شأس كممجي... فلسطيني هرب من الاعتقال فاستشهد

شأس كممجي... فلسطيني هرب من الاعتقال فاستشهد

جنين

جهاد بركات

جهاد بركات
17 ابريل 2022
+ الخط -

 

لم يشأ فؤاد كممجي أن تعتقل قوات الاحتلال الإسرائيلي أبناءه جميعاً فيبقى وحيداً خارج السجن، أو حتى أن يُعتقل هو إلى جانبهم. فعائلته اعتادت على اعتداءات متكرّرة بهدف الانتقام منها والتنكيل بأفرادها، إذ ينتمي إليها الأسير الفلسطيني أيهم كممجي المحكوم بالسجن المؤبّد مرّتَين، وهو واحد من الأسرى الستة أبطال عملية "نفق الحرية" الذين تمكّنوا من الفرار من سجن جلبوع الإسرائيلي في سبتمبر/ أيلول من عام 2021، قبل أن يعاود الاحتلال اعتقالهم. لكنّ رصاصات قاتلة أطلقتها قوات الاحتلال كانت في انتظار ابنه شأس (29 عاماً) فأردته، بعدما كان قد سأله الهروب لتفادي ما كان يتخوّف منه... اعتقال الجميع.

ويخبر الوالد فؤاد "العربي الجديد": "علمت بأنّ قوات الاحتلال اعتقلت ثلاثة من أبنائي، عماد ومحرم ومجد، من منازلهم في بلدة كفرذان الواقعة غربي جنين في شمال الضفة الغربية، وبأنّها تبحث عن ابني عهد، فطلبت من شأس، وهو أصغر الأبناء، الخروج من المنزل لمدّة وجيزة. لكن سرعان ما سمعنا صوت إطلاق رصاص وغاز، وصول نبأ إصابة شأس". يضيف الوالد: "لم أكن على علم بكلّ التفاصيل، لكنّني معتاد على اقتحام قوات الاحتلال منازلنا كلها من دون توفير أيّ منا. لذا قلت لشأس: اترك المنزل، وأنا أقول لهم إنّك في العمل، وهكذا إن اعتقلوني تبقى أنت في الخارج". ويتابع: "وعندما سمعت بإصابته، توجّهت إلى المستشفى، لكنّني لم ألحق به حياً... فهو كان قد استشهد".

بالنسبة إلى عائلة كممجي، فإنّ المداهمات والاعتقالات هدفها إنزال العقاب بها ليس أكثر، ويستمر هذا المسلسل منذ فرار ابنها أيهم من سجن جلبوع، وهو لم ينتهِ مع اعتقاله من جديد.

الصورة
جنازة الشهيد الفلسطيني شأس كممجي 3 (العربي الجديد)
فؤاد كممجي: "إلى جانبي كان جميع الناس الذين استشهد شأس من أجلهم كما من أجل وطنه" (العربي الجديد)

"وحيداً" سار الوالد المكلوم

في خلال جنازة شأس، لم يسر أيّ من أفراد الأسرة إلى جانب الوالد فؤاد، إنّما كان محاطاً بالأقارب وأهالي بلدته. فقد صار أربعة من أبنائه أسرى، وواحد ملاحقاً من قبل الاحتلال، والسادس شهيداً. وعندما وصل موكب التشييع إلى المقبرة وبدأت صلاة الجنازة على جثمان الشهيد، بلغ الجمع أنّ قوات الاحتلال أفرجت عن الإخوة الثلاثة الذين أعتقلتهم أخيراً.

يقول الوالد فؤاد: "قد أكون بدوت وحيداً في الجنازة قبل الإفراج عن أبنائي الثلاثة، لكنّني كنت في الواقع في واحدة من أكبر جنازات بلدتي كفرذان"، مؤكداً أنّه "إلى جانبي كان جميع الناس الذين استشهد شأس من أجلهم كما من أجل وطنه".

وحتى يتمكّن الإخوة الثلاثة من الالتحاق بصلاة الجنازة وتوديع أخيهم، جرى تأخير الدفن. فيقول محرم الذي اعتُقل لساعات مع أخوَيه لـ"العربي الجديد" إنّ "قوات الاحتلال حقّقت معنا ميدانياً حول مكان وجود شقيقنا عهد، فأجبنا أنّنا لا نعلم، وربما يكون في منزل الوالد. ولاحقاً، بعد نقلنا إلى جهة مجهولة، إذ إنّ أعيننا كانت معصوبة، لم نخضع لأيّ تحقيق آخر. ثمّ أُفرج عنّا بعد ساعات في منطقة مرج بن عامر، تحديداً بالقرب من الأسلاك الشائكة لجدار الفصل العنصري".

