شلل الأطفال في غزة: حملة التطعيم تُستأنف السبت المقبل

19 فبراير 2025
من حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في مدينة غزة، 3 نوفمبر 2024 (محمود عيسى/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أعلنت منظمة الصحة العالمية عن استئناف حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في غزة في فبراير 2025، مستهدفة أكثر من 591,000 طفل، بعد اكتشاف الفيروس في مياه الصرف الصحي.
- تسهم الأوضاع في غزة، مثل الاكتظاظ وتضرر البنية التحتية، في تفشي الفيروس، وقد تزيد حركة السكان بعد وقف إطلاق النار من انتشار العدوى، رغم عدم الإبلاغ عن حالات جديدة منذ أغسطس 2024.
- أكدت اليونيسف على أهمية حملة التطعيم لسد الفجوات المناعية، مشيرة إلى نجاح الجولات السابقة في تغطية أكثر من 95% من الفئة المستهدفة.

بعد شهر واحد من دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ في قطاع غزة المحاصر، أعلنت منظمة الصحة العالمية أنّ حملة التطعيم ضدّ فيروس شلل الأطفال في القطاع سوف تُستأنَف يوم السبت المقبل، في 22 فبراير/ شباط 2025، وهي تستهدف أكثر من نصف مليون طفل فلسطيني. ويأتي ذلك في استكمالٍ لحملة التطعيم الطارئة ضدّ شلل الأطفال التي أطلقتها المنظمة في الأول من سبتمبر/ أيلول 2024 بقطاع غزة، بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) ووزارة الصحة الفلسطينية والشركاء، بعدما بيّنت عيّنات أُخذت في الشهرَين الأخيرَين أنّ فيروس شلل الأطفال ما زال "موجوداً" في بيئة غزة وبالتالي ما زال يمثّل مصدر خطر.

وأوضحت المنظمة، في بيان أصدرته اليوم الأربعاء، أنّ الاستجابة الطارئة لتفشّي شلل الأطفال في قطاع غزة تستمرّ، من خلال حملة تطعيم جماعية تُنفَّذ ما بين 22 فبراير الجاري و26 منه. أضافت أنّ هذه الحملة تستهدف 591 ألف طفل دون العاشرة من عمرهم، من أجل حمايتهم من هذا المرض الفيروسي. يُذكر أنّ فيروس شلل الأطفال كان قد رُصد بداية في عيّنات من مياه الصرف الصحي أُخذت من دير البلح (وسط) وخانيونس (جنوب) في يونيو/ حزيران 2024، وقد أُعلن عن ذلك في 18 يوليو/ تموز من العام نفسه، وسط حرب الإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل في حقّ الفلسطينيين بالقطاع المحاصر على مدى أكثر من 15 شهراً.

وحذّرت منظمة الصحة العالمية من أنّ مجموعات الأفراد الذين يعانون من ضعف المناعة أو يفتقرون إليها توفّر لفيروس شلل الأطفال مجالاً للمضيّ في التفشّي في قطاع غزة. أضافت أنّ الأوضاع القائمة في القطاع، وسط ما خلّفته الحرب التي شنّتها إسرائيل في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 واستمرّت حتى 19 يناير/ كانون الثاني 2025 تاريخ دخول اتفاق وقف النار حيّز التنفيذ، توفّر الظروف المناسبة لتفشّي الفيروس. وشرحت الوكالة التابعة للأمم المتحدة أنّ الاكتظاظ في ملاجئ ومراكز إيواء النازحين وتضرّر البنية التحتية للمياه والصرف الصحي والنظافة بشدّة من شأنهما أن يسهّلا انتقال العدوى. أضافت أنّ من المرجّح أن تؤدّي حركة السكان النشطة، بسبب وقف إطلاق النار وعودة الفلسطينيين إلى مناطقهم، إلى تفاقم انتشار عدوى فيروس شلل الأطفال بين الفلسطينيين الصغار والكبار كذلك.

عيّنات جديدة تؤكد: فيروس شلل الأطفال ما زال في بيئة غزة

بدوره، أعلن المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس عن استئناف حملة التطعيم ضدّ شلل الأطفال في قطاع غزة، مشيراً إلى أنّ منظمته ومنظمة يونيسف ترحّبان، مع شركائهما، بوقف إطلاق النار الأخير، إذ من شأن ذلك أنّ "يمكّننا من تنفيذ الحملة". وأكد غيبريسوس أنّ الحملة تأتي بعد الكشف الأخير عن فيروس شلل الأطفال في عيّنات من مياه الصرف الصحي في قطاع غزة، مبيّناً أنّ هذا "يشير إلى انتشاره (الفيروس) في البيئة، الأمر الذي يعرّض الأطفال للخطر".

