- المخزون الغذائي عالق في مستودعات تحت سلطة الحكومة الأميركية منذ قرار ترامب بتخفيض المساعدات في يناير 2025، مع انتهاء صلاحية جزء منه في يوليو 2025، مما قد يؤدي إلى التخلص منه بطرق غير مثالية.
- حذر خبراء من كارثة محتملة تؤدي إلى سوء التغذية والجوع في بلدان هشة نتيجة قرارات ترامب بوقف المساعدات الدولية.
أفادت خمسة مصادر مطّلعة بأنّ حصصاً غذائية تكفي 3.5 ملايين شخص لمدّة شهر سوف تتلف في مستودعات حول العالم بسبب تخفيض إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المساعدات الخارجية، مشيرة إلى أنّها عرضة لخطر تحوّلها إلى "غير صالحة للاستخدام"، علماً أنّ قيمة هذه المواد الغذائية تُقدَّر بأكثر من 98 مليون دولار أميركي.
وذكرت ثلاثة مصادر عملت في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (يو إس إيد)، قبل أن يقرّر ترامب تصفيتها، وكذلك مصدران في منظمات إغاثية أخرى أنّ المخزون الغذائي المشار إليه عالق في أربعة مستودعات تحت سلطة الحكومة الأميركية مذ قرّرت إدارة ترامب تخفيض برامج المساعدات الأميركية الخارجية في يناير/ كانون الثاني 2025، أي بعد عودته إلى البيت الأبيض في ولاية ثانية.
وأكد مصدران أنّ صلاحية جزء من المخزون في تلك المستودعات سوف تنتهي في بداية يوليو/ تموز 2025، أي بعد أقلّ من شهر ونصف شهر، ومن المرجّح التخلّص منه إمّا بالحرق وإمّا باستخدامه علفاً للحيوانات وإمّا بطرق أخرى.
وبيّنت المصادر الخمسة أنّ المستودعات حيث تُخزَّن المواد الغذائية، التي يديرها مكتب المساعدات الإنسانية التابع للوكالة الأميركية للتنمية الدولية، تحتوي على ما بين 60 ألفاً و66 ألف طنّ من المواد الغذائية التي ورّدها مزارعون ومصنّعون أميركيون. وكشفت قائمة جرد غير مؤرخّة للمستودعات المشار إليها، التي تقع في جيبوتي وجنوب أفريقيا ودبي (في الإمارات)، وكذلك في مدينة هيوستن (في ولاية تكساس الأميركية)، أنّها تحتوي على أكثر من 66 ألف طنّ من السلع الغذائية من قبيل البسكويت عالي الطاقة والزيوت النباتية والحبوب المعزّزة بعناصر مغذّية. وقد اطّلعت وكالة رويترز على القائمة التي أتاحها مسؤول في مجال الإغاثة، والتي أكّد مصدر في إدارة ترامب أنّها محدّثة.
وأظهر تحليل أعدّته وكالة رويترز، استناداً إلى بيانات برنامج الأغذية العالمي، أنّ في إمكان هذه الكمية من المواد الغذائية إطعام أكثر من مليون شخص لمدّة ثلاثة أشهر أو سكان قطاع غزة بالكامل لمدّة شهر ونصف شهر. ويوضح البرنامج أنّ طنّاً واحداً من الأغذية، الذي يشمل عادة الحبوب والبقوليات والزيت، يستطيع تلبية الاحتياجات اليومية لنحو 1.660 شخصاً.
وجاء تقليص عمل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية وتخفيضات ترامب للمساعدات الإنسانية في الوقت الذي ترتفع فيه مستويات الجوع عالمياً بسبب النزاعات وتغير المناخ، الأمر الذي من شأنه أن يهدّد مزيداً من الناس بالمجاعة ويقضي على عقود أُحرز في خلالها تقدّم في هذا المجال. ووفقاً لبرنامج الأغذية العالمي، يواجه 343 مليون شخص مستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي على مستوى العالم، من بينهم 1.9 مليون شخص يعانون من جوع كارثي وعلى شفا المجاعة، معظمهم في قطاع غزة والسودان، بالإضافة إلى مناطق في جنوب السودان وهايتي ومالي.
وقال متحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية التي تشرف على الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، رداً على أسئلة مفصّلة حول المواد الغذائية المخزّنة، إنّ وزارته تعمل على ضمان استمرار برامج المساعدات من دون انقطاع ونقلها بحلول يوليو المقبل، في إطار عملية حلّ الوكالة. أضاف أنّ "الوكالة تتشاور باستمرار مع شركائها حول أفضل المواقع لتوزيع السلع الغذائية في مستودعات الوكالة المجّهزة مسبقاً لاستخدامها في برامج الطوارئ قبل انتهاء صلاحيتها".
وعلى الرغم من أنّ إدارة ترامب كانت قد أصدرت استثناءات لعدد من البرامج الإنسانية، منها في قطاع غزة والسودان، أشارت المصادر الخمسة إلى أنّ إلغاء العقود وتجميد الأموال اللازمة لدفع مستحقات المورّدين وشركات الشحن والمتعاقدين تسبّبا في إبقاء مخزونات الأغذية عالقة في المستودعات الأربعة.
ووفقاً لثلاثة من تلك المصادر، فإنّ اقتراح تسليم المخزونات إلى منظمات الإغاثة القادرة على توزيعها ما زال معلّقاً. ولفت مصدران من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية إلى أنّ الخطة تنتظر موافقة مكتب المساعدات الخارجية لدى وزارة الخارجية. لكنّ المكتب لم يردّ على طلب وكالة رويترز التعليق، كذلك لم تفعل إدارة الكفاءة الحكومية ولا جيريمي ليوين المسؤول عن مكتب المساعدات الخارجية.
وتنتهي صلاحية نحو 500 طنّ من البسكويت عالي الطاقة المخزّن في مستودع تابع للوكالة في دبي في يوليو 2025، وفقاً لمسؤول سابق في الوكالة الأميركية ومسؤول إغاثة مطّلع على المخزونات. واستناداً إلى حسابات وكالة رويترز، يمكن لهذه الكمية إطعام ما لا يقلّ عن 27 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد لمدّة شهر. وقد أشار المسؤول نفسه إلى أنّ بعضاً من هذه المخزونات كان مخصصاً لقطاع غزة والسودان في السابق.
وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) قد حذّرت، في أواخر مارس/ آذار الماضي، من نقص مخزونات الأغذية العلاجية الجاهزة للاستخدام في 17 دولة بسبب تخفيضات التمويل، الأمر الذي يجعل 2.4 مليون طفل يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم من دون إمدادات الأساسية لبقية عام 2025. يُذكر أنّ المستودعات الأربعة تحوي معظم مخزونات الأغذية المخزّنة مسبقاً من قبل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. وفي الظروف العادية، يمكن إرسال هذه المخزونات سريعاً إلى مناطق مثل السودان حيث يواجه 25 مليون شخص، أي نصف سكان البلاد، جوعاً حاداً.
في سياق متصل، كان عاملون في مجال مكافحة سوء التغذية قد حذّروا، في إبريل/ نيسان الماضي، من "كارثة" سوف تؤدّي إلى "قتل أطفال"، على خلفية وقف إدارة ترامب المساعدات الخارجية والاقتطاع من ميزانيات التنمية في دول عدّة. من جهته، حذّر برنامج الأغذية العالمي، في أكثر من مرّة، من سوء التغذية والجوع في بلدان عديدة هشّة، وغيرهما من تداعيات قد تنجم عن قرارات ترامب التي راح يصدرها منذ بداية العام الجاري.
(رويترز، العربي الجديد)