غياب مؤسسات الدولة يهدد مستقبل طلاب شرق سورية مع اقتراب الامتحانات
استمع إلى الملخص
- تعبر الأمهات عن قلقهن من الصعوبات المالية والأمنية في إرسال أبنائهن إلى دمشق، مطالبات بحقوق التعليم وحل سريع لحماية مستقبل الطلاب.
- يوضح الأهالي التحديات المالية واللوجستية في تسجيل أبنائهم للامتحانات، معبرين عن استيائهم من الوضع الذي يهدد مستقبل آلاف الطلاب، ومطالبين الجهات المعنية بالتدخل لحل الأزمة.
تواجه العائلات المقيمة في مناطق سيطرة "الإدارة الذاتية" شمال شرق سورية مشكلة كبيرة مع اقتراب موعد الامتحانات النهائية لشهادتي التعليم الأساسي والثانوي، وذلك بسبب عدم إمكانية تقديم أبنائها للامتحانات في المدارس التابعة للحكومة السورية ضمن مناطق سيطرة "الإدارة الذاتية"، حيث توقفت جميع مؤسسات الدولة عن العمل، منذ سقوط نظام بشار الأسد. هذا الواقع يدفع العائلات إلى خيارات محدودة، منها إرسال أبنائها إلى محافظات أخرى بهدف تقديم الامتحانات، أو البقاء ضمن مناطقهم، مع ما يترتب على ذلك من ضياع للمستقبل الدراسي.
تقول فاطمة الأحمد لـ"العربي الجديد": "لدي ابن في الصف الثالث الثانوي، وابنة في الصف التاسع، ولم نعد نعرف ماذا نفعل، يجب أن يذهبا لتقديم الامتحانات في دمشق، لكن الظروف المادية صعبة جداً، لا يمكنني إرسالهما بمفردهما، ولا أستطيع التخلي عنهما في هذا الوضع. الوضع الأمني في دمشق سيئ جداً، لا ماء ولا كهرباء، والطالب بحاجة إلى الهدوء والأمان ليتمكن من التركيز". تضيف: "ضحينا كثيراً من أجل تعليم أولادنا، وسجلناهم في دورات منذ سنتين رغم الظروف الصعبة، نطالب بحقوقنا وحقوق أولادنا في التعليم، لأن كل شيء يمكن تعويضه إلا الدراسة. والله تعبنا من هذا الوضع".
أما إلهام قاسم، والدة الطالبة نور أحمد، فقالت لـ"العربي الجديد": "لا نعرف ماذا نفعل، ابنتي في الصف التاسع، وسجلناها في دورات منذ سنتين، لكن وضعنا المادي سيئ جداً. كنا نعتمد دائماً على الموسم الزراعي، وكما تعلم، لم يعد هناك مواسم أصلاً". تضيف: "تعبنا كثيراً من أجل هذه الفتاة، والحال نفسه عند الجميع. نحن في حالة رعب من فكرة السفر إلى دمشق. حتى إن استطعنا تأمين المال، فنحن نخشى الذهاب لأن الوضع الأمني هناك سيئ جداً، نطالب بحقوق الطلاب ومستقبلهم الذي أصبح مجهولاً، أنا أتحدث عن ابنتي فقط، لكن هناك الكثير مثلها. يجب إيجاد حل سريع، لأن مستقبل 14 ألف طالب وطالبة على المحك".
وتختم بالقول: "تحملنا البرد والجوع والعطش من أجل مستقبل أولادنا، ولكن لا نريد لأحد أن يقترب من هذا المستقبل. إذا ضاعت الدراسة، فسنعيش مع جيل فاشل في كل شيء، لماذا تعطى الدراسة في الدول الأوروبية المرتبة الأولى؟ لأنهم يقدمون كل الدعم لطلابهم، أما طلابنا، فيعيشون في ظلم وضغط كبير، أنا أرفع صوتي، ويجب أن يصل للجهات المعنية. كل شيء يمكن تعويضه، إلا مستقبل أولادنا. من فتح مدرسة، أقفل سجناً".
من جانبه، يقول ياسر الشيخ لـ"العربي الجديد": "ابني في الصف الثالث الثانوي (البكالوريا)، وابنتي في الصف التاسع. ابني ذهب إلى دير الزور لتقديم الامتحان، وإذا أراد الاستئجار، فنحن بحاجة إلى نحو ثمانية ملايين ليرة سورية لتغطية تكاليف الإيجار والمصروف خلال 25 يوماً، أما التنقل ذهاباً وإياباً، فيكلف يوميا نحو 300 ألف ليرة سورية، ويستغرق أربع ساعات على الطريق، وهو أمر مرهق للغاية". أضاف: "ابنتي سجلناها في دمشق، لكنني في حيرة من أمري، أريد أن أرافقها، وهذا يعني أنني سأتوقف عن عملي، وأستأجر بيتاً، وأتحمل مصاريف إضافية، وهذا أمر بالغ الصعوبة، وهي أيضاً ستعاني هناك".
ويشكو أيضاً أحمد اليوسف، في حديثه لـ"العربي الجديد"، من الوضع الراهن، قائلاً: "صراحة، عدم قدرتي على تسجيل ابني في الصف التاسع هذا العام في القامشلي كان صادماً جداً بالنسبة لنا، إذ لا توجد إمكانية لذلك في المدينة، وكان الأمر صعباً للغاية. أما نقله إلى محافظة أخرى فهو أمر شديد الصعوبة، ولا أستطيع إرساله دون أن أرافقه، لذلك، اضطررت إلى تسجيله هذا العام في صفوف الإدارة الذاتية، رغم كل الصعوبات والمشاكل، على الأقل ليحصل على شهادة. هذا الوضع مرهق جداً بالنسبة لنا".