روسيا تشدد الخناق على "العملاء للخارج"

13 فبراير 2025
مساعدات للنازحين الروس في موسكو، 12 أغسطس 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية، زادت روسيا من تصنيف الأفراد والمنظمات كـ"عملاء للخارج"، حيث ارتفع العدد من 193 إلى 707، وتشمل القائمة شخصيات بارزة عارضت الحرب.
- تواجه الشخصيات المدرجة قيودًا مالية وقانونية، مثل فتح حسابات مصرفية خاصة وفرض غرامات، مع مقترحات لتوسيع القيود في مجال التعليم.
- تعارض بعض الشخصيات والجهات القانونية هذه الإجراءات، معتبرة أنها تتعارض مع الدستور الروسي، مع توقعات بمحاولات للالتفاف عليها وصفقات وهمية.

زاد عدد من تصنّفهم روسيا عملاء للخارج بعد بدء الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022، وتعمل على تشديد الخناق عليهم، خصوصاً من الناحية المالية، علماً أن كثيرين يحظون بتقدير من الشعب

"عميلة لصالح من؟"، تسأل رئيسة لجنة العون المدني المعنيّة بحقوق المهاجرين واللاجئين سفيتلانا غانوشكينا (82 عاماً)، حول دوافع إدراج اسمها على قائمة "العملاء للخارج" التي تضعها وزارة العدل الروسية، من دون أن يثنيها ذلك عن مواصلة عملها على مساعدة اللاجئين الأجانب في روسيا، في إطار عمل اللجنة بتنسيق وطيد مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
خلال الأشهر الأخيرة، تبنت روسيا مجموعة من التشريعات من شأنها تضييق الخناق على "العملاء للخارج"، مثل القانون القاضي باستحداث حسابات مصرفية خاصة لتحويل الأموال، بما فيها قيمة بيع وتأجير العقارات وعوائد الودائع المصرفية والأعمال الفكرية، إلى العملاء الذين لن يتمكنوا من التصرف فيها إلا بعد شطب أسمائهم من القائمة، وقد وقّعه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، نهاية العام الماضي.
تقول غانوشكينا في حديثها لـ"العربي الجديد": "أسعى مجدداً إلى الطعن في الوصم الذي وضع عليّ بشكل تعسفي، وآمل أن ينتهي هذا الجنون. سعت السلطات إلى وصمنا لتحريض الرأي العام ضدنا، لكنها لم تنجح في ذلك، لأن القائمة تكاد تكون خالية من الأشخاص السيئين، بل وتضم مجرد من يشاركون بعضهم فكر بعض".
وحول تأثير الإجراءات الأخيرة عليها شخصياً، توضح أن "الإجراءات الأخيرة لا تؤثر عليّ بشكل مباشر، لأنني أعمل بموجب عقد عمل، ولا أتقاضى بدلاً مادياً في مقابل المحاضرات التي ألقيها، ولا أتصرف في أية أملاك. فشلوا في الإساءة إلى سمعتنا، فباشروا بوضع عراقيل أمام عملنا".

لجوء واغتراب
التحديثات الحية

وتضم القائمة الروسية لـ "العملاء للخارج" مجموعة من الأسماء البارزة للشخصيات السياسية والإعلامية والفنية، ولعل من أشهرهم الفنان الساخر مكسيم غالكين، وهو زوج ملكة البوب الروسية آلا بوغاتشوفا، والمدون والمحاور الروسي الأشهر على يوتيوب يوري دود، وتبلغ عدد المشاهدات على قناته أكثر من مليارين، ومؤسس فرقة "آلة الزمن" أندريه ماكاريفيتش، والكاتب الروائي أندريه أكونين، وغيرهم من الشخصيات التي عارضت الحرب على أوكرانيا معارضة صريحة منذ أيامها الأولى.
من جهتها، ترى الخبيرة القانونية، آلا غيورغييفا، أن التعديلات القانونية الخاصة بتجميد عائدات "العملاء للخارج" تتعارض مع أحكام الدستور الروسي التي تكفل للمواطنين التصرف  في أملاكهم، قائلة في تعليق لـ"العربي الجديد": "بصرف النظر عما إذا كان اسم المرء مدرجاً على قائمة العملاء للخارج، يحق له التصرف في أملاكه، سواء بمفرده أو مع غيره، ما يعني أن تطبيق القانون يترجم إلى تمييز بعض الملاك عن الأخرى".
وتتوقع أن تدفع مثل هذه التشريعات بالمشمولين بها إلى الالتفاف عليها عبر أساليب مثل تسجيل الأملاك بأسماء ذويهم، مضيفة: "أعتقد أن ذلك سيخلق بوادر لإبرام صفقات وهمية لن تخضع لأي رقابة أو رصد. لا جدوى من مثل هذه التعديلات طالما يمكن الالتفاف عليها".   

