سورية: إنقاذ امرأة سقطت في بئر بريف منبج بعد جهود استمرت 11 ساعة

28 فبراير 2025
خلال عملية الإنقاذ بمحافظة حلب شمالي سورية، 27 فبراير 2025 (الدفاع المدني)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تمكنت فرق الدفاع المدني السوري بمساعدة الأهالي من إنقاذ امرأة سقطت في بئر بعمق 10 أمتار بقرية الجاموسية، حيث استمرت العملية لأكثر من 11 ساعة باستخدام حفرة جانبية وضخ الأوكسجين.
- واجهت الفرق تحديات بسبب صلابة الأرض وضيق فوهة البئر، لكن بمساعدة الأهالي والآليات الثقيلة تم إنقاذ المرأة ونقلها للمستشفى.
- حذرت "الخوذ البيضاء" من خطورة الآبار المكشوفة، داعية لإغلاقها وتأمينها، خاصة بعد حوادث سابقة لسقوط أطفال.

تمكّنت فرق البحث والإنقاذ في الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)، بمساعدة الأهالي المختصين في حفر الآبار الارتوازية، من إنقاذ امرأة سورية سقطت في بئر بعمق نحو 10 أمتار في قرية الجاموسية بالقرب من منبج شرقي محافظة حلب في شمال سورية. واستمرّت عملية الإنقاذ أكثر من 11 ساعة، انتهت بنجاح عند الساعة 3:20 من فجر اليوم الجمعة، بعد استحداث حفرة جانبية موازية للبئر من أجل الوصول إلى المرأة.

وأعلنت "الخوذ البيضاء" أنّ بعد انتهاء عملية الإنقاذ، ردمت الفرق الحفرة الجانبية وأغلقت فوهة البئر كلياً، محذّرةً الأهالي من خطورة الآبار المكشوفة، خصوصاً في المناطق التي عاد إليها المدنيون أخيراً. ودعت المؤسسة إلى ضرورة إغلاق الآبار المكشوفة أو المهجورة وتأمينها، وإبلاغ فرق "الخوذ البيضاء" عنها للتعامل معها بما يضمن سلامة الجميع.

في هذا الإطار، قال قائد عملية الإنقاذ المتطوّع فيصل محمد علي لـ"العربي الجديد": "استجابت فرق الخوذ البيضاء يوم أمس لبلاغ بشأن سقوط امرأة في بئر ارتوازية بمنطقة الجاموسية. وصلنا البلاغ في الساعة 3:23 من بعد ظهر يوم أمس الخميس، وعلى الفور استجابت الفرق وتوجّهت الآليات إلى الموقع على الرغم من بُعده عن مركز الخوذ البيضاء. وبعد تقييم المكان ودراسة طبيعة الأرض ووضع المرأة، بدأت الفرق بضخّ الأوكسجين إلى داخل البئر للحفاظ على حياة المرأة". وأشار إلى أنّ "الأرض هناك صخرية شديدة الصلابة، وكانت عملية الإنقاذ سباقاً حقيقياً مع الزمن. وبالتزامن مع ضخّ الأوكسجين ومحاولات الإنقاذ العمودية من أعلى البئر، بدأنا بإنشاء حفرة جانبية للوصول إلى المرأة".

أضاف علي أنّ "المرأة كانت عالقة على عمق نحو 10 أمتار، علماً أنّ عمق البئر يبلغ نحو 70 متراً، وكانت الفوهة ضيّقة جداً، ما صعّب عمليات الإنقاذ. وبدأنا الحفر لنصل إلى عمق أربعة أمتار، لكنّ صلابة الأرض الصخرية تزايدت. وعلى الرغم من بُعد المسافات، وصلت الآليات الثقيلة فيما كان الأهالي يساعدوننا". وأكد أنّ "لأهالي المنطقة المختصين في حفر الآبار يدوياً، فضلاً كبيراً في نجاح عملية الإنقاذ"، موجّهاً لهم "الشكر الجزيل".

