سلام عادل... قصة شارع عربي في قلب موسكو

20 اغسطس 2024
النصب التذكاري لشارع سلام عادل (العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **شارع سلام عادل في موسكو**: يقع على بعد كيلومترات من وسط موسكو، وسمي تكريماً للمناضل الشيوعي العراقي سلام عادل. أطلق الاسم في 1963 بناءً على توصية من الحزب الشيوعي السوفييتي، ويوجد نصب تذكاري له في بداية الشارع.

- **روابط سلام عادل مع الاتحاد السوفييتي**: كان شخصية بارزة في الحركة الشيوعية وزار موسكو عدة مرات. بعد انقلاب 1963، استقرت عائلته في موسكو. الشارع ليس الوحيد الذي يحمل اسم شخصية شيوعية أجنبية.

- **تأثير سلام عادل على الفكر اليساري العربي**: أثر في شخصيات عديدة مثل الإعلامي سلام العبيدي. والده، عادل العبيدي، تأثر بسلام عادل وانخرط في الحزب الشيوعي العراقي. توفي عادل العبيدي في المستشفى رقم 67 بشارع سلام عادل.

على بعد كيلومترات من وسط العاصمة الروسية موسكو، ثمّة شارع لا يختلف ظاهرياً عن أي شارع جانبي لكنه يحمل منذ حقبة الاتحاد السوفييتي اسماً عربياً هو سلام عادل، تكريماً لروح المناضل الشيوعي العراقي حسين أحمد الرضي الموسوي، وسلام عادل هو اسمه الحركي.
وسبق أن أطلق مجلس بلدية موسكو اسم سلام عادل على قسم من شارع بطل الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945) الجنرال كاربيشيف، وذلك بناء على توصية من اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفييتي التي دانت انقلاب عام 1963، وإعدام سلام عادل ورفاقه وملاحقة الشيوعيين.
وأقيم النصب التذكاري لسلام عادل في بداية الشارع مقابل المستشفى رقم 67 الذي نال بفضله اسم الشارع شهرة بين سكان موسكو. 
وكُتب على اللوحة التذكارية: "شارع سلام عادل. أطلقت عليه هذه التسمية عام 1963 لتخليد ذكرى الشيوعي الوطني السكرتير الأول للجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي حسين الرضي/سلام عادل الذي قضى في 7 مارس/آذار 1963 على أيدي الرجعيين العراقيين".

يتحدث المشرف العلمي في مركز بريماكوف بموسكو، المستشرق رسلان ماميدوف، لـ"العربي الجديد"، عن أن شارع سلام عادل ليس الموقع الوحيد في العاصمة الروسية الذي يحمل اسماً لشخصية شيوعية أجنبية، إذ تكرر ذلك أيضاً في ساحة الزعيم الشيوعي الفيتنامي هو شي مين، ومؤسسة حركة عدم الانحياز، رئيسة الوزراء الهندية السابقة إنديرا غاندي".
ويعلّق على الروابط التي جمعت سلام عادل مع الاتحاد السوفييتي السابق، بالقول: "زار عادل بصفته زعيماً للحزب الشيوعي العراقي منذ عام 1955 موسكو مرات للمشاركة في مؤتمرات الحزب الشيوعي السوفييتي، وبينها لحضور المؤتمر الـ22 عام 1961 حين ألقى كلمة".
يتابع: "كان سلام عادل شخصية بارزة في الحركة الشيوعية العالمية، ودافع عن مثلها حتى إعدامه إثر الانقلاب الذي نفذه حزب البعث عام 1963. وبعدما تعرّض الشيوعيون لموجة من القمع السياسي الداخلي في العراق، استقرت زوجة سلام عادل وأبناؤه في موسكو فترة من الزمن".

لا يختلف شارع سلام عادل عن غيره من شوارع موسكو (العربي الجديد)
لا يختلف شارع سلام عادل عن شوارع موسكو (العربي الجديد)

مُلهم اليساريين العرب

لعب سلام عادل دوراً بارزاً في تكوين الفكر اليساري في العالم العربي، وأثر في شخصيات كثيرة، وفق ما يوضح الإعلامي العراقي المقيم في موسكو، سلام العبيدي، وهو نجل الناشط الشيوعي العراقي في خمسينيات القرن الماضي، عادل العبيدي، الذي رحل أخيراً. 
ويقول العبيدي الذي سمّاه والده باسم المناضل الراحل سلام عادل، لـ"العربي الجديد": "تأثر والدي المرحوم عادل العبيدي في سن مبكرة بالفكر اليساري، وشارك في أنشطة اليساريين لا سيما في أعقاب ثورة 23 يوليو/تموز 1952 في مصر، والعدوان الثلاثي على مصر عام 1956، ثم انخرط في عمل الحزب الشيوعي في منتصف الخمسينيات، وجمعته لقاءات مع سلام عادل مطلع الستينيات".
ويروي قصة انتقال عائلته إلى موسكو، ويقول: "تأثر والدي بشخصية سلام عادل. وبعد انقلاب عام 1963 حُكم عليه بالإعدام لكنه نجا بأعجوبة واستبدل الإعدام بالسجن ثلاث سنوات. وبعدما خرج من السجن استدعته الحكومة السوفييتية للعمل مديراً للمركز الثقافي السوفييتي في بغداد. وتيمناً برفيقه في النضال أطلق علي اسم سلام".
ومن مفارقات الحياة أن عادل العبيدي الذي توفي في 19 يونيو/حزيران الماضي، رحل عن العالم أثناء رقوده في المستشفى رقم 67 بشارع سلام عادل ذاته، وهو ما يعلق عليه سلام العبيدي بالقول بنبرة حزينة: "هكذا شاءت الأقدار والحكمة الربانية".

سلام عادل في سطور

وُلد سلام عادل في محافظة النجف الأشرف في عشرينيات القرن الماضي، وتخرّج من المعهد العالي للمعلمين في بغداد وعمل مدرساً ونشط في العمل السياسي في سن مبكرة متأثراً بالفكر الاشتراكي والثورة البلشفية التي أطاحت حكم قياصرة آل رومانوف في روسيا عام 1917.
وفي مطلع الأربعينيات، انتسب عادل إلى الحزب الشيوعي العراقي، وترقى في الدرجات الحزبية إلى أن انتخب في منصب أمين السر في منتصف الخمسينيات ووضع ميثاقاً وبرنامجاً جديدين للحزب الذي ساهم بإطاحة الملكية إثر ثورة 14 يوليو/تموز 1958، وخروج العراق من حلف بغداد الإمبريالي المعادي لحركات التحرر.
وفي 8 فبراير/شباط 1963، حصل انقلاب في العراق أطاح حكومة عبد الكريم قاسم، وأدى إلى ملاحقة القوى التقدمية في مقدمها الحزب الشيوعي العراقي. 
وألقي القبض على سلام عادل في 20 فبراير، وقتِل تحت التعذيب في 7 مارس من العام ذاته.