يُذكر أنّ العيّنات البيئية الأخيرة، التي أُخذت من دير البلح (وسط) وخانيونس (جنوب) في ديسمبر/ كانون الأول 2024 ويناير/ كانون الثاني 2025، تؤكد أنّ فيروس شلل الأطفال "مستمرّ في الانتقال". أضافت منظمة الصحة العالمية أنّ "السلالة المكتشفة مرتبطة جينياً بالفيروس نفسه الذي اكتُشِف في قطاع غزة في يونيو-يوليو 2024". لكنّ المنظمة أشارت، في بيانها اليوم، إلى أنّه لم يُبلَّغ عن أيّ حالة شلل أطفال جديدة، منذ الإصابة المعلنة لطفل يبلغ من العمر عشرة أشهر بالمرض الفيروسي في أغسطس/ آب 2024.

وقد يكون عدم الإبلاغ عن أيّ إصابة مرتبط بظروف حرب الإبادة الجماعية التي استهدفت الفلسطينيين في قطاع غزة، صغاراً وكباراً. فالجوع والنزوح والموت والإصابة بقذائف قوات الاحتلال وانهيار المنظومة الصحية كلّها عوامل قد تكون ساهمت، بطريقة أو بأخرى، في طمس أيّ حالة مرضية مستجدّة نتيجة الإصابة بفيروس شلل الأطفال.

ثمّة حاجة إلى جهود تطعيم إضافية لتطويق شلل الأطفال

في الإطار نفسه، أوضحت منظمة يونيسف أنّ حملة التطعيم المرتقبة تهدف إلى تحصين جميع الأطفال الفلسطينيين في قطاع غزة ممّن هم دون العاشرة ضدّ شلل الأطفال، مضيفةً أنّ من بين هؤلاء الصغار المستهدَفين من فاتتهم الجرعتَين السابقتَين، في خلال الجولتَين الأولى والثانية، وذلك من أجل "سدّ الفجوات المناعية وإنهاء تفشّي المرض". وتابعت أنّ اللقاح الفموي المضاد لشلل الأطفال سوف يساعد في إنهاء التفشّي من خلال وقف انتشار الفيروس، مشيرةً إلى أنّ "تخطيط للقيام بجولة تطعيم إضافية في إبريل/ نيسان المقبل".

وفي حين يُصار إلى التشكيك في مأمونية اللقاح المضاد لشلل الأطفال، شدّدت منظمة يونيسف، في البيان المشترك الذي أصدرته مع منظمة الصحة العالمية، على أنّ اللقاحات المتوفّرة "آمنة"، وشرحت أنّ "لا حدّ أقصى لعدد الجرعات التي يمكن للطفل أن يتلقّاها". وأكدت أنّ "كلّ جرعة توفّر حماية إضافية (في وجه الفيروس)، وهي ضرورية في خلال فترة التفشّي النشط للمرض".

وأكدت الوكالاتن التابعتان للأمم المتحدة، في بيانهما، أنّ "جولتَين سابقتَين ناجحتَين" من حملة التطعيم في قطاع غزة نُفّذتا في شهرَي سبتمبر وأكتوبر من عام 2024، وقد غطّتا أكثر من 95% من الفئة المستهدفة، أي الأطفال دون العاشرة. لكنّها أفادتا بأنّ "على الرغم من ذلك، ونظراً إلى وجود الفيروس المستمرّ في البيئة، فإنّ ثمّة حاجة إلى جهود تطعيم إضافية من أجل الوصول إلى جميع الأطفال وتعزيز المناعة المجتمعية". وأكملتا أنّ "استمرار وجود الفيروس يمثّل خطراً على الأطفال ذوي المناعة الضعيفة أو المعدومة في قطاع غزة وفي المنطقة بأكملها".

وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 أنّ حملة التطعيم الطارئة ضدّ شلل الأطفال في قطاع غزة قد نجحت في تحصين أكثر من نصف مليون طفل، على الرغم من الحرب على القطاع في ذلك الحين. يُذكر أنّ الحملة نُفّذت في جولتَين أُجريتا في ثلاث دورات؛ الأولى في وسط القطاع (محافظة دير البلح) والثانية في جنوبه (محافظة خانيونس ومحافظة رفح) والثالثة في شماله (محافظة غزة ومحافظة شمال غزة). وأتى ذلك على الرغم من كلّ العراقيل التي وضعتها إسرائيل، منذ رصد فيروس شلل الأطفال، في ما يخصّ تسهيل إدخال اللقاحات إلى القطاع في ظلّ تشديدها الحصار على القطاع وأهله، ثمّ الموافقة على هدن إنسانية وغير ذلك. ولعلّ العراقيل الكبرى سُجّلت في شمال قطاع غزة الذي عُزل عن الوسط والجنوب والذي هدّدته المجاعة، في ظلّ انهيار المنظومة الصحية في القطاع ككلّ، وإن بدأت عمليات استهداف المستشفيات في الشمال.

المساهمون