صفعة من أعلى محكمة أوروبية لمشروع جورجيا ميلوني للهجرة
استمع إلى الملخص
- المشروع كان يهدف لتسريع معالجة طلبات اللجوء خارج الاتحاد الأوروبي، لكنه واجه انتقادات قانونية واقتصادية، حيث بلغت كلفة كل مكان لجوء في ألبانيا 153 ألف يورو مقارنة بـ21 ألف يورو في إيطاليا.
- القرار لاقى ترحيباً من الأوساط الحقوقية، واعتبرته المعارضة الإيطالية "دعاية فاشلة"، مما يضعف طموحات ميلوني في تشديد سياسات الهجرة.
تشهد إيطاليا جدلاً واسعاً بعد قرار محكمة العدل الأوروبية في بداية الشهر، الذي قضى برفض مشروع رئيسة الحكومة جورجيا ميلوني بإنشاء مراكز استقبال لطالبي اللجوء في ألبانيا. يُعتبر القرار "ضربة موجعة" ليس فقط لتحالف ميلوني اليميني المتشدّد، بل أيضاً للاتجاه الأوروبي العام الراغب بتشديد سياسات الهجرة، لما يحمله من تداعيات قانونية وسياسية، وتأسيسه لسابقة قضائية ستكون لها تبعاتها في ملف اللجوء داخل الاتحاد الأوروبي.
ميلوني، التي سعت إلى لعب دورٍ قيادي على مستوى أوروبا في ملف الهجرة، قدّمت مشروع ألبانيا باعتباره "نقطة تحوّل تاريخية" في التعامل مع طلبات اللجوء، إذ هدف إلى نقل إجراءات المعالجة خارج حدود الاتحاد الأوروبي. غير أن المشروع اصطدم بعقبات قانونية متتالية، سواء من داخل إيطاليا أو من محكمة العدل الأوروبية، ليتحوّل تدريجيّاً، بحسب مراقبين، إلى ما يشبه "المهزلة السياسية".
وفي حكمٍ صادر في مطلع أغسطس/ آب الجاري، اعتبرت المحكمة أن آلية تنفيذ المشروع تنتهك قواعد الاتحاد، خصوصاً في ما يتعلق بتصنيف "الدول الآمنة" التي يُفترض ترحيل طالبي اللجوء القادمين منها إليها. وشدّدت المحكمة على أنه لا يمكن اعتبار أي بلد آمن ما لم يكن جميع أفراده في كلّ مناطقه محميّين من الاضطهاد وسوء المعاملة، وهو ما لا ينطبق على عددٍ من الدول المدرجة ضمن القائمة الإيطالية، مثل بنغلادش.
كما أكدت المحكمة أن غياب معايير شفّافة تتيح للاجئين استئناف قرارات الترحيل، يجعل المشروع غير قانوني. وقد وضع القرار مسؤولين أوروبيّين في موقفٍ حرج، وفي مقدمتهم رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين، التي كانت قد وصفت المشروع الإيطالي سابقاً بـ"المبادرة المهمّة".
وأشارت دراسة صادرة عن جامعة باري الإيطالية إلى أن كلفة كل مكان لجوء في مراكز ألبانيا تبلغ نحو 153 ألف يورو، مقارنةً بـ21 ألف يورو فقط في مراكز مماثلة داخل إيطاليا، وتحديداً في صقلية (جنوب غربي البلاد). وتقترب الكلفة الإجمالية للمشروع الذي لم يُفعّل حتى الآن من مليار يورو، ما دفع بعض الجهات إلى وصفه بأنه "أكثر مشاريع الهجرة الإيطالية كلفة ووحشية وعديمة الفائدة".
كان الهدف الأساسي من المراكز تسريع البتّ بطلبات اللجوء خلال 28 يوماً، مقابل نحو عامين داخل الأراضي الإيطالية. ومن لم يُمنح حق اللجوء، كان سيُرحّل فوراً إلى بلده الأصلي. كما كان مخططاً أن تستوعب المراكز ما يصل إلى 36 ألف طالب لجوء سنويّاً.
ووفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بلغ عدد المهاجرين الذين وصلوا إلى إيطاليا عبر المتوسط منذ بداية العام وحتى الثالث من أغسطس نحو 37 ألفاً، مقارنةً بـ66 ألفاً في عام 2024، وأكثر من 152 ألفاً في عام 2023.
لم تتأخر الحكومة الإيطالية في مهاجمة قرار المحكمة، واعتبرته "تدخلاً قضائيّاً مفرطاً" يُضعف قدرة الدولة على تحديد سياساتها السيادية في ملف الهجرة. ورأت ميلوني أن الحكم يُقوّض جهود حكومتها في مكافحة "الهجرة السريّة" وحماية الحدود. ووصف نائب رئيس الحكومة ماتيو سالفيني القرار بأنه "علامة على عجز أوروبا"، معتبراً أن الاتحاد يقوّض سيادة دوله الأعضاء.
من جانب آخر، أثار القرار ارتياحاً في الأوساط الحقوقية؛ فقد وصفته منظمة العفو الدولية بأنه "جرس إنذار" لدول الاتحاد التي تحاول الالتفاف على قوانين حماية اللاجئين، داعيةً إلى مراجعة شاملة لاتفاقية التعاون بين روما وتيرانا (عاصمة ألبانيا).
لا يقتصر أثر القرار على روما وحدها، بل يتخطاها ليشمل دولاً أوروبية أخرى تتّجه نحو تشديد إجراءات اللجوء، من بينها ألمانيا والدنمارك والنمسا، والتي تحاول ترحيل آلاف اللاجئين السوريين إلى بلدهم بحجة أن بعض مناطقه باتت "آمنة". فقد جاء قرار المحكمة ليؤكد أن أي تصنيف لـ"بلد آمن" يجب أن يشمل كامل أراضي ذلك البلد، وألا يكون هناك خطر على أي فئة من سكانه. حتى أنّ اعتبار بعض المناطق آمنة، إذا كانت مناطق أخرى غير آمنة، يُعدّ غير قانوني، وفق القرار.
La attesa sentenza della Corte di giustizia europea ribadisce quello che era ovvio: un paese è sicuro se lo è per tutta la popolazione e i giudici hanno il dovere di valutare.
— Orfini (@orfini) August 1, 2025
Il governo Meloni aveva torto, il modello Albania è fallito: si basava su un abuso normativo.
Una scelta…
مع العلم أنّه كان من المقرّر إدخال تشريعات أوروبية جديدة بحلول منتصف العام 2026 تمنح مرونةً أكبر للدول الأعضاء في تحديد الدول الآمنة، بشرط الإبقاء على المراجعة القضائية لضمان عدم انتهاك حقوق الأفراد. غير أنّ قرار المحكمة يشكل اليوم، بحسب رأي البعض، "ضربةً مباشرة" لطموحات ميلوني التي بنت جزءاً كبيراً من شعبيّتها على تعهّداتها بـ"إيقاف الهجرة الجماعية" والظهور باعتبارها "القائدة الصارمة" التي تحمي حدود أوروبا، إلا أن هذا الطموح أصبح على ما يبدو في مهبّ الريح، وفق وصف البعض، وسط إخفاق مشروع ألبانيا قانونيّاً وسياسيّاً.
أما المعارضة الإيطالية فلم تُفوّت الفرصة لمهاجمة الحكومة؛ إذ وصف الحزب الديمقراطي المشروع بـ"الدعاية الفاشلة"، وطالب ميلوني بالاعتذار من الشعب وتحمّل مسؤولية إهدار المال العام. وسأل النائب عن الحزب الديمقراطي الإيطالي ماتيو أورفيني، عبر حسابه على منصة "إكس": "هل من أحد سيعتذر؟ هل من أحد سيتحمّل المسؤولية ويستقيل؟