سدود وبحيرات تبتلع هواة السباحة في تونس

سدود وبحيرات تبتلع هواة السباحة في تونس

22 يونيو 2022
لا يأبه للمخاطر (العربي الجديد)
+ الخط -

مع ارتفاع درجات الحرارة صيفاً، تُصبح الشواطئ إحدى أكثر الوجهات التي يختارها التونسيون، وذلك بدءاً من شهر يونيو/ حزيران للاستمتاع بالسباحة. إلا أنّ البعض يجد في السدود والبحيرات ملاذاً له للسباحة بسبب غياب الشواطئ في المناطق الداخلية. وخلال السنوات الأخيرة، تم تسجيل عشرات الوفيات، لا سيما في صفوف الشباب والأطفال، نتيجة السباحة في السدود والأودية والبحيرات على الرغم من خطورتها. 
وشهدت مدن تونسية خلال السنوات الأخيرة قصصاً مأساوية لغرق أطفال ومراهقين في السدود والأودية والبحيرات. وخلال الأيام الماضية، سجلت وفيات عدة في بعض الجهات. وأخيراً، توفي شاب في العقد الثالث من العمر بعدما غرق في سدّ السماتي في معتمدية العلا بمحافظة القيروان. كما انتشل فريق الغوص التابع للإدارة الجهوية للحماية المدنية ببن عروس جثة شاب، يبلغ من العمر 31 سنة، غرق بجابية (حوض يجمع فيه الماء) بعمق 8 أمتار تابعة لشركة تربية دواجن في منطقة بئر حليمة وادي غريان (معتمدية زغوان).

بيئة
التحديثات الحية

وخلال الشهر الماضي انتشلت جثة شاب يبلغ من العمر 25 سنة من وادي مجردة بمعتمدية فوشانة من ولاية بن عروس. كما انتشلت جثة طفلة تبلغ من العمر 13 سنة بحمام المحاسن بمعتمدية تمغزة كانت في رحلة مدرسية انطلقت من معتمدية الرديف من محافظة قفصة إلى ولاية توزر، بالإضافة إلى تسجيل حالة غرق في محافظة منوبة بقناة مجردة على مستوى حي الرياض السعيدة من معتمدية وادي الليل. يعلن عن تلك الحالات فيما تسجل أخرى لا يتم الإبلاغ عنها.  
وقرب قناة في الضاحية الشمالية بالعاصمة، يتجمع عشرات الأطفال والشباب للسباحة والقفز من علو مرتفع. ويتنافس هواة السباحة هناك على القفز من أعلى مسافة أو بهدف الوصول إلى أبعد مسافة ولا يأبهون باللافتات التي تُحذّر من السباحة في المكان، ولا يفكرون في المخاطر التي قد تلحق بهم من تلك الصخور في قاع القناة. يمارسون هوايتهم في مكان سبق وسجل وفاة بعض الشباب والأطفال. 
وترتفع نسبة حوادث الغرق في السدود والبحيرات من عام إلى آخر. وعلى الرغم من التحذيرات المتواصلة، تكثر المآسي على امتداد الصيف. ويقول كريم الشرقي (27 عاماً)، إنه كثيراً ما يرتاد ذلك المكان لممارسة هوايته برفقة أصدقائه، حيث يتجمع عشرات الأشخاص وخصوصاً من الشباب والأطفال وبعض الكهول، ويقضون يوماً كاملاً في السباحة. وعلى الرغم من تسجيل حالات غرق في المكان سنوياً، إلّا أنّه لم يترك السباحة هناك إلا بعدما صُدم بفقدان أحد أصدقائه غرقاً في تلك القناة، وخصوصاً أنّ وحدات الحماية المدنية لم تجد جثة رفيقه إلا بعد خمسة أيام". 

الصورة
خطر السباحة في سدود تونس 2 (العربي الجديد)
السدود والأودية بعيدة عن الرقابة (العربي الجديد)

وفي المناطق الخطرة التي تمنع فيها السباحة، تعمل الأجهزة الأمنية على وضع لافتات تحذر فيها من خطر السباحة، كما تضع حواجز حديدية لحماية المارة. مع ذلك، يخترق هواة السباحة تلك الحواجز من دون أن يأبهوا للتحذيرات، ويدفعهم التحدي والمنافسة إلى السباحة في تلك الأماكن وخصوصاً في المناطق التي لا توجد فيها الشواطئ. 
وكثيراً ما تعلن أجهزة الحماية المدنية عن حالات غرق يكون سببها القفز من مناطق مرتفعة يتعرّض فيها السباح إلى سكتة قلبية بسبب السقوط بقوة في مياه باردة، أو بسبب الارتطام بالصخور في قاع القناة أو السد أو البحيرة. وقد تمر سنوات من دون تسجيل أي حالة غرق. لكن بسبب تغيّر أماكن الصخور في قيعان تلك البحيرات نتيجة للتيارات المائية، تسجل حالات وفاة لأشخاص بسبب تعرّضهم لإصابات في الرأس خلال القفز، وخصوصاً أن مياه غالبية تلك البحيرات والسدود مختلطة بالأتربة ولا تكشف ما في قاعها من صخور. 
كما تقوم مصالح الحماية المدنية بعدّة حملات للتوعية حول مخاطر السباحة في السدود والأودية والمجمعات المائية، فيما تقوم بعض الوحدات الأمنية بدوريات مراقبة وخصوصاً للقنوات داخل المدن لمنع الناس من السباحة فيها. لكن تبقى السدود والأودية داخل الأرياف والمناطق النائية بعيدة عن الرقابة. 

وتعد قناة وادي مجردة بمحافظة منوبة من بين أكثر القنوات التي تسجل فيها سنوياً وفيات بسبب الغرق. "مع ذلك لا يتعظ العديدون من تلك المآسي ليغامروا بأرواحهم في سبيل ممارسة هوايتهم"، كما يقول برهان بن أحمد، وهو أحد أعوان الحماية المدنية لـ"العربي الجديد"، يضيف أنّ "قناة مجردة تعد من بين أخطر الأماكن للسباحة، وتمرّ عبر جهات عدة. وسنوياً، تُنقذ وحدات الحماية المدنية وفرق الغوص عشرات الأطفال والشباب، فيما تُفقد بعض الجثث فيها على الرغم من البحث المتواصل بسبب عمقها وتدفق المياه فيها بسرعة. وعلى الرغم من نشر تلك الحوادث في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، لا يتوانى العديد من الشباب عن المغامرة على الرغم من علمهم بخطورة السباحة فيها. لذلك، يحب تكثيف الحملات التوعوية في وسائل الإعلام إلى جانب ضرورة قيام العائلات بدورها الرقابي ومنع أبنائها من السباحة في الأودية أو السدود". 

المساهمون