الصورة
جنازة الشهيد الفلسطيني شأس كممجي 2 (العربي الجديد)
جنازة مهيبة للشهيد شأس كممجي (العربي الجديد)

يُذكر أنّ الإخوة الثلاثة لم يعلموا باستشهاد أخيهم شأس حتى لحظة الإفراج عنهم. فعندما اتصل محرم بوالدهم طالباً منه الحضور لنقلهم إلى بلدتهم، أخبره باستشهاد شأس. ويشير محرم إلى أنّه "حتى الآن، لم أستوعب الأمر". ويؤكد محرم أنّ الأمر "صعب. فيوم الأربعاء الماضي أفطرت في منزل شأس، وكان من المفترض أن يكون إفطاره في منزلي يوم الخميس. لكنّ استشهاده حال دون ذلك".

ويصف محرم أخيه شأس بـ"المدلل. فهو الشقيق الأصغر، الكلّ يحبّه وهو يحبّ الجميع، خصوصاً الأسير أيهم الذي تُحرَم العائلة من زيارته بعد عملية نفق الحرية، علماً أنّ عدداً منّا نحن الإخوة محروم من ذلك منذ أربعة أعوام بحجج أمنية".

من جهتها، تقول سائدة، خالة الشهيد شأس، لـ"العربي الجديد"، إنّ "شأس الأصغر بين إخوته محبوب... ما شاء الله عليه وعلى إخوته! توفيت والدته قبل ثلاثة أعوام، وقد تزوّج هو قبل عامَين تقريباً من دون أن ينجب".

أيهم كممجي... من أبطال "نفق الحرية"

تجدر الإشارة إلى أنّ شأس خرج من منزله هرباً من عقاب جماعي، إذ كان سوف يطاوله كما إخوته، فراح ضحية إطلاق قوات الاحتلال الرصاص الحيّ في اتّجاه الأجزاء العلوية من الجسد، في خلال مواجهات تترافق عادة مع أيّ اقتحام لأيّ مدينة أو قرية فلسطينية. لكنّ ثمّة من يرى أنّ ما جرى مع العائلة هو محاولة للانتقام من الأسير أيهم، من خلال استهداف أسرته.

ويقول القيادي في حركة الجهاد الإسلامي خضر عدنان، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الاحتلال يحاول الانتقام من البطل أيهم كممجي من خلال اغتيال أخيه شأس واعتقال إخوته الآخرين. فقد دخل الاحتلال بنيّة القتل، بدليل ما وقع لشأس ولشهيد آخر هو مصطفى أبو الرب، لكنّنا واثقون بأنّ أبطال نفق الحرية لن ينكسروا".

وأيهم كممجي، الذي تمكّن مع خمسة من رفاقه الأسرى من الهروب من سجن جلبوع الإسرائيلي في السادس من سبتمبر/ أيلول من عام 2021، قبل أن يعيد الاحتلال اعتقالهم، كان قد انخرط وهو في السابعة عشرة من عمره في مقاومة الاحتلال، وحُكم عليه بمؤبّدَين بعدما خطف مقاومون المستوطن إلياهو أوشيري وقتلوه في يونيو/ حزيران 2006. ولأيهم تاريخه منذ عام 2003، إذ يطارده الاحتلال منذ ذلك الحين، وقد اعتُقل لدى الأجهزة الأمنية، وفرّ من سجن أريحا، وحاول الهرب من سجن جلبوع في عام 2014، قبل أن ينفّذ ورفاقه الخمسة هروبهم الأخير في العام الماضي ويُعاد اعتقالهم ومحاكمتهم. أمّا الأسرى الخمسة الآخرون فهم محمود ومحمد العارضة، وزكريا زبيدي، ويعقوب قادري، ومناضل نفيعات.

ذات صلة

الصورة
اختاروا النزوح من مخيم النصيرات جراء القصف (فرانس برس)

مجتمع

الاستهداف الإسرائيلي الأخير لمخيم النصيرات جعل أهله والمهجرين إليه يخشون تدميره واحتلاله إمعاناً في تقسيم قطاع غزة إلى قسمين، في وقت لم يبق لهم مكان يذهبون إليه
الصورة
الصحافي بيتر ماس (Getty)

منوعات

كتب الصحافي المخضرم بيتر ماس، في "واشنطن بوست"، عن "شعوره كمراسل جرائم حرب وابن عائلة مولت دولة ترتكب جرائم حرب"، في إشارة إلى الإبادة الجماعية في غزة.
الصورة

سياسة

قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، اليوم الخميس، إن أكثر من 100 مجندة إسرائيلية رفضن العمل في وحدة المراقبة بجيش الاحتلال إثر صدمة عملية "طوفان الأقصى"
الصورة
هاريس رئيس وزراء أيرلندا الجديد (فرانس برس)

سياسة

حذّرت وزارة الخارجية الإسرائيلية رئيس الوزراء الأيرلندي من خطر الوقوف "على الجانب الخاطئ من التاريخ"، وهاجمته خصوصاً لأنّه لم يذكر في خطابه الرهائن في غزّة.

المساهمون