رمضان مصر... علم فلسطين وتمور غزة وفوانيس الملثم

03 مارس 2025
فانوس الملثم في الإسكندرية، 27 فبراير 2025 (العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت الأسواق المصرية تفاعلاً مع القضية الفلسطينية خلال رمضان، حيث أطلق التجار أسماء مستوحاة من القضية على التمور، مثل "بلح غزة العربية"، تعبيراً عن التضامن، مما أثار تبايناً في آراء الزبائن.
- امتد التضامن إلى زينة رمضان، حيث زينت الطرقات والبيوت بأعلام فلسطين وفوانيس الملثم، لتعزيز الوعي بالقضية الفلسطينية، خاصة بين الأطفال.
- الربط بين التجارة والقضايا السياسية في مصر يعكس تحولاً في الوعي الشعبي، حيث يفضل الناس شراء المنتجات التي تعكس مواقفهم السياسية، مما يعزز التضامن مع غزة.

إلى جوار زينة رمضان التي تتوسطها أعلام فلسطين، تنتشر في عدد من الأسواق المصرية أصناف من التمور التي تحمل أسماء مناهضة لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، والتضامن معهم ودعمهم

يشهد استقبال شهر رمضان في مصر هذا العام روحاً مختلفة مع استمرار تبعات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، كأنما انعكست القضية الفلسطينية على تفاصيل الحياة اليومية للمصريين، إذ رسم الأهالي في الشوارع مشهداً من البهجة الممزوجة بالدعم الرمزي لفلسطين من خلال زينة الشهر الكريم، في صورة تعكس امتزاج المشاعر الوطنية بالموروث الرمضاني.

ولجأ تجار إلى تسويق بضائعهم عبر عبارات التضامن. من داخل سوق "الحقانية" الشهير بمنطقة المنشية في وسط محافظة الإسكندرية، حيث تعد تجارة التمور أحد أبرز مظاهر استقبال رمضان، أطلق بعض التجار أسماء مستوحاة من القضية الفلسطينية على أصناف من تمورهم، من بينها "بلح غزة العربية" و"بلح رفح المصرية".

ويقول محمد حمدان، وهو أحد تجار سوق المنشية لـ"العربي الجديد": "هذه الخطوة جاءت تعبيراً عن التضامن مع أهالي غزة الذين يواجهون أوضاعاً مأساوية، كما يواجهون مخططات التهجير القسري. كما أردنا أن نوصل رسالة بأن القضية الفلسطينية ليست مجرد أخبار نتابعها، بل هي قضية كل عربي، وعندما يأتي الزبائن، ويسألون عن أسماء التمور، نشرح لهم السبب وراء التسمية، ونشعر أن هناك وعياً بأهمية دعم القضية".

أما الزبائن، فقد تباينت آراؤهم بين التأييد والاندهاش. يقول أحمد السيد (51 سنة): "أعجبتني الفكرة، وقررت شراء بلح غزة العربية دعماً للقضية الفلسطينية. هذه رسالة بسيطة، لكنها تعبّر عن التضامن". بدورها، ترى ربة المنزل سلمى فؤاد، أن ربط التجارة بالقضية الفلسطينية قد يكون وسيلة لجذب الزبائن، لكن إذا كان يحمل هدفاً نبيلاً فلا بأس بذلك، فالشعب المصري لم ينس إخوانه في فلسطين ومطالبهم، ويريد في كل مناسبة أن يعبّر عن دعمه لمطالبهم العادلة.

لم يقتصر التضامن مع أهالي غزة على أسماء المنتجات، بل امتد إلى زينة رمضان التي تزين الطرقات والبيوت خلال الشهر الكريم، وانتشرت مبادرات أهلية لتزيين الطرق بأعلام فلسطين، كما ظهرت فوانيس الملثم، في إشارة إلي "أبو عبيدة" المتحدث الإعلامي لكتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة "حماس"، في صورة لم تكن مألوفة خلال السنوات السابقة.

يقول محمود عبد الفتاح، وهو أحد منظمي مبادرة "صندوق رمضان"، لـ"العربي الجديد"، إن "المبادرة انطلقت هذا العام بهدف جمع التبرعات لشراء زينة رمضان، لكن سرعان ما قرر القائمون عليها إدخال علم فلسطين ضمن التصميمات. نريد أن نُذكِّر الجميع بأن ما يحدث في غزة ليس بعيداً عنا. الفانوس وزينة الشوارع قد يكونان رمزين للفرح، لكن يمكنهما أن يكونا أيضاً رسالة دعم".

ووجد الأطفال في هذه الزينة فرصة لطرح الأسئلة على أهاليهم حول معنى علم فلسطين، وأسباب وجوده بين زينة رمضان. تقول فاطمة الزهراء، إن ابنها سألها عن سبب رفع هذه الأعلام، وأنها شرحت له أن هناك أطفالاً مثله في غزة يعانون، وهذا علم بلدهم، وعلينا أن نقف معهم وندعمهم.

تمور باسم غزة في أسواق مصر. 27 فبراير 2025 (العربي الجديد)
تمور باسم غزة في أسواق مصر، 27 فبراير 2025 (العربي الجديد)

والربط بين التجارة والقضايا السياسية ليس جديداً في مصر، لكن الظاهرة طرحت تساؤلات حول مدى تأثيرها على قرارات الشراء. يقول الخبير الاقتصادي محمود عيسى لـ"العربي الجديد": "خلال الأزمات الكبرى يتحول الاستهلاك إلى سلوك تضامني، ويفضل الناس شراء المنتجات التي تعكس مواقفهم السياسية أو الأخلاقية، وهذا ما نشهده حالياً في الأسواق المصرية، إذ أصبح البعض يختارون منتجات بعينها ويقاطعون أخرى تضامناً مع فلسطين".

ويشير عيسى إلى أن "هذا التفاعل يعكس اندماج القضية الفلسطينية في الوعي الشعبي المصري، رغم الضغوط الاقتصادية. فرغم ارتفاع الأسعار يختار البعض شراء المنتجات التي تحمل دلالات التضامن، وكأنهم يرون في ذلك نوعاً من دعم المقاومة. هناك تحول ملحوظ في وعي المصريين تجاه القضية الفلسطينية، فالناس يبحثون عن وسائل لدعم غزة، حتى لو كانت رمزية، مثل شراء المنتجات التي تحمل أسماء متضامنة، أو تزيين منازلهم بأعلام فلسطين، والتضامن ليس مجرد شعور، بل بات يُترجم إلى ممارسات ملموسة تعكس ارتباط المصريين بالقضية".

ويتابع: "إذا استمرت الأحداث في فلسطين على هذا النحو، فمن المتوقع أن يصبح هذا الاتجاه جزءاً من ثقافة السوق المصرية في رمضان وغيره من المواسم السنوية. وأعتبر أن رمضان هذا العام ليس مجرد موسم احتفالي، بل يحمل في تفاصيله الصغيرة رسائل دعم ومقاومة، من شمال مصر إلى جنوبها، في مشهد يعكس كيف يتجلى التضامن الشعبي مع فلسطين حتى في أبسط التفاصيل اليومية".

المساهمون