طالبات كويتيات يحظين بفرصة الابتعاث

طالبات كويتيات يحظين بفرصة الابتعاث

22 مارس 2021
فرصهن في الابتعاث أكبر من الأجيال السابقة (ياسر الزيات/ فرانس برس)
+ الخط -

الانفتاح الذي تشهده الكويت منذ سنوات، يتيح للطالبات فرصة الابتعاث للدراسة الجامعية، واختبار العيش في بلدان عربية وغربية، إسوة بزملائهن الذكور، مع العلم أنّ القوانين لم تمنع ذلك سابقاً، بل التقاليد

تحولات كبيرة يشهدها المجتمع الكويتي في قضية سفر الطالبات إلى الخارج، وابتعاثهن للدراسة عن طريق البرامج الحكومية، إذ كان ذلك حتى سنوات قليلة ماضية، من المحرّمات المجتمعية، خصوصاً في العائلات المحافظة والمتدينة، لكنّه تغير مع الانفتاح الكبير في المجتمع الكويتي في العقد الأخير. تخصص الفتيات في الخارج، من القضايا التي شغلت الكويتيين طويلاً، إذ إنّ التجربة الأولى تعود إلى فترة ما قبل الاستقلال، ولعبت القوى المجتمعية والدينية دوراً في هذه القضية سواء بالتشجيع أو بالرفض طوال تلك العقود. وتعود قصة ابتعاث أول طالبات كويتيات للدراسة في الخارج إلى عام 1956 حينما قررت الحكومة في فترة ما قبل الاستقلال ابتعاث عدد منهن للدراسة في العاصمة المصرية القاهرة، ضمن بوادر الانفتاح التي عاشها المجتمع الكويتي آنذاك. لكنّ صعود التيارات الدينية في الكويت ونزوع المجتمع نحو المحافظة في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، أديا إلى انخفاض عدد المبتعثات، ليقتصرن على الأسر المتعلمة، حتى نهاية العقد الأول من الألفية الثالثة.

لكنّ السنوات الأخيرة شهدت تغيرات وُصفت بأنّها كبيرة في بنية المجتمع الكويتي، خصوصاً المحافظ منه، إذ بدأت عائلات كويتية كثيرة في إرسال بناتها للدراسة في الخارج عبر برامج الابتعاث التي تقدمها وزارة التعليم العالي للطلاب الكويتيين. تحكي عائشة أحمد، وهي طالبة طبّ أسنان، مبتعثة من الكويت إلى إحدى الجامعات الأردنية، لـ"العربي الجديد" قصة عائلتها مع "دراسة الفتيات في الخارج" إذ تقول: "حصلت أختي عام 2008 على الثانوية العامة وحاولت الدراسة في كلية الطبّ في جامعة الكويت، لكنّ نسبتها لم تؤهلها للدراسة فيها، فقدمت على برنامج البعثات الذي وفر لها إمكانية دراسة الطبّ في الأردن ومصر وبعض الدول الأوروبية، لكنّ العائلة رفضت دراستها في الخارج بحجة عدم توافق هذا مع العادات والتقاليد". تضيف عائشة: "عند ذلك، درست أختي في كلية الهندسة بجامعة الكويت. وهكذا، ضاع حلم دراستها في كلية الطبّ بسبب تعنّت العائلة آنذاك مما اضطرها للعمل في مهنة لا تحبها، إذ تتولى منصب مهندسة في وزارة الكهرباء والماء في الكويت". 
لكنّ الأمور اختلفت بشكل كبير مع عائشة، إذ وافقت العائلة نفسها، عام 2018 على دراستها في الخارج شريطة أن يرافقها أخوها عند السفر فقط ويعود إلى الكويت بعد أن يوصلها إلى العاصمة الأردنية عمّان. تقول عائشة: "بسبب الانفتاح الذي عاشه المجتمع في السنوات الأخيرة وتبني كثير من العائلات، ومن بينها عائلتي، رؤية أكثر انفتاحاً على العالم، تمكنت من الدراسة في الخارج والحصول على فرصة تحقيق حلمي، على العكس مما جرى مع أختي قبل ذلك بعشر سنوات". تضيف: "أعرف كثيراً من الفتيات اللواتي حصلن على الفرصة نفسها أيضاً، بعد أن كانت عائلاتهن ترفض هذا الأمر تماماً في سنوات سابقة".
تتشابه قصة فاطمة المحمد، مع قصة عائشة أحمد، إذ كانت عائلتها تمنع الفتيات من الدراسة في الخارج، بل حتى الدراسة في الكليات الخاصة المختلطة في الكويت، لكن تغيّر النظرة المجتمعية في السنوات الأخيرة، وميل المجتمع إلى الانفتاح أكثر فأكثر أديا إلى السماح لها بالدراسة في الولايات المتحدة الأميركية. وتخرجت فاطمة بتخصص التسويق، لكنّ تجربتها الثرية لم تكن بالدراسة وفق ما تقول لـ"العربي الجديد" بل كانت في العيش خارج الكويت، لا سيما في الولايات المتحدة، والاختلاط بالثقافات الأخرى. تتابع فاطمة: "كانت تجربة رائعة، لكنّي لم أتمكن من تحقيقها إلا بعد ضغط كبير على عائلتي، لا سيما أخي الأكبر الذي كان موافقاً على ذهابي لكنّه كان يخشى من ضغوط أبناء القبيلة والعائلة، وهي ضغوط معتبرة في مجتمعنا".
في الإطار، نفسه، تقول الناشطة النسوية شيخة العلي، لـ"العربي الجديد": "هذه البوادر من قبل بعض العائلات لا تعني أنّ وضع الطالبات اللواتي يرغبن في الدراسة بالخارج ممتاز، إذ دائماً ما نسمع عن حملات مناشدة تطلقها طالبة تدرس في الخارج بسبب تهديد أشقائها لها أو رغبة أهلها بعودتها إلى الكويت بعدما سمعوا شائعات عنها يطلقها أقاربها". تعتبر العلي أنّ المجتمع تعرض لصدمات في السنوات الأخيرة أدت إلى تبنيه آراءً أكثر انفتاحاً، لكنّ "إرهاباً يُمارَس بحق العائلات التي ترسل بناتها إلى الخارج" من قبل المجتمع والعائلات القريبة لها.

المرأة
التحديثات الحية

من جهته، يقول الباحث الاجتماعي في جامعة الكويت خليل خالد لـ"العربي الجديد" إن "المجتمع الكويتي تغيّر كثيراً، وباتت قضية الحصول على وظيفة جيدة للبنت أمراً مهماً، وهو ما جعل كثيراً من العائلات المحافظة توافق على ذهاب بناتها للدراسة في الخارج، بالإضافة إلى أنّ سيطرة الصحوة الدينية المتشددة على المجتمع تلاشت تقريباً سواء من ناحية زيّ النساء أو ارتفاع الأصوات الخاصة بالتعليم المشترك، أو من ناحية تقبل المجتمع المذاهب والأديان الأخرى، خصوصاً لدى فئة الشباب".

المساهمون