شلل في مدارس المغرب حداداً على مقتل أستاذة: تصاعد العنف المدرسي

16 ابريل 2025   |  آخر تحديث: 17 أبريل 2025 - 09:45 (توقيت القدس)
شلل في مدارس المغرب حداداً على مقتل أستاذة، 16 إبريل 2025 (العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت المؤسسات التعليمية في المغرب إضرابًا ووقفات احتجاجية بعد وفاة الأستاذة هاجر العيادر، مما أثار الغضب ضد تزايد العنف في المدارس، مسلطًا الضوء على التحديات التي تواجه الأطر التعليمية.
- أصدرت النقابات التعليمية بيانات تدين تصاعد العنف المدرسي، مشيرة إلى تهديده لسلامة الأطر التعليمية وتأثيره السلبي على المنظومة التربوية، واصفة العنف المدرسي بالآفة الخطيرة.
- أرجع القيادي مصطفى الأسروتي تفشي الاعتداءات إلى عوامل اجتماعية وهشاشة النظام التعليمي، داعيًا لإلغاء مذكرة "البستنة" واتخاذ إجراءات صارمة لتعزيز الاستقرار وضبط النظام.

عاشت المؤسسات التعليمية في المغرب، اليوم الأربعاء، حالة من الشلل، بسبب إضراب آلاف الأساتذة والكوادر التعليمية حدادا على روح أستاذة للغة الفرنسية، توفيت، الأحد الماضي، متأثرة بجروح بليغة أصيبت بها إثر اعتداء أحد الطلاب عليها.

وبالتوازي مع خطوة الإضراب الذي دعت إليه النقابات والتنسيقيات التعليمية صباح اليوم، تم تنظيم وقفات احتجاجية أمام المديريات الإقليمية والأكاديميات الجهوية، شارك فيها مئات الأساتذة والأطر وممثلو نقابات وتنسيقيات تعليمية. وهي الوقفات التي كانت مناسبة للمحتجين لإدانة الاعتداء الذي راحت ضحيته الأستاذة بمعهد التكوين المهني بمدينة أرفود جنوب شرقي البلاد، هاجر العيادر، وكل الاعتداءات التي تتعرض لها الأطر الإدارية والتربوية، والانتهاكات التي تطاول حرمة المؤسسات التعليمية من طرف الغرباء، مبدين استنكارهم بشدة لـ "ما آلت إليه أوضاع التعليم العمومي وما أصبحت تعيشه من عنف وتسيب واستهتار".

واستبقت النقابات الخمس الأكثر تمثيلية خطوة الإضراب بالتأكيد، في بيان مشترك، أن "المؤسسات التعليمية المغربية تشهد تصاعدا خطيرا في حالات العنف المدرسي، لا سيما الاعتداءات الجسدية واللفظية من طرف التلاميذ وأولياء أمورهم، الموجهة ضد الأطر الإدارية والتربوية، امتدت إلى تهديد سلامة نساء ورجال التعليم، مما يطرح تساؤلات حول أسبابها وتداعياتها على المنظومة التربوية".

فيما اعتبرت الجامعة الوطنية لموظفي التعليم التابعة للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، في بيان لها، أن "العنف المدرسي أصبح آفة خطيرة تنخر مؤسسات التربية والتكوين وتهدم مساراتها ووظائفها الأساسية في ظل انهيار واضح لمنظومة القيم الجامعة التي يفترض أن تصون النسيج المجتمعي من التحلل والتفسخ".

وكان الإعلان عن وفاة العيادر، الأحد الماضي، متأثرة بجروح بليغة أصيبت بها إثر اعتداء أحد الطلاب عليها، قد أثار تساؤلات عن سبب تكرار حوادث العنف ضد الأساتذة والكوادر التعليمية، التي لطالما تكررت، لاسيما في السنوات الأخيرة. وكانت الأستاذة قد نقلت في حالة حرجة إلى قسم العناية المركزة بمستشفى الحسن الثاني الجامعي بفاس، يوم 27 مارس / آذار الماضي، إثر تعرضها لاعتداء بالشارع العام باستخدام آلة حادة من جانب أحد طلابها (21 عاما). غير أن تدخلات الكوادر الطبية لم تفلح في إنقاذها لتفارق الحياة في 13 إبريل/ نيسان الجاري، ما خلف صدمة قوية في الأوساط التعليمية والرأي العام المحلي والوطني، وأثار موجة من الاستنكار والغضب العارم.

