة الماجيستير في النظام البيئي، في جامعة بغداد عام 2014، اختُطف من قبل مسلحين، وتمّ الإفراج عنه بفدية مالية. يؤكد أنّه عاش فترة صعبة طيلة شهرين، لم يستطع بعدها التأقلم في العيش داخل العراق، فقرر الهجرة، وطلب اللجوء إلى الولايات المتحدة. ويقول شهاب الذي يسكن في مدينة دوزجة التركية: "يفضل العراقيون الولايات المتحدة لأنها من أكثر البلدان التي تفتح باب اللجوء بأعداد كبيرة، للأشخاص الذين حياتهم بخطر في بلدانهم، ولكونها تتيح مجالات واسعة للعمل والدراسة". ويضيف: "العديد من الذين أعرفهم، لم يتحملوا الانتظار طويلاً للوصول إلى الولايات المتحدة، فسلكوا طرق التهريب وصولاً إلى دول أوروبية، وللأسف بعضهم غرق في البحر".

المساهمون