رمضان مصر... تحديات معيشية تعطل عادات متوارثة

مهتمة بالشأن العام المصري والعربي والإسلامي. عاشقة للدراما التليفزيونية والسينما والنقد الفني، عاشقة لمرحلة كلاسيكيات السينما والأبيض والأسود. أهوى الشعر.
استمع إلى الملخص
- يلجأ المصريون إلى استراتيجيات تكيف مثل الشراء من الأسواق الشعبية، الاعتماد على المنتجات المجمدة، ودعم العائلة لتخفيف الأعباء المالية.
- رغم الظروف الاقتصادية، يحرص المصريون على الحفاظ على العادات الرمضانية مثل شراء الفوانيس والياميش، مما يعكس تمسكهم بالتقاليد رغم التحديات.
وسط أزمة اقتصادية طاحنة، يستقبل المصريون شهر رمضان الذي يحمل لدى جميع الأسر رمزية خاصة تجعله شهر الإقبال على التجمعات العائلية، والإكثار من الأطعمة والحلويات المتوارثة، فضلاً عن شراء الفانوس و"الياميش" ولوازم "الخشاف".
ويحل رمضان هذا العام في ظل ارتفاع ملحوظ للأسعار يقابله تضاؤل القدرة الشرائية لغالبية المصريين؛ إذ تبرز تحديات عدة تعرقل قدرة كثير من الأسر على توفير احتياجاتهم من السلع الأساسية، إضافة إلى السلع الرمضانية التي ترتبط بعادات عمرها عقود، وربما قرون سابقة.
ويشير آخر تحديث للبنك المركزي المصري في 9 يناير/كانون الثاني الماضي، إلى تراجع التضخم السنوي لأسعار المستهلكين إلى 24.1% في ديسمبر/كانون الأول 2024، مقارنة بـ25.5% في نوفمبر/تشرين الثاني من نفس العام، وانخفاض أسعار المواد الغذائية بنسبة 1.5%، إلا أن تلك الأسعار تظل أعلى بنسبة 20.3% من مثيلتها في عام 2023؛ بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الحكومي.
يفيد المعلم المصري سيد القصاص بأنه تمكن رغم ارتفاع الأسعار وضعف الرواتب، من توفير احتياجات عائلته مثل كل عام، وأنه على سبيل المثال، اشترى التمور من بائع جوال بأسعار معقولة، بدلاً من شرائها من المحال التجارية، كما يشتري معظم احتياجات رمضان من "سوق الجمعة" الشعبي، حيث تكون الأسعار أقل من المحال، وبالنسبة للدواجن، فإنه يحصل عليها من قريته، إذ تقوم عائلته بتربيتها، في حين يشتري اللحوم الحمراء من منطقة البدرشين بمحافظة الجيزة، إذ تكون أسعارها أقل بكثير من مناطق العاصمة.
يعمل حماده علي نجاراً، ويؤكد أنه ليس بحاجة إلى شراء الكثير من مستلزمات رمضان، إذ تكتفي أسرته بثلاث تمرات لكل فرد في وجبة الإفطار، ونظراً للظروف الاقتصادية الصعبة، ودخله الذي يعتمد على العمل اليومي؛ فقد يتناولون اللحوم يوماً في الأسبوع، وقد يستغنون عنها، أما بالنسبة للعصائر فيعتمد على تلك المجففة التي يشتريها من محال العطارة، ولكونه ينتمي إلى صعيد مصر، وعليه مساعدة أخواته وابنته المتزوجة حديثاً، فإنه يحرص على توفير مبلغٍ من المال لهن قبل حلول رمضان، ما يؤثر بالطبع على الإنفاق على زوجته وأولاده.
بدورها، تعاني سلمى مصطفى، وهي مدرسة تربية رياضية، بسبب ارتفاع الأسعار، وتقول إنه ارتفاع جنوني؛ سواء أسعار التمور، أو الأرز، أو اللحوم بأنواعها، حتى أنها استغنت عن سلع كثيرة أصبحت من الكماليات بالنسبة لأسرتها، من بينها الزبادي الذي اعتادت أن تُحضّره في المنزل؛ فقد أصبح سعر كيلو اللبن مرتفعاً لدرجة تجعل من شرائه يومياً أمراً مكلفاً.

تعمل نادين رؤوف في إحدى الصيدليات، ولديها طفلان، ونظراً لطبيعة عملها التي تستغرق ساعات طويلة؛ فإنها تعتمد على شراء الأغذية المجمدة توفيراً للجهد والمال، ونظراً لانخفاض أسعار الطماطم قليلاً خلال الأيام الأخيرة؛ قامت بمساعدة والدتها بشراء كمية لا بأس بها لتخزينها، ورغم أن أسعار "الياميش" ارتفعت قليلاً، لكنها لازالت قادرة على توفير كميات منه، كما تحرص على شراء فوانيس رمضان والزينة لإسعاد طفليها.
أما إيمان أبوشامة، فهي تعمل في إحدى مؤسسات المجتمع المدني، ولا تشكل الأسعار مشكلة كبيرة بالنسبة لها، لأن لديها عدة مصادر للدخل، ولم يؤثر ارتفاع أسعار السلع الرمضانية عليها كثيراً كونها لا تستهلك كميات كبيرة منها. تقول: "أشتري كميات محدودة من التمر والبرقوق والمشمش المجفف، والمكسرات يرسلها زوجي الذي يعمل بالخارج، ولا يزعجني إلا شراء اللحوم خلال رمضان".
تمتلك فريدة عادل محلاً للبقالة، وتفيد بأن الإقبال على شراء الأغذية المجمدة هائل كونها أرخص قليلاً، كما أنها جاهزة وسريعة التحضير، وهي تعرف أشخاصاً كانوا معتادين على شراء اللحوم الطازجة، لكنهم باتوا يشترون المجمدة منها، ورغم أن الموسم لا زال في بدايته؛ إلا أن الإقبال على التمور بأنواعها كبير، وحركة السوق تماثل العام الماضي.
ويقول أحد العاملين بمحل شهير لبيع الحلويات والياميش إن الإقبال على بضائع رمضان عادة ما يكون عند بدء الشهر مباشرة، وإنه في موسم المولد النبوي الماضي؛ والذي تزامن مع ارتفاع الأسعار، لم يلاحظ أي انخفاض في المبيعات، وهذا يعني برأيه أن الإقبال على شراء مستلزمات رمضان سيكون على نفس المنوال، رغم أن غالبية الزبائن باتوا يشترون كميات أقل مقارنة مع الأعوام السابقة.