استمع إلى الملخص
- يحمّل الناشطون السلطة السورية مسؤولية تدهور الخدمات، مطالبين بتدخل دولي لتأمين مولدات أو إصلاح الشبكة، ومراقبة التحركات الإسرائيلية.
- يعبر السكان عن إحباطهم من الوضع الراهن وعدم تقديم الحكومة حلولاً ملموسة، مطالبين بتدخل دولي عاجل لتفادي كارثة إنسانية.
في ظل ظروف معيشية بالغة القسوة، وبالتزامن مع التوغلات الإسرائيلية المتكررة والمستمرة، يعاني أهالي محافظة القنيطرة جنوبي غرب سورية من أزمة متصاعدة بسبب انقطاع التيار الكهربائي، ما فاقم من تدهور الخدمات الأساسية وخلق تحديات اقتصادية وأمنية غير مسبوقة.
إبراهيم الجريدة، مختار خان أرنبة في ريف القنيطرة، قال لـ"العربي الجديد"؛ إن انقطاع الكهرباء لفترات طويلة، خاصة خلال ساعات الليل، يتسبب في شلّ الحياة اليومية للسكان. موضحا أن الاعتماد على الكهرباء في تشغيل المحال التجارية والمشاريع الصغيرة جعل الانقطاعات توقف أرزاق الناس، الذين يعتمدون على الكهرباء في أعمالهم، مثل الورشات ومحلات التبريد، ما زاد من معدلات البطالة والفقر.
ويضيف: "لا تتوقف المعاناة عند الجانب الاقتصادي، بل تمتد إلى مخاطر أمنية. حيث إن انقطاع الكهرباء ليلًا يسمح لقوات الاحتلال الإسرائيلي باستغلال الظلام لتعزيز توغلاتها قرب القرى المحاذية للخط الفاصل مع الجولان المحتل، ما يزيد من مخاوف الأهالي على سلامتهم، خاصة مع غياب إنارة الشوارع وتردي خدمات الاتصالات". واصفا الوضع بـ"الكارثي". مشيرا كذلك إلى أن وضع المياه مرتبط بالكهرباء؛ حيث لا تملك مديرية المياه المحروقات لتشغيل مولدات الديزل، ما يضيف مشكلة تأمين المياه إلى المشاكل المتعددة.
بدوره، حمّل الناشط سعيد المحمد، من القنيطرة، السلطة السورية المسؤولية عن ذلك، مشيرا إلى ازدياد تردي الخدمة الكهربائية أكثر منها خلال عهد النظام المخلوع، مشيرا إلى أن الجهات المحلية تتجاهل حتى الصيانة الطارئة. مطالبا المنظمات الإنسانية والدولية بتحرك عاجل لتأمين مولدات طارئة أو إصلاح الشبكة الكهربائية، إضافة لمراقبة تحركات القوات الإسرائيلية التي تستغل الوضع لزيادة تحركاتها. مضيفا أن أزمة الكهرباء في القنيطرة ليست مجرد انقطاع للتيار، بل حلقة من معاناة يومية تمسّ الأمن والاقتصاد والحياة الاجتماعية، وتسبب واقعا مريرا يحتاج إلى تدخل عاجل قبل أن يتحول إلى كارثة إنسانية.
أحد العاملين في مهنة الحدادة من مدينة القنيطرة قال لـ"لعربي الجديد": لقد أنهكنا الإفلاس منذ أكثر من شهر لم أستطع العمل، الوضع محبط للغاية، وليس هنالك أي اهتمام من الحكومة الجديدة، فساعة واحدة من الكهرباء لا تكفي للعمل، وبالتالي لا نقود ولا معيشة كريمة". مضيفا: "لقد تأملنا أن يتحسن الوضع ولو قليلا بعد سقوط نظام الأسد، إلا أن الأمور ازدادت سوءا عن ذي قبل".
أم علي، ربة منزل من قرية محاذية للخط الفاصل، فضلت إخفاء اسمها، قالت لـ"العربي الجديد": "عندما يحل الظلام ليلاً يسيطر الخوف علينا. أولادي يخشون النوم، كل ليلة ومع حلول الليل تبدأ تحركات جنود الاحتلال في الازدياد مستغلين غياب الكهرباء".
فيما يقول محمد، وهو صاحب ورشة رخام في مدينة القنيطرة، إن "الورشة أغلقت منذ شهر، فالكهرباء تقطع 18 ساعة باليوم، والمولدات مرتفعة الثمن لا قدرة لي على شرائها. والشبان الذين كانوا يعملون معي أصبحوا عاطلين عن العمل". متسائلا: "ما الفرق بين الحكومة الجديدة والقديمة؟ الكل يكذب ويتحدث عن الإصلاحات، ونحن نموت جوعاً وقهراً".
ويرى الناشط المدني والصحافي علي الحسين والمهتم بوضع محافظة القنيطرة، أن "ما يجري في المحافظة أمر لا يمكن إهماله، فأزمة الكهرباء ليست عابرة، بل هي نتيجة تراكمية وتكرار لسياسات النظام السوري المخلوع الفاشلة. معتبراً أن انقطاع التيار ليس تقصيراً فنياً، بل جزء من إهمال حكومي، خاصةً مع تزايد التوغل الإسرائيلي في المحافظة". مضيفا أن "المجتمع الدولي يتفرج على كارثة إنسانية، بينما تُحاصر القنيطرة بثلاثية الجحيم؛ ظلام دامس، وبطالة قاتلة، وتهديد أمني يومي".