زفاف عروس فوق ركام منزلها الذي هدمته جرّافات الاحتلال في القدس

زفاف عروس فوق ركام منزلها الذي هدمته جرّافات الاحتلال في القدس

13 يونيو 2022
زفت العروس بين أنقاض منزلها المهدم (فيسبوك)
+ الخط -

لم يجد المقدسي فارس الرجبي وأشقاؤه ما يقدمونه لشقيقتهم الوحيدة في يوم زفافها أول أمس السبت، سوى أن يمسكوا بيديها بين أنقاض منزل العائلة الذي دمّرته جرافات بلدية الاحتلال الإسرائيلي في القدس في العاشر من مايو/ أيار المنصرم، في رسالة تحمل أكثر من معنى للاحتلال ولأهالي بلدتهم سلوان جنوب المسجد الأقصى، الذين يواجهون سياسة الهدم والتطهير العرقي بحقهم.

فارس الرجبي لم يخف في حديثه مع "العربي الجديد" فرحته بزفاف شقيقته الوحيدة لأنها ستنتقل إلى بيت زوجها وإلى مأوى جديد بعد أن حرمها الاحتلال بيت عائلتها وأحاله إلى ردم وأنقاض.

يقول فارس الرجبي: "رغم فرحتنا بزفاف شقيتي، إلا أنها تظل منقوصة، كنت أتمنى أن تنتقل إلى بيت عريسها من بيت عائلتها قبل أن يُهدم، لكنه الاحتلال يصرّ على أن ينغص علينا سعادتنا".

خرجت العروس من ركام منزل العائلة محاطة بذراع شقيقها فارس وبحنانه، وسط عائلتها الكبيرة التي أصرت على أن تكون حاضرة، وأن تحبط محاولات الاحتلال في إفشال العرس بعد أن داهمت محيط المنزل دورية كادت تُفسد كل شيء.

ويؤكد أهالي بلدة سلوان، أنّ المشاهد المؤثرة لزفاف شقيقة فارس الرجبي وهي تغادر أنقاض منزل عائلتها حرّكت فيهم مشاعر كثيرة من التضامن مع العائلة والالتفاف حولها ومشاركتها الفرحة، في وقت كانت تعلو فيه أغاني الفرح رغم ما فعله الاحتلال مع تلك العائلة المرابطة في القدس وحرمانها من منزلها.

واستهدفت سلطات الاحتلال هذه العائلة مع عائلات أخرى أقامت في بناية سكنية وتتكون من نحو 40 شخصاً، قبل أن تهدمها سلطات الاحتلال الشهر الماضي، بزعم البناء دون ترخيص.

يقول فارس البالغ من العمر (34 عاماً)، وهو أحد سكان تلك البناية: "إن جميع من كان يقطنها باتوا بلا مأوى، ولم تسمح لنا طواقم البلدية الإسرائيلية بأخذ حاجتنا وقاموا بطردنا من المبنى".

ويشدد الرجبي، على أن المبنى قائم منذ العام 2000، وهو مكون من ثلاثة طوابق تضم خمس شقق سكنية، ولم يشفع لتلك العائلات لدى الاحتلال قيامها بدفع نحو 300 ألف شيقل (عملة إسرائيلية) مخالفات للبلدية، بالإضافة إلى أتعاب المحامين والمهندسين.

فصل جديد من المعاناة عاشته عائلة الرجبي السبت الماضي، لا يقل إيلاما عن هدم منزلها قبل شهر، وهي مأساة مشتركة يعيشها المقدسيون عموماً في سلوان، حيث عشرات العائلات مهددة بهدم منازلها، وأطفال يكتبون كل يوم هناك قصصاً بدموعهم بسبب الاحتلال.

يشار إلى أن منزل عائلة الرجبي، شيّد قبل 35 عاماً، وتسكن فيه عدة عائلات، وهو واحد من آلاف المنازل التي تستهدفها سلطات بلدية الاحتلال في القدس، ومنذ مطلع العام الجاري أقدمت بلدية الاحتلال في المدينة المقدسة على هدم العديد من المنازل في عموم القدس المحتلة، خاصة في سلوان، حيث يتهدد الهدم الفوري مئات المنازل في أحياء البلدة المختلفة، إضافة إلى أكثر من 6870 أمر هدم إداري وقضائي لهدم أحياء سلوان، من بينها حي عين اللوزة الذي توجد فيه حوالي 180 منشأة تجارية وسكنية من ضمنها مسجد القعقاع.

ولم تكن عائلة الرجبي المقدسية الوحيدة التي تزفّ ابنتها في طقوس زفاف غير عادية سببها الاحتلال الإسرائيلي الذي ينتهك حقوق المقدسيين في السكن والتنقل وحرية الحركة، ما ينغص عليهم في كثير من أحوالهم الحياتيةفقد سبق، أن حرم الاحتلال محافظ القدس عدنان غيث في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من العام المنصرم، من المشاركة في زفاف ابنته الوحيدة منى، بعد تجديد قرار منعه من دخول الضفة الغربية وتجديد الإقامة الجبرية لمدة 4 أشهر.

ومنذ عام 2018، تلاحق سلطات الاحتلال محافظ القدس عدنان غيث، بقرارات عسكرية متتالية، وتخضعه لإجراءات عديدة تتراوح ما بين "منع دخول الضفة الغربية، منع التواصل مع قيادات وشخصيات مختلفة، فرض الإقامة الجبرية في مكان سكنه في سلوان، إضافة إلى عشرات الاعتقالات والاستدعاءات"، وبالتالي كانت انعكاسات هذه السياسات كبيرة على حياة المحافظ وعلى علاقاته مع محيطه وحتى داخل أسرته التي احتفلت في ذلك اليوم بزفاف ابنتها منى دون أن يشاركهم فرحة الاحتفال والحضور مكتفياً بإيصالها لتنقلها سيارة العريس في موكب إلى رام الله حيث تقرر أن يقام الاحتفال هناك.

كانت عائلة غيث التي ترقبت انتهاء فرض الإقامة الجبرية على رب العائلة في الحادي والعشرين من نوفمبر/ تشرين الثاني المنصرم، اضطرت لتأجيل حفل الزفاف أكثر من مرة في انتظار خروج الأب من قيود الاعتقال والإقامة الجبرية، وقبيل أيام معدودة من انتهاء مدة الإقامة الجبرية عادت سلطات الاحتلال لتجديد أمر الإقامة الجبرية عليه، وبالتالي حرم من مرافقة ابنته في يوم زفافها وفي لحظة فرحها التي انتظرها الوالد وانتظرتها العائلة معه.

بيد أن المحافظ غيث، لم يحرم نفسه بالمطلق من مشاركة ابنته فرحتها، حتى وهو يودعها إلى سيارة العرس التي نقلتها إلى رام الله، وفي ذلك اليوم اجتمع أهالي سلوان وعائلة غيث الممتدة وكل أصدقائه ورفاقه في احتفال كبير عند مدخل البيت، وقريباً من ساحته الرئيسية وسط دموع المحافظ الذي ودع كريمته وهو يتمنى أن يكون معها.

المساهمون