وتابع قائد عملية الإنقاذ أنّ "في الوقت نفسه، كان فريق الإسعاف جاهزاً لمراقبة العلامات الحيوية للمرأة والتأكّد من إمدادها بالأوكسجين باستمرار. وبحلول الساعة 10:30 مساءً، وصلنا إلى مستوى جسم المرأة في الحفرة الجانبية، لكنّ الأرض اشتدّت صلابة، الأمر الذي أدّى إلى تباطؤ عملية الحفر. لكنّنا استمررنا في ذلك، بلا توقّف، حتى الساعة الثانية من بعد منتصف الليل، مع مواصلة إمداد المرأة العالقة في البئر بالأوكسجين. وعند الساعة الثالثة تمكّنّا من ثقب جدار البئر وربط المرأة من يدَيها وكتفها وسحبها. ثمّ نقلناها فوراً إلى مستشفى منبج الوطني حيث قُدّمت لها الإسعافات الأولية، وتأكدنا من استقرار حالتها الصحية قبل مغادرتنا".

ولفت علي إلى أنّ "بعد إنقاذ المرأة، رُدمت الحفرة وجرى تأمين البئر بالكامل"، موضحاً أنّ "ظروف العمل كانت صعبة جداً بسبب صلابة الأرض والحاجة إلى آليات متخصّصة، لكنّ تكاتف الأهالي معنا ومساعدتهم الكبيرة سرّعا عملية الإنقاذ، وتمكّنّا من إنقاذها وهي على قيد الحياة".

من جهته، قال محسن العبدو، مالك حفّارة، لـ"العربي الجديد" إنّ "ثمّة مالكي آبار يتجاهلون خطرها، فلا يغطّونها فور حفرها، وهذا الأمر خطر جداً. ونحن، بصفتنا عمّالاً في مجال حفر الآبار، نتعامل بحذر شديد مع الأمر، خصوصاً في خلال عملية الحفر وبعدها. ونعمد إلى إنزال أنبوب معدني في داخل البئر بعد حفرها، نسمّيه "قميصاً"، يجعل عملية إنقاذ العالقين في البئر صعبة، ولا سيّما في حال تشابُك الرجلَين والجسم في خلال السقوط". ووجّه العبدو نصيحة بـ"وضع غطاء معدني مع أقفال لمنع الأطفال من العبث بالآبار، وكذلك للحرص على حياة المارة الذين قد يسقطون فيها من دون انتباه"، مشدّداً على أنّ "عمليات الإنقاذ (في العادة) تكون صعبة جداً وميؤوسا منها في حال كان السقوط عميقاً جداً".

في سياق متصل، سقط طفل في بئر عربية لتجميع المياه في مدينة منبج، يوم الجمعة الماضي، وقد أُبلغت فرق "الخوذ البيضاء" بالحادثة. وعند وصول فريق الإنقاذ، كان المواطنون قد تمكّنوا من إنقاذ الطفل الذي تعرّض لكسور في الأطراف، وقد أسعفه الفريق ونقله إلى المستشفى لتلقّي العلاج اللازم. ودعت "الخوذ البيضاء" حينها الأهالي إلى ضرورة الحذر من الآبار المكشوفة في المناطق التي عاد إليها المدنيون في الآونة الأخيرة وتأمينها بطريقة جيدة، وإبلاغ الفرق المختصّة عن الآبار المهجورة للتعامل معها بما يضمن سلامة الجميع.

وفي 19 يناير/ كانون الثاني العام الماضي، توفي طفل إثر سقوطه في بئر عربية ذات فوهة واسعة بعمق 60 متراً، علماً أنّ عمق سطح المياه في البئر يبلغ نحو 40 متراً، في قرية سوسنباط بالقرب مدينة الباب بريف حلب الشرقي. وقد دعت حينها "الخوذ البيضاء" الأهالي والمزارعين إلى ضرورة عدم ترك أيّ بئر مفتوحة لحماية أنفسهم وعائلاتهم، وإبلاغ الفرق المختصة عن أيّ آبار مفتوحة أو حفر عميقة في مناطقهم أو محيط منازلهم ومزارعهم، ليُصار إلى تأمينها وضمان سلامة الناس.

المساهمون