سورية: الاحتفال بعيد الفطر لتجاوز الهموم

سورية: الاحتفال بعيد الفطر لتجاوز الهموم

01 مايو 2022
لا غنى عن ملابس جديدة للأطفال في العيد (العربي الجديد)
+ الخط -

تحافظ العائلات السورية على عاداتها في عيد الفطر وتعمد إلى تحضيرات محاولةً تجاوز الظروف فيما تهدف إلى تعويم الفرح الذي غمرته الأيام الصعبة بالإضافة إلى رسم ابتسامات على وجوه الأطفال. وتتشابه التحضيرات لاستقبال عيد الفطر في عموم المناطق السورية، بين النازحين في المخيمات وهؤلاء الذين يقيمون في بيوتهم، فتُجهّز الحلويات ومسلتزمات الضيافة وتُحضّر ملابس الأطفال، وإن كان ذلك بالحدّ الأدنى نظراً إلى الظروف الاستثنائية التي يمرّ السوريون بها على امتداد الوطن.
عائلة إسراء واحدة من تلك العائلات، فهي تقيم مع زوجها وأطفالهما في بيت مستأجر بريف دمشق وبالكاد تتدبّر المصاريف هي وزوجها، لكنّها تتمسّك بفرحة أطفالها بملابس العيد. وتخبر "العربي الجديد": "لديّ ثلاثة أطفال، أصغرهم في الثالثة من عمره. لم نكن نخطّط لشراء ملابس لهم جميعاً، لكنّ العيد هو فرصة لنا ولهم". تضيف إسراء: "هي فرصة حتى يفرحوا بملابس العيد، لكنّ أسعار الملابس الجاهزة مرتفعة جداً مقارنة بدخل المواطن السوري اليوم. وعندما يتوجّه الناس إلى الأسواق يقعون في الذهول وسط استهجان وشكوى، فيعود بعضهم أدراجهم". وتتابع إسراء أنّ "ملابس طفلي الصغير كلّفتني تقريباً 100 ألف ليرة سورية (نحو 24 دولاراً أميركياً)"، مشيرة إلى أنّه "كنّا نخطط لأن نشتري له ولأخوَيه من البالة، لكنّ ملابس البالة ذات نوعية رديئة ولا تصلح للعيد وأسعارها صارت بدورها مرتفعة جداً وتوازي أسعار الجاهز والجديد".


وشراء ملابس الأطفال للعيد أمر لا يمكن الاستغناء عنه، على الرغم من الظروف الصعبة، بحسب ما تؤكد خولة الأحمد النازحة من ريف معرّة النعمان جنوبي إدلب. وتقول لـ"العربي الجديد": "لم يتبقّ لنا شيء من العيد سوى فرحة أطفالنا ورؤيتهم صباح العيد وهم يندفعون لارتداء ملابسهم والتجوّل في المخيّم لمعايدة الأقارب واللعب مع أقرانهم". تضيف الأحمد أنّه "من الجميل أن أسرّح شعر بناتي صباحاً وأن يرتدينَ ملابس العيد ليرافقنني لزيارة قريباتي. كذلك يفرح إخوتهن كثيراً عندما يرتدون ملابس العيد. ونحن اشترينا لهم جميعاً الملابس قبل نحو 10 أيام. صحيح أنّ الأسعار مرتفعة جداً هنا في الدانا، لكنّنا اشترينا القطع بالحدّ الأدنى".

الصورة
تحضيرات عيد الفطر 2022 في سورية 2 (العربي الجديد)
السكاكر من أساسيات العيد على الرغم من الغلاء (العربي الجديد)

وكما أنّ لا غنى عن ملابس الأطفال الجديدة في العيد، فإنّ "لا عيد بلا حلويات"، بحسب ما يقول خليل الحسن من أبناء مدينة القامشلي شمال شرقي سورية. ويشير لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "ظروفي لا تسمح لي بشراء حلويات العيد كما في السابق، تلك المصنوعة بالسمن العربي من قبيل الهريسة والبقلاوة. لكنّني اليوم أكتفي بالحدّ الأدنى مع الشوكولاتة والكراميل". يضيف الحسن: "اعتدت استقبال إخوتي والضيوف صباح العيد وتقديم الحلويات لهم، بمختلف أنواعها. سوف أحتفظ بعادتي، وإن تغيّرت طبيعة الحلوى"، لافتاً إلى أنّ "هذه حال الجميع، في حين يتمسّك الناس بعادات التحضير للعيد. بالتالي يعمدون إلى ما هو من ضمن إمكاناتهم". تجدر الإشارة إلى أنّ العيد يرتبط برائحة القهوة العربية "المرّة" التي تُصاحب الحلويات التي تقدَّم للضيوف في المناسبة. لذا فهي تُحضّر بعناية لتكون جاهزة صباح يوم العيد".

الصورة
تحضيرات عيد الفطر 2022 في سورية 3 (العربي الجديد)
هكذا تبدو شوارع في سورية قبل عيد الفطر (العربي الجديد)

وفي سياق متصل، يرى أحمد الشيخ أنّ "أجواء العيد تتشابه، والناس يريدون شراء حاجياتهم، لكنّهم يعيشون في فقر لم يعهدوه في أيّ عام مضى". ويلفت إلى أنّ "حركة الشراء متدنّية مقارنة بعدد مرتادي الأسواق بسبب الغلاء"، موضحاً "وأنا من جهتي اشتريت نصف ما كنت أشتريه في الأعياد السابقة".
أمّا فاطمة الحلبي، المقيمة في مخيّم قريب من مدينة سرمدا، شمالي إدلب، فتقول لـ"العربي الجديد" إنّ "ثمّة عادة لم أتخلّ عنها منذ نزحت إلى هنا في عام 2018، وهي تحضير كعك ومعمول العيد. لكنّني سوف أكتفي في هذا العيد بتحضير كيلوغرامَين فقط من المعمول، كون أطفالي يحبّونه. كذلك هو يُقدّم للضيوف، لكنّ الظروف لا تسمح بتحضير كمية أكبر". تضيف الحلبي: "تغيّرت أعيادنا مثلما تغيّرت أمور كثيرة في السنوات الماضية، وتفرّقت العائلات وتشتّت الإخوة، غير أنّه تبقى للعيد خصوصيته مهما جرى"، مشدّدة على "وجوب أن نتمسّك بهذه الخصوصية ونحرص على التحضيرات المعتادة".

لجوء واغتراب
التحديثات الحية

من جهتهم، فإنّ الأطفال يترقّبون بحماسة أيام العيد لما تحمل لهم من فسحة للفرح مع ملابس جديدة وألعاب. في هذا الإطار، تخبر الطفلة خديجة التي تقيم مع عائلتها في مخيّم على مقربة من مدينة الدانا بريف إدلب، "العربي الجديد"، بأنّها حصلت على ملابس جديدة للعيد وهي تنتظر بلهفة صباح العيد كي ترتديها وتتّصل بجدَّيها بتقنية الفيديو لتريهما الثياب.

المساهمون