سجال بالدنمارك حول السماح بقداس الميلاد في الكنائس وسط انتشار كورونا

سجال بالدنمارك حول السماح بقداس الميلاد في الكنائس وسط انتشار كورونا

21 ديسمبر 2020
إصرار كنسي على قداس عيد الميلاد (ناصر السهلي)
+ الخط -

تثار في الدنمارك هذه الأيام سجالات تصل إلى حد "التراشق"، على خلفية إصرار الكنيسة على قداديس الميلاد في الكنائس، وسط معارضة شعبية وسياسية.  

وقبل أن تسجل كوبنهاغن حالات تحور فيروس كورونا، أسوة بهولندا وبريطانيا، والعودة الأسبوع الماضي إلى إغلاق شامل حتى الثالث من يناير/كانون الثاني 2021، كان رجال الدين المسيحيين يصرون على أنه "لا ميلاد بدون قداديس في الكنائس".  

ومع التطورات الأخيرة بانتقال العدوى إلى مرحلة غير مسبوقة، بات هذا الإصرار الكنسي على قداس عيد الميلاد تحت أسقف الكنائس، كتقليد سنوي في المدن والأرياف، مثار جدل في الشارع وفي برلمان البلد. ورغم أن الكنيسة (الإنجيلية) اللوثرية تعتبر الكنيسة الرسمية للبلاد، وإليها ينتسب نحو 80 في المائة من الشعب الدنماركي، إلا أن نفوذها في السياسة معدوم، بحكم دستور فصل الدين عن السياسة. 

الصورة
احتفالات الميلاد (ناصر السهلي)

ورغم أن "وزارة الكنائس" لم تتخذ قرارا قبل 3 أيام من مساء الميلاد في الـ24 من الشهر الحالي، ترتفع أصوات أحزاب سياسية بضرورة إغلاق الكنائس وحظر قداس الميلاد. فحزب الشعب الاشتراكي، يسار، ورغم أنه يتفهم حق الناس في التعبد، إلا أنه يرى أن لا معنى لقداديس ليلة الميلاد. موقف "الاشتراكي"، على لسان مقررة شؤون الصحة فيه كيرستن نورمان أندرسن، يرى أنه "من غير المعقول أن نخرج ونلتقي بالعديد من الأشخاص (في الكنائس) الذين لا نعرفهم"، آملا إيجاد حلول "مثل نقل القداس على التلفزيون بدل الذهاب إلى الكنائس. ويستند الموقف المعارض إلى قرارات السلطات التي تحظر التقاء أكثر من 10 أشخاص دفعة واحدة، حيث تتدخل الشرطة لفض أية تجمعات مخالفة، وتصدر بحق المخالفين غرامات مالية. 

الصورة
 قداس عيد الميلاد (ناصر السهلي)

السجال، الذي خلقته دعوات القساوسة ورجال الدين للحفاظ على خدمة العبادة في الميلاد، دفع أيضا نحو 1700 من موظفي الكنائس حول الدنمارك للتوقيع على عريضة تعبر عن رفضهم فتح أبواب الكنائس للقداديس و"الخوف من ألا نكون قادرين هذا العام على القيام بمهامنا بسبب مخاطر الإصابة بكورونا، وعليه نرى أنه يجب فرض إغلاق على الكنائس مساء الميلاد "، وفقا للعريضة. 

وانضم حزب "راديكال"، يسار وسط، إلى الأحزاب المطالبة بإلغاء الاحتفالات الكنسية هذا العام، رغم إبداء الحزب تفهمه لأهمية القداس بالنسبة للكثيرين، " لكن يجب النظر إلى المخاطر وبعناية فائقة"، وفقا لمقرر الصحة في راديكال فينسترا، ستينوس ليندغرين.  

الصورة
 قداس عيد الميلاد (ناصر السهلي)

وشددت "جمعية القساوسة" وروابط الأبرشيات ومجلس الرعية والأساقفة على أنه "من الممكن إقامة القداس بدون مخاطر انتقال العدوى، وتقييمنا العام هو أننا قادرون على إقامة الخدمات بشكل صحيح، ونتحمل بالطبع المسؤولية الملقاة علينا للاحتفال بالميلاد والارتقاء إلى مستوى الثقة التي منحت لنا". 

ومن الجدير ذكره أن أغلبية الدنماركيين لا يرتادون الكنائس في أيام السنة العادية، باستثناء الأرياف، وخصوصا شمال غربي البلاد، حيث تنتشر طوائف "التبشير الداخلي"، بالمشاركة في قداديس الآحاد. 

ويلقى القساوسة المصرون على إقامة الاحتفال في الكنائس دعما من معسكر المحافظين واليمين المتشدد. فقد عبر المتحدث باسم حزب المحافظين ببير لارسن عن دعمه لقداس الميلاد "فالعبادة لها أهمية كبيرة، وخصوصا أن الكنائس تقول إنها ستقيم الخدمات بشكل صحيح ومتباعد بين المشاركين، وخاصة في المناطق التي تشهد ارتفاع نسب العدوى". 

وأثار السجال حول أهمية العبادة نقاشا من قبل ناشطين وسياسيين دنماركيين، وبينهم من أصول مسلمة، حول محاولة فرض جمعية القساوسة فتح الكنائس لقداس الميلاد وإغلاق المساجد ومنع الصلوات، وتساءل بعضهم على تويتر "تخيل أن أئمة مسلمين يصدر عنهم مثل هذا الموقف؟ هل كان موقف الأحزاب والسياسيين بالدرجة نفسها؟"، مثلما ذهب السياسي غياث بركدار (تركي الأصل). 

الصورة
 قداس عيد الميلاد (ناصر السهلي)

ورفض مختصون في مجال الصحة "الاعتقاد بأن الرب يحمينا إذا كنا في الكنيسة"، وقالوا إنه "اعتقاد خاطئ"، بحسب ما نقل التلفزيون الدنماركي عن أستاذ الطب السريري في كلية العلوم الصحية بجامعة آرهوس إسكيلد بيترسن. وأكد بيترسن أنه "طالما أن البلد في حال إغلاق تام بسبب مخاطر الإصابة فليس من المنطقي إبقاء الكنائس مفتوحة، ومرة أخرى الرب لا يحمينا من العدوى فقط لأننا في الكنائس".  

المساهمون