سوريون يعودون للسكن قرب أنقاض منازلهم

13 فبراير 2025
عودة إلى اليرموك رغم الدمار، 1 فبراير 2025 (أوغوز يتير/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يختار العديد من السوريين العودة إلى مناطقهم المدمرة بدلاً من البقاء في مخيمات النزوح، مفضلين السكن في خيام على أراضيهم رغم الدمار، تعبيرًا عن رغبتهم في الاستقرار وإنهاء رحلة النزوح الطويلة.

- يواجه العائدون تحديات كبيرة في تأمين السكن والخدمات الأساسية، معتمدين على المساعدات الإنسانية والمبادرات المحلية لإعادة تأهيل منازلهم، مؤكدين على أهمية الأرض وإصرارهم على إعادة بناء حياتهم.

- يفضل البعض العودة في فصل الصيف لتجنب الطقس البارد، بينما يعمل آخرون على ترميم منازلهم في مناطق مثل ريف دمشق وريف حمص وريف إدلب، رغم عدم وضوح مستقبل إعادة الإعمار.

حسم سوريون خياراتهم بترك مخيمات النزوح والعودة إلى مناطقهم والسكن في خيام في ظل الدمار الكبير، فالعودة إلى مسقط الرأس أفضل بالنسبة إليهم

فضل الكثير من السوريين من سكان بعض المناطق المدمرة التخلي عن الحياة في المخيمات وأماكن النزوح والعودة إلى مناطقهم، رغم الدمار، حتى أن كثيرين سكنوا في خيام فوق أراضيهم قرب منازلهم المدمرة، سعياً إلى الخلاص من رحلة النزوح والتشرد الطويلة، التي تجاوزت لدى البعض العشر سنوات. ويرى هؤلاء أن الاستقرار في مسقط الرأس هو نهاية ما قاسوه من صعوبات.
ودفع الحنين إلى الأرض والرغبة في إعادة بناء الحياة من جديد مازن معترماوي وعائلته إلى العودة إلى مدينتهم معرة النعمان جنوب محافظة إدلب، رغم الدمار الكبير الذي لحق بمنازلهم، ليواجه تحديات كبيرة في تأمين السكن والمياه والكهرباء والخدمات الأساسية. يقول لـ "العربي الجديد": "المعرة هي بيتنا وأمننا وأماننا، حتى لو لم يبقَ لنا سوى بضع أكوام من الحجارة. سنحاول التأقلم ونعيد البناء من جديد وتأهيل المدينة رغم الإمكانات المحدودة"، مشيراً إلى أنه يسكن بالقرب من منزله المُهدّم في أحد الأبنية التي لم يعد أصحابها إليها بعد، ريثما يتمكن من إعادة إصلاح منزله، الذي لم يتبقّ منه سوى أطلال جدران تقاوم الانهيار. يضيف معترماوي: "رغم تحديات السكن في مدينة تحولت إلى مدينة أشباح، فإننا نفضل الموت في أرضنا على العيش مشردين في المخيمات".
من جانبها، قالت مريم البرغل، من أهالي كفروما بريف إدلب الجنوبي، لـ "العربي الجديد"، إنهم عادوا إلى منازلهم المهدَّمة لإعادة تأهيلها، معتمدين على المساعدات الإنسانية والمبادرات المحلية، غير أن الكثير من المنازل والحارات مدمّرة جزئياً أو كلياً، ما يجعل إعادة الإعمار صعبة بسبب قلة الموارد والدعم المالي، خصوصاً بعد سنوات من الهجرة جعلتها وغيرها من سكان القرية بلا مصدر دخل.

وتروي مريم المعاناة اليومية اليومية والصراع من أجل البقاء، قائلة: "عدنا رغم الدمار. الأرض لا تُعوّض. صحيح أن بيتي كومة ركام، لكن لا شيء أغلى من تراب البلد، وواثقة بأن الحياة ستعود إلى البلدة شيئاً فشيئاً".
حياة الشيخ، وهي معلمة سابقة، عادت من مخيمات النزوح رغم دمار منزلها والبرد القارس إلى مدينتها، كفرنبل. وتقول: "رغم عدم وجود مدارس ولا خدمات، ودمار المنازل بالكامل وكأن المغول مروا من هنا، عدنا من جديد، وأفضل ما في الأمر أننا اليوم بلا نظام الأسد المجرم. يمكننا العيش بحرية وكرامة على الأقل".
بدوره، فضل عبد السلام الحلوم العودة إلى بلدته في ريف حمص الشمالي، تاركاً المخيم حيث كان يقيم ضمن منطقة دير حسان، كما يوضح لـ "العربي الجديد". ويقول إنه سئم حياة المخيم، لا سيما أن الحنين إلى بلدته غلب عليه. يضيف: "عملياً، لا أملك منزلاً في البلدة، إنما عبارة عن غرفتين صغيرتين بنيتهما خلال سنوات حصار المنطقة لأقيم فيهما".

اختار البعض العودة إلى حمص رغم الدمار، 22 يناير 2025 (Getty)
اختار البعض العودة إلى حمص رغم الدمار، 22 يناير 2025 (Getty)

ولا يرى الحلوم فرقاً بين الحياة في الخيمة أو في غرفتين صغيرتين مسقوفتين بالصفيح، إلا أن مكان النشأة يخفف عنه أي تعب أو غربة. يضيف: "حملت ألواح الطاقة الشمسية معي، لكن تركت خلفي الكثير من الهموم. سأزرع أرضي وأعيش منها. هذا ما أتوق إليه. لن أغادرها حتى مماتي، فقد كانت سنوات التهجير صعبة". 
ورصدت "العربي الجديد" سكن بعض الأهالي ضمن المناطق المدمرة، منها داريا في غوطة دمشق الغربية، ومخيم اليرموك، حيث فضل هؤلاء الأهالي العودة إلى منازلهم شبه المنهارة والبقاء فيها بدلاً من دفع إيجارات ضخمة لا طاقة لهم على تحمل أعبائها.

في المقابل، يترقب الكثير من سكان المخيمات حلول فصل الربيع بدلاً من العودة إلى مناطقهم في ظل البرد، حتى وإن كانت بيوتهم مدمرة، منهم عبدو السلطان. يقول لـ "العربي الجديد" إنه قد يبقى مع عائلته في المخيم القريب من بلدة دير حسان بريف إدلب الشمالي حتى حلول فصل الصيف. يضيف: "بيتي في ريف حماة الشمالي قرب مدينة كفرنبودة، وغالبية المنازل هناك مدمرة، من بينها بيتي الذي حل فيه دمار كبير". يتابع: "العودة في الصيف أفضل، فقد ننام من دون نوافذ أو أبواب، لكن في الوقت الحالي الأمر صعب". 
ويعمل بعض السوريين في مناطق ريف دمشق وريف حمص، إضافة إلى ريف إدلب، على ترميم منازلهم، إذ إن إعادة الإعمار قد تستغرق وقتاً طويلاً، ولا يوجد لديهم تصور عما إذا كان هناك إعادة إعمار في سورية أو عن شكل هذا الإعمار.  

المساهمون