سجال فحوص كورونا السريعة

سجال فحوص كورونا السريعة

30 ديسمبر 2020
مقارنة مستمرة مع فحوص "بي سي آر" (لوكا داكسكوبلر/ Getty)
+ الخط -

يعوّل علماء على دور فحوص المستضدات التشخيصية السريعة لكورونا في الحدّ من تفشي الفيروس، رغم انتقادات حول مدى دقتها

في إطار السعي إلى إيجاد حلول للحدّ من انتشار فيروس كورونا الجديد، أعلن علماء شاركوا في أوّل تجربة فحص جماعي لفيروس كورونا في مدينة ليفربول في بريطانيا، عن نجاح فحوص الأجسام المضادة السريعة، على الرغم من تشكيك خبراء وعلماء في القطاع الصحي، في دقتها. وقالت رئيسة كلية الصحة وعلوم الحياة في جامعة "ليفربول" البروفيسور لويز كيني، إنّ بعض المواقف السلبية حول فحوص التدفق الجانبي (المستضدات التشخيصية) كانت "غير أخلاقية".

ويعتبر الفحص الذي يعتمد على وخز الإصبع قادراً على تحديد ما إذا كان الشخص قد أصيب يوماً بفيروس كورونا خلال عشرين دقيقة فقط. وكشفت الأرقام الصادرة عن برنامج الفحوص الجماعية في ليفربول في وقت سابق من هذا الشهر، أنّ الفحوص أخطأت بنسبة 30 في المائة في الحالات ذات الحمل الفيروسي العالي. وتعليقاً على النتائج، قالت كيني إنّه "ما من فحص كامل، ولا توجد رصاصة سحرية أو تذكرة ذهبية. لكنّ ما لدينا هو تدخل صحي عام مفيد للغاية". أضافت: "أعتقد أن بعض الانتقادات التي سمعناها خلال الأسابيع القليلة الماضية غير مفيدة حقاً. وفي الواقع، سأقول إنّها غير أخلاقية وغير مهنية، لا سيما أنّنا وسط أزمة صحية عامة غير مسبوقة".
وجهة نظر كيني هذه تبناها أستاذ الطب في جامعة "أوكسفورد" السير جون بيل، واصفاً فحوص التدفق الجانبي بكونها "مركزية وتساهم في الدفاع الجيد ضد فيروس كورونا لأنّها سريعة ورخيصة ومتاحة للاستخدام المتكرر" على العكس من تفاعل البوليميراز المتسلسل (PCR). فصحيح أنّ الأخير أكثر دقة، لكن يجب إرساله إلى المختبر، الأمر الذي يؤخّر ظهور النتائج.  
وتفيد البيانات الصادرة عن مدينة ليفربول، والتي نشرت مؤخراً، بأنّ نقص الوصول إلى المعلومات عبر الإنترنت، والخوف، كانا العاملين الرئيسيين في قلة الإقبال على الفحص. ويقول البروفيسور إيان بوكان من كلية الصحة وعلوم الحياة في جامعة "ليفربول" إنّ ثلث المناطق في المدينة تعد محرومة، علماً أن عدد الحالات الإيجابية أعلى بثلاث مرات بالمقارنة مع مناطق أخرى. 
وأظهرت فحوص المستضدات التشخيصية السريعة، أو التدفق الجانبي، التي أنتجتها شركة "شورسكرين دياغنوستيكس" وتتخذ من ديربي في بريطانيا مقراً لها، نتائج إيجابية في الدراسات السريرية التي أجراها باحثون في هيئة الخدمات الصحية الوطنية وجامعة "أوكسفورد" وفقاً لما ذكره عالمان مشاركان في المراجعة. وشكّل إيجاد فحوص جديدة في بريطانيا أولوية بالنسبة للحكومة، التي تسعى إلى ضمان إمدادات موثوقة للفحوص السريعة بعدما أصبح من الصعب الحصول عليها من الولايات المتحدة والصين.
وفي وقت سابق، قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، إنّه بحث مدى جودة هذا الفحص مع علماء في قطاع الصحة العامة في بريطانيا، وقد رأوا "تقدماً حقيقياً في فحص التدفق الجانبي، المصنوع في المملكة المتحدة" لكن لم يحدد الشركة المصنعة، فيما تساءل بعض الخبراء عما إذا كانت هذه الفحوص دقيقة بالدرجة الكافية، إذ أشارت بعض الدراسات إلى أنّها تلحظ أقل من نصف الإصابات النشطة بالفيروس.
وأنفقت الحكومة البريطانية ما لا يقل عن 1.8 مليار جنيه إسترليني (2.4 مليار دولار أميركي) على تكنولوجيا فحص التدفق الجانبي. والهدف من الفحوص التشخيصية السريعة معرفة ما إذا كان شخص ما معدياً في غضون دقائق. في الولايات المتحدة الأميركية التي تسجل أكبر نسبة من الوفيات حول العالم، يمكن أن تشكل هذه الفحوص فرقاً. وبحسب النتائج التي ظهرت في مدينة ليفربول، فإنّ النتائج تبدو واعدة، ويمكن التوسع في إجرائها في عدد كبير من المناطق التي تشهد ارتفاعاً في معدلات الإصابات بكورونا، أو تلك التي ما زالت تفرض الإغلاق. 
بعيداً عن المملكة المتحدة، منحت إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) الموافقة على استخدام أقسام الطوارئ لجهاز فحص جديد (بحجم بطاقة الائتمان) لفيروس كورونا بكلفة 5 دولارات، وهو فحص يعطي نتائج في غضون 15 دقيقة.  
وبحسب العلماء، فإنّ فحوص المستضدات تكشف البروتينات الموجودة على سطح الفيروس، ويمكن أن تحدد الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة. ويرى بعض العلماء أنّ هذه الفحوص قد تغير قواعد اللعبة، وتساعد في منع انتشار الوباء. لكنّ ذلك مرتبط من جهة المنتقدين بالنتائج الصحيحة لهذه الفحوص. ففي المقابل، يخشى البعض من عدم دقة فحوص المستضدات ما قد يؤدي إلى تفشي كورونا في البلدان التي سيطرت إلى حدّ كبير على الفيروس، تبعاً لاستخدام فحوص غير دقيقة. وفي الوقت الحالي، يتم إجراء فحوص المستضدات من قبل متخصصين، لكنّ بعض الشركات تسعى إلى تطويرها لتكون متوفرة منزلياً وفي متناول الجميع بسعر مقبول.

من جهته، قال أستاذ الكيمياء في جامعة "جامعة إلينوي في إربانا - شامبين" في الولايات المتحدة، الذي شارك في تطوير الفحوص، إنّ "إجراء الفحوص بشكل أسرع وأرخص وأسهل هو الهدف بالتأكيد، وأعتقد أنّ فحص المستضدات هو السبيل للوصول إلى المبتغى"، مشيراً إلى أنّه في الوقت الحالي، تُستخدم هذه الفحوص على نطاق واسع في العديد من المناطق التي تشهد ارتفاعاً في أعداد الإصابات بكورونا.

المساهمون