بوتين وسط أطفال الآباء المشاركين بالحرب في أوكرانيا، 4 نوفمبر 2024 (Getty)
بوتين وسط أطفال الآباء المشاركين بالحرب في أوكرانيا، 4 نوفمبر 2024 (Getty)

أظهرت دراسة أجرتها خدمة "كونتور فوكس" لمراجعة البيانات أن عدد الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين والمنظمات غير المسجلة ووسائل الإعلام المصنفة "عميلة للخارج" سجل ارتفاعاً من 193 اسماً قبل بدء الحرب الروسية في أوكرانيا في فبراير/ شباط 2022، إلى 707 بحلول بداية الشهر الجاري. وكان للأفراد النصيب الأكبر من "العملاء" الجدد بارتفاع من 66 إلى 492 شخصاً طبيعياً. وبيّنت الدراسة ذاتها التي أوردت صحيفة فيدوموستي الروسية نتائجها في 10 فبراير/ شباط الجاري أن أكبر عدد من "العملاء" يتركز في موسكو بواقع 261 اسماً، وتليها العاصمة الشمالية سانت بطرسبورغ بـ 51، ومقاطعة موسكو (كيان إداري مستقل يضم ضواحي العاصمة) بواقع 36 "عميلاً".
وتتجه روسيا نحو تشديد جديد للخناق على الشخصيات والكيانات المصنفة "عميلة للخارج"، إذ أحيل إلى مجلس الدوما (النواب) الروسي في نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي مشروعا قانون يفرض أحدهما غرامات جديدة عليهم، بينما يشدد الثاني القيود في مجال مزاولة الأعمال التعليمية. ومشروعا القانون من إعداد نواب من أعضاء لجنة الدوما للتحقيق في وقائع تدخل الدول الأجنبية في الشؤون الداخلية الروسية.
ويقترح النواب فرض عقوبات على العملاء للخارج بسبب التخاذل عن الامتثال لمطالب "الشخصيات المسؤولة بالجهة المنوط بها ممارسة الرقابة على الالتزام بالقوانين" في هذا المجال، أي وزارة العدل الروسية. وتنصّ التعديلات المقترح إدخالها على المادة 19.4 من قانون المخالفات الإدارية على إضافة الجزء 9، وينص على تغريم من يتخاذل عن الوفاء بمطالب وزارة العدل ما بين 30 و50 ألف روبل (الدولار يساوي حوالي 95 روبل) للأفراد، وما بين 100 و300 ألف روبل للمسؤولين، وما بين 300 و500 ألف روبل للأشخاص الاعتباريين.

كما يقترح مشروع القانون استحداث آلية مساءلتهم غيابياً في حال ارتكبت المخالفة خارج روسيا وفق نفس نموذج مساءلة المنظمات المصنفة في روسيا كـ "غير مرغوب فيها"، ورفع قيمة الغرامة عن التخاذل عن وضع وصم "العميل للخارج" على المواد والمنشورات ما بين 10 آلاف و30 ألف روبل حالياً إلى ما بين 30 و50 ألفاً، على أن تنطبق المادة على حالات عدم الالتزام بالصيغة المعتمدة للوصم أيضاً.
أما مشروع القانون الثاني، فينص على توسيع القيود السارية بحق "العملاء للخارج" في مجال التعليم عبر تعديل "قانون التعليم في روسيا الاتحادية" بواسطة تطبيق الحظر على تقديم الخدمات التعليمية لجميع الفئات العمرية، وليس للقاصرين فقط كما هو الحال عليه حالياً. ويقترح معدو القانون سحب التراخيص من المؤسسات التعليمية في حال صنفت "عميلة للخارج".

المساهمون