صبحي صبيحات وأسعد الرفاعي.. فلسطينيان انتقما للأقصى في "المزيرعة"

صبحي صبيحات وأسعد الرفاعي.. فلسطينيان انتقما للأقصى في "المزيرعة"

09 مايو 2022
اعتزاز أهالي البلدة بصبحي وأسعد (العربي الجديد)
+ الخط -
تسابق الشبان في بلدة رمانة، إلى الغرب مدينة جنين شمالي الضفة الغربية، إلى تعليق صور الأسيرين صبحي صبيحات (20 عاماً) وأسعد الرفاعي (19 عاماً)، منفذي عملية "المزيرعة" المُهجّرة عام 1948 والمقامة عليها مستوطنة "إلعاد"، في رسالة تؤكد اعتزاز أهالي البلدة، التي يقطنها نحو أربعة آلاف نسمة، بالعملية الفدائية التي قاما بها الخميس الماضي، حيث تمكنا من قتل 3 إسرائيليين وإصابة آخرين بجروح بليغة.
الشاب عادل محمد وصف صديقيه صبحي وأسعد بالبطلين، حيث إنهما انتقما للقدس والأقصى، يقول لـ"العربي الجديد": "عملت معهما فترة وجيزة في الكهرباء المنزلية داخل بيوت مستوطنة (إلعاد)، فهما قريبان من القلب ومتواضعان، ولم يسبق لهما أن عبرا عن رغبتهما في القيام بأي فعل عسكري".
أما عبد الله عمور، وهو قريب من الشابين، فيؤكد في حديث لـ"العربي الجددي" أنهما محبوبان، ولا يذكر يوماً أن أياً منهما تسبب في مشكلة مع أحد في بلدته رمانة.
كان تفكير صبحي مُنصبّا على تأسيس أسرة، إذ إنه أبلغ ذويه بنيته الزواج خلال الصيف القادم، بعد أن بات يعتمد على نفسه في تحصيل دخل وفير في مجال عمله، حيث يستطيع وحده تولي مهمة إنجاز كافة التمديدات الكهربائية في الورش التي يستلمها رغم حداثة سنه، ولم يكن يعتمد إلا على صديقه أسعد الذي انضم إليه بعد إنهائه مرحلة الثانوية العامة العام الماضي.
الصورة
تعليق صور صبحي صبيحات وأسعد الرفاعي (العربي الجديد)
تعليق صور صبحي صبيحات وأسعد الرفاعي (العربي الجديد)
ورغم أن إعلان الاحتلال وقوف صبيحات والرفاعي وراء عملية "المزيرعة" أثار، في بادئ الأمر، استغراب العائلتين والأصحاب إلى درجة إنكار البعض له، لكن سرعان ما تبدلت المواقف في رمانة تجاه تحميل الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية عما جرى.
وفي وقت أكدت فيه العائلتان أن ابنيهما لا ينتميان لأي فصيل سياسي، وأن الانتماء فقط لفلسطين، كانت أسرة صبيحات تستقبل المتضامنين معها في ديوانها، وسط بلدة رمانة، حيث رفع العلم الفلسطيني ورايات حركة فتح الصفراء، أما عائلة الرفاعي فعلقت العلم الفلسطيني ورايات حركة حماس الخضراء على جدران بيت عمه، حيث استقبلت هناك المؤازرين والصحافيين.
يقول الحاج صبحي صبيحات، وهو جد الشاب صبحي، لـ"العربي الجديد": "من يقتل العُزّل في جنين، ويدنّس المسجد الأقصى ويعتدي على النساء فيه، هو المسؤول عما يقوم به الشباب الفلسطيني الغاضب، لا أذكر يوماً أن حفيدي تحدث معي بالمواضيع السياسية، لكنه كغيره من أقرانه يشاهد عبر منصات التواصل الاجتماعي تلك الاعتداءات، وما قام به بنظري هو رد فعل طبيعي".
