سورية: ترميم منازل الطين مهمة سنوية قبل الأمطار في القامشلي

سورية: ترميم منازل الطين مهمة سنوية قبل الأمطار في القامشلي

23 أكتوبر 2020
بيوت الطين تخفّف حرارة الصيف وبرد الشتاء بسبب جدرانها السميكة (Getty)
+ الخط -

يستقرّ الكثير من سكّان مدينة القامشلي في محافظة الحسكة،  شمالي شرق سوريّة، في منازل من الطّين، محافظين على هذه المنازل ضمن دورة صيانة سنويّة تجعل منها سكناً مريحاً، ينالون فيه الدفء في فصل الشتاء، ويخفّف عنهم الحرّ في فصل الصيف. ورغم تطوّر وسائل العمران، ما زال بناء هذه البيوت وترميمها أمراً شائعاً لا غنى عنه.
ترميم منازل الطين عملية  تسبق موسم الأمطار، وتمتد من شهر سبتمبر/ أيلول حتى نوفمبر/ تشرين الثاني، وفق محمد حسن، من مدينة القامشلي، الذي يقول لـ"العربي الجديد": "ما زالت بيوت الطين تُبنى، حتى وقتنا هذا، في القامشلي، ويتمّ ترميمها في كلّ عام. فيُجلب التراب من أمكان محدّدة، ويُباع بأسعار مرتفعة مقارنة بالأعوام الماضية، يُخلط هذا التراب مع القشّ ويُضاف إليه الماء حتى يصبح طيناً، وهو يُستخدم في عملية الترميم، لتغطية القشرة الخارجية من الجدران، بعد تشقّقها خلال العام، وتُسمّى هذه العملية "اللياسة"".
أما الأسقف فتتمّ صيانتها من الخليط الطيني ذاته، كما يوضح حسن، فتُزال الأجزاء المتشقّقة وتُستبدل بالطين الجديد، والسقف يُبنى من عوارض خشبية، تعامدها أعواد القصب "الزّل"، وتُفرش فوقه طبقة من القشّ، ثم يوضع فوقها الطين. والبعض يلجأ إلى اعتماد طبقة من الطين، ثم شادر من البلاستيك، وفوقه طبقة طين أخرى، لمنع تسرّب مياه الأمطار من السقف، وللحفاظ على الشادر البلاستيكي من التلف تحت أشعة الشمس". 

 

وتنتشر البيوت الطينية في كافة  أحياء مدينة القامشلي، وتوجد أحياء كاملة بُنيت منازلها من الطين، منها حيّ قناة السويس وحيّ العنتريّة وحيّ الهلالية وحيّ علّاية. وما زالت هذه البيوت تُبنى أيضاً في المدينة، رغم تكاليف شراء التراب وتكاليف اليد العاملة.  
وعن أسباب تفضيل منازل الطين من قبل السكّان، يوضح عقبة أبو أحمد، لـ"العربي الجديد"، أنّ الأمر عائد لكون هذه البيوت تخفّف حرارة الصيف وبرد الشتاء، بسبب الجدران السميكة، حيث تكون "اللبنات" كبيرة، وقد يصل طولها إلى نحو 50 سنتيمتراً.
أما البيت من الداخل، وبعد تجديد الطين بعملية الترميم، يُطلى بالكلس كما يشير أبو أحمد، ويتمّ صنع اللبنات من خليط التراب والقش والماء، وتوضع في قوالب خشبية وتجفّف تحت أشعة الشمس، ولا تدخل في أفران أو تُحرق كما القرميد، إنّما فقط تُجفّف تحت أشعة الشمس.
وتعود أسباب تفضيل هذه البيوت على غيرها وفق علي إبراهيم، وهو اختصاصي جغرافيا في المدينة، بحسب ما يقول لـ"العربي الجديد"، "إلى طبيعة المنطقة، فأعلى نسبة أمطار فيها خلال العام تبلغ 600 ميليمتر، والمتوسط السنوي للهطول هو 400 ميليمتر، حيث تتّسم المنطقة بمناخ حارّ وجافّ على مدار العام، وعوامل أخرى مثل الرياح والرطوبة التي تجعل من البيوت الطينية الأكثر ملاءمة للسكن".
ويرى إبراهيم أنه إلى جانب الارتباط التراثي بهذه البيوت، هنالك نوع من الارتباط الذي فرضته ظروف الطبيعة، إذ ليس من السهل بالنسبة للأهالي استبداله، فضلاً عن كون تكاليف بناء هذه البيوت أقلّ من تكلفة بناء غيرها. 
وتنتشر البيوت الطينية في معظم مناطق محافظة الحسكة السورية، وتختلف باختلاف أسقفها، فمنها المسطّح السقف ومنها ما يكون مرتفعاً في الوسط يمنع تجمع مياه الأمطار، التي قد تتسرب عبر السقف، في حال حدوث تشقّقات فيه. 

المساهمون