رفات مجهول في حي الرفاعي بمدينة حمص وسط سورية يشهد على مجزرة

حمص

عبد الله البشير

avata
عبد الله البشير
15 مارس 2025
رفات مجهولة بحي الرفاعي في حمص.. شاهدة على مجزرة دموية
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- في مارس 2012، تعرض حي الرفاعي بحمص لمجزرة مروعة على يد قوات النظام السوري والمليشيات الموالية، مما أدى إلى مقتل أكثر من 1150 شخصًا وتدمير الحي بالكامل.
- علي الجاور، أحد سكان الحي، فقد 12 فردًا من عائلته، ويطالب الأهالي بإجراء تحقيقات للكشف عن هوية الرفات المتبقي تحت الأنقاض.
- عمار السلمو من الدفاع المدني السوري يؤكد أهمية توثيق وجمع الرفات وتسليمه للطب الشرعي، محذرًا من المخاطر التي تهدد المقابر الجماعية بسبب التدخلات غير المهنية.

عثر الأهالي في حي الرفاعي بمدينة حمص وسط سورية على رفات بشري مبعثر خلال يومي الجمعة والسبت، في الحي الذي دُمّر على نحوٍ شبه كلي، على يد قوات النظام السابق بعد عمليات نهب منظمة جرت فيه، دُمّرت على إثرها المنازل بهدف سرقة الحديد المستخدم في الخرسانة المسلحة.

وكشف الناشط الحقوقي المنحدر من مدينة حمص تيسير محمد الأحمد، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنه رصد جماجم وعظاماً بشرية خلال جولة له في الحي، مشيراً إلى أن هذا الرفات عُثر عليه بين أنقاض المباني المدمرة، لافتاً إلى أن الحي تعرّض للحصار والاقتحام من قوات نظام الأسد والمليشيات الموالية له، إذ ارتُكبت فيه واحدة من أبشع المجازر في مارس/ آذار عام 2012.

وأشار الأحمد إلى أن عدد الضحايا في تلك المجزرة تجاوز 1150 شخصاً، وفق تأكيدات أهالي الحي، مضيفاً: "خلال جولتي في الحي، رصدت الكثير من الرفات البشري بين الأنقاض، لكن التحقق منه يتطلب تدخّلاً حكومياً أو تدخلاً من إحدى المنظمات المختصة"، ولفت إلى أن المجزرة تزامنت مع مجزرة حي كرم الزيتون، الذي يقع في منطقة متداخلة معه داخل حمص.


علي الجاور، أحد أهالي الحي، الذي قُتل 12 فرداً من عائلته في تلك المجزرة، أوضح خلال حديثه لـ"العربي الجديد" أنّ حي الرفاعي حوصر من باقي الأحياء المحيطة به، وأضاف: "بقينا أربعة أيام محاصرين داخل الحي، وأُجريت حينها مفاوضات عبر وجهاء الحي مع جيش النظام لإخراج المسلحين، مقابل دخول شكلي لقوات النظام والقيام بعمليات تمشيط"، وأردف: "غادر معظم الشبان والرجال الحي ليلاً، وبعدها دخل جيش النظام برفقة مجموعات من الشبيحة واللجان الشعبية من أحياء وادي الذهب والنزهة، وارتكبوا مجزرة في الحي، وقد كانت المجزرة على أساس طائفي بحت".

وأضاف الجاور: "وفق ما وثّقنا بصفتنا أهالي الحي، فقد قُتل في المجزرة 1182 شخصاً، من بينهم أفراد من عائلتي، وعددهم 12 شخصاً. أعطونا جثث سبعةٍ منهم فحسب في وقت لاحق، بينما لم نستلم بقية الجثث. وكانت ابنتي من الناجين، إذ تعرضت للذبح بأداة حادة وكان عمرها نحو عام واحد، لكن أحد جيراني، وهو شرطي أسعفها إلى مستشفى بيسان في المدينة، وكتبت لها النجاة، وهي تبلغ اليوم من العمر 15 عاماً".