ويشير الجد إلى أنّ حفيده "كان يتجهز لعقد قرانه، ولكن أحداث الأقصى آلمته"، مُعربا عن "تخوّفه على مصيره، خاصة بعد نشر الاحتلال مقاطع مصورة لعملية الاعتقال، حيث ظهر الشاب برفقة صديقه مُقيّداً ومُلقى على وجهه على الأرض، فيما يُحيط به عناصر شرطة وجيش الاحتلال من كل الجهات".
الرفاعي، وهو واحد من بين 4 أشقاء، أبلغ والدته التي تكابد المرض بأنه سيذهب برفقة صبحي إلى مدينة رام الله للعمل هناك، وتقول الأم  لـ"العربي الجديد": "كان ذلك الأربعاء، أي قبل العملية بيوم، والخميس ظهراً كان آخر تواصل بيننا، سأل عني وعن صحتي وقال إنه سيعود قريباً، ومن ثم انقطع الاتصال بيننا".
وخلال اقتحام قوات الاحتلال، أمس الأحد، منزل العائلة وأخذ قياساته تمهيداً لهدمه، حاول الضابط الإسرائيلي التأثير على معنويات الأم، حيث قال لها: "إنت ما عرفتي تربي ابنك صح، ما رح تشوفيه بعد اليوم، انسي أن لك ابن اسمه أسعد، وفوق هيك رح نهد بيتكم"، فكان الردّ المباشر منها ومن دون تردد "كله فداء الأقصى".
الأب يوسف الرفاعي، وبعد تردد في الحديث طيلة الفترة الماضية مع الصحافيين، خرج عن صمته موجهاً رسالته لابنه قائلاً: "البيت فداك يا ابني، إذا هدموه سنعيد بناءه، المهم أن تكون بخير".
وتابع، في حديث لـ"العربي الجديد"، بلهجة يستشف منها الفخر بما فعله أسعد: "أنت رفعت رأسي ورأس الأمة كلها، وكله في سبيل الأقصى".
ورغم كل ما جرى، فإن عائلتي صبيحات والرفاعي وأصدقاء الشابين يشعرون جميعاً بارتياح نسبي لما آلت إليه الأمور، فقد كانت المخاوف من إقدام الاحتلال على قتلهما فور العثور عليهما، كما فعل سابقاً مع عدد من المطاردين أو منفذي العمليات، لكن اعتقالهما كان له وقع أخف وطأة على رمانة، "فالسجن مهما طال، ستشرق شمس الحرية، والصفقة (صفقات التبادل بين فصائل المقاومة بغزة وقوات الاحتلال) على الأبواب"، كما ردد مسن كان يقف على مقربة من الجموع.
وتعد "عملية المزيرعة" الثالثة، منذ مارس/آذار الماضي، التي ينفذها مقاومون بشكل مزدوج، بعد عملية "الخضيرة" والعملية التي وقعت في سلفيت المقامة عليها مستوطنة "أرئيل" قبل نحو 10 أيام، والتي قتل فيها الشابان الصديقان محمد مرعي وسميح عاصي حارس أمن المستوطنة.
وبمقتل المستوطنين الثلاثة، يرتفع عدد القتلى الإسرائيليين خلال موجة العمليات الأخيرة إلى 18 قتيلاً، فقد قتل 3 إسرائيليين في عملية إطلاق نار في شارع ديزنغوف بمدينة (تل أبيب)، في السابع من إبريل/ نيسان الماضي، على يد الشهيد رعد خازم من سكان جنين.
وفي التاسع والعشرين من مارس/ آذار الماضي، قُتل 5 إسرائيليين في عملية إطلاق نار بمستوطنة "بني براك"، نفذها الشهيد ضياء حمارشة من سكان بلدة يعبد جنوب غرب جنين.
وقبل ذلك بيومين، قتل ضابطان من قوات ما يسمى "حرس الحدود" الإسرائيلي برصاص فلسطينيين من سكان أم الفحم في الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، هما الشهيدان أيمن وإبراهيم اغبارية، في عملية إطلاق نار بالخضيرة.
وفي الأسبوع الذي سبقه، قتل 4 إسرائيليين طعنا في بئر السبع، نفذها الشهيد محمد أبو القيعان من سكان النقب.

المساهمون