"زيرو غريساج"... حملة مغربية ضد الجريمة

17 ابريل 2025
شرطيان في الرباط، 11 يناير 2017 (فاضل سنّا/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أطلق ناشطون مغاربة حملة "زيرو غريساج" لمطالبة السلطات بالتصدي للجريمة والسرقة باستخدام السلاح الأبيض، بهدف تعزيز الأمن عبر تشديد العقوبات وزيادة الدوريات الأمنية.
- تعاني المغرب من تفشي "الغريساج" المرتبط بالمخدرات، ويطالب الناشطون بإصلاح القوانين ومساءلة الإعلام، بالإضافة إلى برامج لإدماج الشباب ومواجهة الجريمة الرقمية.
- استجابت الحكومة لحملات سابقة ونجحت في تقليص الجريمة، لكن الحاجة مستمرة لمزيد من الجهود لضمان استدامة النتائج وتعزيز الأمن المجتمعي.

أطلق ناشطون مغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي حملة "زيرو غريساج" لمطالبة السلطات الأمنية بالتصدي للجريمة والسرقة التي انتشرت في الفترة ما بعد شهر رمضان. وتعني "زيرو غريساج" استخدام السلاح الأبيض في تنفيذ عمليات سرقة واعتداءات شملت مدناً عدة، من بينها فاس والمحمدية والرباط وسلا والدار البيضاء وتمارة وطنجة والقنيطرة والقصر الكبير، وأثرّت في إحساس المواطنين بالأمان.

ليست ظاهرة "الغريساج" في الشارع العام وليدة اليوم، لكن أشرطة فيديو وصوراً نُشِرت على مواقع التواصل الاجتماعي وثقت حالات سرقة مقرونة بضرب وجرح باستخدام أسلحة بيضاء (سيوف وخناجر وسواطير)، ما حوّلها إلى كابوس يؤرق المغاربة. ويؤكد مطلقو الحملة أنها تهدف لإيصال صوتهم إلى الجهات الأمنية المسؤولة من أجل تحفيزها على اتخاذ تدابير فعالة ضدها.

ويطالب أصحاب الحملة بإعادة الأمن إلى الشوارع والأزقة، ويؤكدون الحاجة الملحة إلى تدخل المسؤولين الأمنيين وتشديد العقوبات في حق منفذي الاعتداءات بالسلاح الأبيض، وزيادة عدد الدوريات في الأحياء والأماكن ذات الكثافة السكانية. وكذلك إطلاق حملات تطهير واسعة تستهدف أوكار الإجرام، مع تعزيز استثمار الدولة في تقنيات المراقبة الذكية، وتفعيل الربط بين الأجهزة الأمنية والمواطنين عبر تطبيقات التبليغ الفوري.

وكانت الحكومة المغربية قد استجابت لحملة مماثلة أطلقت على "فيسبوك"، ونفذت اعتقالات واسعة لفرض الأمن والسلوك المتحضر، لكن المغاربة طالبوا بنتائج أكثر فعالية واستدامة في الحملة الحالية. وقال رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان (غير حكومية) إدريس السدراوي، في حديثه لـ"العربي الجديد": "في ظل تصاعد الجريمة العنيفة وتفشي ظاهرة الغريساج في عدد من المدن والأحياء، تبدي المنظمة قلقها العميق من الوضع المتدهور الذي لم يعد مجرد أحداث معزولة، بل ظاهرة مقلقة تمسّ الأمن المجتمعي والاستقرار اليومي للمواطنين".
يتابع: "أضحت المخدرات وحبوب الهلوسة وقوداً رئيساً لهذه الجرائم، إلى جانب ارتفاع نسب بطالة الشبان وانسداد الأفق أمامهم، ما يزيد من عوامل الانحراف والتطرف في السلوك. وما يزيد الطين بلة غياب دور الإعلام الوطني الجدي، وتحوّل بعض القنوات والمحتويات إلى منصات لترويج العنف والسكاكين بدلاً من أن تضطلع بدورها في التربية والتوعية، كما لا ننسى خطورة ما تبثه منصات التواصل الاجتماعي، ومن بينها تمجيد مجموعات وصفحات الغريساج، وتعمّدها بث الرعب من دون أن تطاولها يد القانون رغم وجود شكاوى عدة. وهذا التقاعس في مواجهة الجريمة الرقمية يُغذي الإفلات من العقاب، ويضرب ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة، كما أن المنظومة القانونية الحالية تبقى قاصرة في مواجهة الواقع المتجدد، ما يوجب إجراء مراجعة شاملة للنصوص الرادعة والوقائية، وتحديد ملاءمتها التحوّلات الخطيرة التي يعرفها المجتمع".

ويؤكد السدراوي أن المنظمة تدعم حملة "زيرو غريساج"، ويطالب بتنفيذ خطة وطنية عاجلة لمحاربة المخدرات وإصلاح القوانين المتعلقة بالعنف والجريمة الإلكترونية، ومساءلة وسائل الإعلام حول محتواها وتأثيره بالسلوك العام، وأيضاً الصفحات والمجموعات التي تشهّر بالمواطنين وتحرض على العنف، وإطلاق برامج واقعية لإدماج الشباب وضمان كرامتهم وأمنهم.

وكان لافتاً أخيراً تأكيد مصادر أمنية أن الظاهرة ترتبط بحالات شهدتها مدن دون غيرها بعد شهر رمضان قبل أن يعود الوضع إلى طبيعته، وأن الأجهزة تتفاعل بسرعة مع نداءات المواطنين، وأنه جرى تكليف فرق أمنية لتمشيط نقاط الساخنة في كل الأحياء، ما أسفر عن توقيف عدد كبير من الأشخاص الملاحقين ومشتبهين في التورط بعمليات إجرامية.

وبحسب التقرير السنوي للمديرية العامة للأمن الوطني الذي صدر في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، تراجعت السرقات تحت التهديد بنسبة 24%، وسرقة السيارات بنسبة 20%، و12% في عدد العلميات التي ترافقت مع عنف، و10% في تلك التي نفذت باستخدام الكسر. وأفادت أرقام لعمليات مكافحة الجريمة بأن مؤشرات الجرائم العنيفة تراجعت بنسبة 10%، وأنها في مستوياتها الأدنى إذ لم تتجاوز نسبة 7% من إجمالي القضايا المسجلة. وفي ما يتعلق بالشبكات الإجرامية المتخصصة في السرقة كشفت الأرقام تفكيك 947 عصابة نشطت في السرقات، وتوقيف 1561 شخصاً تورطوا بارتكاب هذه الأفعال الإجرامية، وحجز 119 سيارة و75 دراجة نارية استعملت في تنفيذ هذا النوع من الإجرام.

المساهمون