سورية: إطلاق منصة وطنية لدعم المفقودين والمختفين قسرياً
استمع إلى الملخص
- تقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان يشير إلى أن أكثر من 181 ألف شخص لا يزالون معتقلين أو مختفين قسريًا منذ 2011، مع التركيز على التحولات بعد سقوط نظام بشار الأسد في 2024، مما يعكس الكارثة الإنسانية.
- أكدت وزارة الخارجية السورية التزامها بقضية المفقودين، مشددة على أن إنشاء الهيئة يعكس الإرادة الوطنية لمعالجة الملف ومحاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب، كجزء من بناء سوريا الجديدة.
أطلقت الهيئة الوطنية للمفقودين، اليوم السبت منصة "دعم الهيئة الوطنية للمفقودين في سورية"، بالتعاون مع ست منظمات مجتمع مدني، فيما ذكرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها السنوي اليوم أن أكثر من 181 ألف شخص ما زالوا معتقلين أو مختفين قسرياً منذ عام 2011.
وذكرت الهيئة الوطنية للمفقودين خلال مؤتمر صحافي عقدته في دمشق، اليوم السبت، بمناسبة اليوم الدولي لمساندة ضحايا الاختفاء القسري المصادف 30 أغسطس/آب انها معنية بتوثيق المختفين قسرًا من السوريين منذ عام 1970، وأن الهدف من هذه المنصة الرقمية، إنشاء بنك معلومات للمفقودين، إضافة إلى مشروع بطاقة لدعم ذويهم قانونيًا ونفسيًا واجتماعيًا، مع وضع بروتوكولات لحماية الشهود وتبادل البيانات.
ويشارك في المنصة، منظمات عدة شاركت في توثيق ضحايا الاختفاء القسري، مثل "المركز السوري للعدالة والمساءلة"، و"الأرشيف السوري" و"المركز السوري لحرية الإعلام والتعبير" و"رابطة معتقلي صيدنايا" و"رابطة عائلات قيصر". وخلال المؤتمر الصحافي، قالت المستشارة الإعلامية للهيئة الوطنية للمفقودين، زينة شهلا، إن المنصة التي جرى إطلاقها اليوم معنية بشكل أساسي، بالبيانات والتوثيق، لبناء بنك معلومات وطني خاص للمفقودين.
وتشكلت الهيئة الوطنية للمفقودين، في 17 مايو/ أيار الماضي بموجب مرسوم رئاسي. ووثقت حتى الآن أكثر من 63 مقبرة جماعية في سورية، فيما تتراوح تقديرات أعداد المفقودين بين 120 و300 ألف شخص، وفق ما ذكر في وقت سابق رئيس الهيئة محمد رضا جلخي.
وتستقي الهيئة معطياتها من بيانات موجودة لدى منظمات مختلفة والتي تقدم بيانات أولية فقط، لان الكثير من العائلات لم تبلغ عن مفقوديها لأسباب أمنية وسياسية، اجتماعية. كما تتعاون الهيئة مع كل الجهات الدولية أو المحلية الحكومية وغير الحكومية التي تستطيع تقديم أي نوع من أنواع الدعم سواء قواعد بيانات أو دعم بالتوثيق أو الدعم التقني.
181 ألف شخص ما زالوا معتقلين أو مختفين قسرياً
من جانبها، ذكرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريرها السنوي الذي صدر اليوم بمناسبة اليوم الدولي لمساندة ضحايا الاختفاء القسري أن أكثر من 181 ألف شخص ما زالوا معتقلين أو مختفين قسرياً منذ عام 2011.
وذكر التقرير أن هذه النسخة تكتسب أهمية خاصة في ظل التحولات الجذرية التي شهدتها البلاد بعد سقوط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، وما ترتّب على ذلك من إخلاء السجون والمراكز الأمنية التي كانت خاضعة لسلطته من المحتجزين، الأمر الذي كشف جانباً إضافياً من حجم الكارثة الإنسانية التي خلّفها الاختفاء القسري في سورية على مدى أكثر من أربعة عشر عاماً.
وأوضح التقرير أن عددا محدودا من المعتقلين خرجوا أحياء من السجون بعد سقوط النظام السابق، فيما بقي مصير عشرات الآلاف مجهولاً، فتحوّلوا إلى مختفين قسرياً، وبذلك تكشّفت مأساة كبرى طالت المجتمع السوري برمته.
وتشير بيانات الشبكة ان ما لا يقل عن 181,312 شخصاً، بينهم 5,332 طفلاً و9,201 سيدة (أنثى بالغة)، لا يزالون قيد الاعتقال التعسفي أو الاختفاء القسري في سورية منذ مارس/آذار 2011 حتى أغسطس 2025. منهم 160,123 شخصاً، في مراكز الاحتجاز التابعة لنظام بشار الأسد السابق، و21,189 شخصاً، في مراكز الاحتجاز التي كانت تابعة لأطراف النزاع الأخرى في سورية.
وأوضحت الشبكة أن نظام بشار الأسد اعتمد منذ 2011 سياسة الاختفاء القسري بشكل ممنهج لترهيب المجتمع ومعاقبته جماعياً، مستهدفاً معارضين ومدنيين من مختلف المناطق والانتماءات. ورأى التقرير أن تأسيس الهيئة الوطنية للعدالة الانتقالية وهيئة المفقودين خطوة قانونية مهمة، غير أنَّ فعاليتها مشروطة باستقلاليتها الفعلية، وقدرتها على النفاذ الكامل إلى المعلومات والوثائق. ويتعيّن أن تُصاغ الأطر القانونية الناظمة لعملهما بما يضمن تمثيل الضحايا والمجتمع المدني، وترسيخ شمولية العدالة من كشف الحقيقة إلى المحاسبة والتعويض ومنع التكرار.
الخارجية السورية: محاسبة مرتكبي جرائم الحرب
من جهة أخرى، أكدت وزارة الخارجية السورية التزام دمشق الثابت بقضية المفقودين. وقالت في بيان لها، اليوم السبت، أن هذا الملف "يشكّل جرحاً وطنياً وأخلاقياً لا يمكن طيّه إلا بكشف الحقائق كاملة، وتحقيق العدالة، ومحاسبة المسؤولين عن جرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان". وقالت الوزارة ان انشاء "الهيئة الوطنية للمفقودين" هو "خطوة تاريخية تعكس الإرادة الوطنية الصادقة في معالجة الملف بعيداً عن أي تسييس أو استغلال".
وأكد البيان أن قضية المفقودين قضية إنسانية جامعة، ستبقى الحكومة السورية ماضيةً فيها حتى النهاية، "وفاءً للأرواح الغائبة، وإنصافاً لعائلاتهم"، مؤكدةً أن إنجاز هذا الملف يشكّل ركناً أساسياً في بناء سورية الجديدة.