الصورة
شلل في مدارس المغرب حدادا على مقتل أستاذة، 16 أبريل 2025 (العربي الجديد)

ولا يكاد يمر وقت على وقوع اعتداء على الأساتذة والكوادر التعليمية في المغرب حتى يتم الإعلان عن وقوع اعتداء آخر، ما يشير إلى تصاعده في السنوات الأخيرة. حيث شهدت المدارس المغربية خلال الأسابيع الماضية عددا من حوادث العنف جعلت الكثير من المواطنين والمهتمين بالشأن التربوي يعيشون حالة قلق وصدمة في آن واحد، كان من أبرزها تعرض أستاذ مادة الرياضيات بثانوية أولاد إدريس التأهيلية بمدينة الفقيه بنصالح (وسط البلاد) لاعتداء وصف بـ"الشنيع" داخل الفصل الدراسي، صباح الثلاثاء 8 إبريل الجاري، ما استدعى نقله على وجه السرعة إلى قسم المستعجلات لتلقي الإسعافات والعلاجات الضرورية.

وقبل ذلك، تعرض أستاذ يعمل بثانوية العزوزية التأهيلية بمدينة مراكش، في 27 فبراير/ شباط الماضي، لاعتداء جسدي من طرف أم تلميذة أثناء مزاولة مهامه التدريسية. وقبل ذلك بأيام، تحول فصل دراسي بثانوية الفتح التأهيلية بمدينة الخميسات إلى ساحة جريمة، بعدما أقدم تلميذ قاصر على طعن أستاذه بسكين على مستوى الرأس، ما أثار استنكارا واسعا داخل الأوساط التعليمية والمجتمعية. 

ويصف القيادي في الجامعة الوطنية لموظفي التعليم، مصطفى الأسروتي، ظاهرة الاعتداء على الأطر التربوية والإدارية بأنها أصبحت "متفشية بشكل كبير جدا خاصة في الآونة الأخيرة، جراء أسباب كثيرة منها ما هو اجتماعي يخص الأسرة، التي لم يعد لها، مع الأسف، ذلك الدور الأساسي الذي كان لديها في السابق من خلال مواكبة أبنائها وتتبع أوضاعهم الدراسية، ومنها ما هو مرتبط بالهشاشة الاجتماعية".

وربط الأسروتي، في حديث مع "العربي الجديد"، بين تصاعد الاعتداءات على الأساتذة وحالة الاكتظاظ الكبيرة جدا في الفصول الدراسية، ما يؤدي إلى خلق نوع من التسيب دخل المؤسسات التعليمية في ظل انعدام المراقبة والضبط، ملقيا باللائمة على العقوبات البديلة التي تقرها وزارة التربية الوطنية من خلال المذكرة التي كانت قد أصدرتها في عام 2014 والتي تعرف في الأوساط التربوية بمذكرة "البستنة"، مشيرا إلى أن هذه الأخيرة "جاءت لتمنع مجالس الأقسام من اتخاذ أي إجراء تأديبي في حق التلاميذ الذين يرتكبون المخالفات من قبيل التوقيف المؤقت عن الدراسة أو تغيير المؤسسة أو في بعض الحالات الطرد النهائي، وعوضتها بعقوبات أخرى بديلة منها البستنة، حيث تتم معاقبة التلميذ المرتكب لمخالفة معينة بالاشتغال في حديقة المؤسسة التعليمية ليوم أو يومين أو أداء مهام أخرى سمتها المذكرة بمهام تربوية".

وأضاف: "هذه المذكرة ساهمت بشكل كبير جدا في انتشار حالات التسيب لأن التلميذ أصبح يرى أن بإمكانه فعل ما يشاء دون عقاب"، معتبرا أن مواجهة ظاهرة الاعتداءات داخل المؤسسات التعليمية يقتضي إلغاء مذكرة "البستنة"، لأنها "بشهادة الجميع قيدت دور المؤسسة التعليمية"، وإرجاع الأوضاع إلى ما كانت عليه في السابق من خلال اتخاذ إجراءات صارمة بحق التلاميذ المخالفين، إلى جانب إيلاء الاهتمام إلى الإدارة التربوية من خلال توفير الأطر البشرية والإدارية الكافية في المؤسسات التعليمية لضمان الاستقرار وضبط التلاميذ ومواجهة كل الانفلاتات التي يمكن أن تقع.

المساهمون