ولفت الجاور إلى أنه بعد ارتكاب المجزرة، دخلت فرق من المستشفى العسكري في حمص وأزالت عدداً من الجثث، مضيفاً: "لكننا لا نعرف العدد الدقيق للجثث التي أزيلت وتلك التي بقيت، ووفق معلوماتنا بصفتنا أهالي الحي، علمنا أن أكثر من 400 جثة بقيت في المكان"، وقال الجاور: "هُدم الحي بعد تهجيرنا من مدينة حمص، إذ دُمّرت البيوت وبِيع الحديد الموجود في المباني، نهبوا كل شيء قبل هدم الحي، وحالياً لم نعثر سوى على رفات بين الأنقاض، ونطالب بإجراء تحقيقات للكشف عن هوية أصحاب هذا الرفات".

الدفاع المدني وحدود تعامله مع المقابر الجماعية

بدوره، أكد عمار السلمو، عضو مجلس إدارة الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)، لـ"العربي الجديد"، أن فرق الدفاع المدني تركز حالياً على الاستجابة الطارئة لنداءات الأهالي بشأن العثور على رفات بشري مكشوف وغير مدفون، مشيراً إلى أن الفرق تعمل وفقاً لضوابط صارمة تلتزم بالمبادئ الإنسانية والجنائية، وأوضح أنّ عملية الاستجابة تشمل توثيق وجمع الرفات وتسليمه إلى الطب الشرعي، وفقاً للبروتوكولات المعتمدة، والتنسيق لاستكمال الإجراءات اللازمة لحفظه، بما يسهم في إمكانية التعرف عليه لاحقاً.

وشدد السلمو، في حديث لـ"العربي الجديد"، على أن فرق الدفاع المدني لا تقوم بفتح المقابر الجماعية أو استخراج الرفات المدفون فيها، وإنما تقتصر مهمتها على التعامل مع الجثامين والقبور المفتوحة أو الرفات المكشوف خارج هذه المقابر، مشيراً إلى أن التعامل مع المقابر الجماعية يتطلب ولاية قضائية وجنائية، بالإضافة إلى فرق مختصة، وتفويض قانوني، وتقنيين متخصصين، ومختبرات معتمدة لضمان التعامل مع الرفات بطريقة علمية دقيقة.

حي الرفاعي، حمص سورية، 15 مارس 2025 |(الناشط الجقوقي تيسير الأحمد)
حي الرفاعي في حمص وسط سورية، 15 مارس 2025 |(الناشط الجقوقي تيسير الأحمد)

ولفت السلمو إلى المخاطر الكبيرة التي تهدد المقابر الجماعية المنتشرة في سورية، نتيجة عمليات النبش العشوائي والتدخلات غير المهنية، التي تمثل انتهاكاً مباشراً لكرامة الضحايا وحقوقهم وحقوق عائلاتهم، فضلاً عن تهديدها للجهود المستقبلية لتحقيق المساءلة والعدالة، وأوضح أن هذه التدخلات تؤدي إلى تدمير الأدلة الجنائية في المقابر، ما يضيع فرصة أساسية لكشف هوية الضحايا والمتورطين في الجرائم المرتبطة بإختفائهم، ويعرقل الجهود الرامية إلى محاسبة الجناة وضمان تحقيق العدالة.

وأكد السلمو أن حماية المقابر الجماعية يجب أن تكون أولوية للحفاظ على كرامة الضحايا، وكشف مصير المعتقلين والمفقودين، وضمان تحقيق العدالة لعائلاتهم، وشدد على ضرورة تكاتف الجهود بين المؤسسات والجهات العاملة في هذا المجال، إلى جانب المجتمعات المحلية والسلطات، من أجل التعامل مع هذا الملف بجدية ومهنية، سعياً لكشف مصير عشرات الآلاف من المفقودين وتقديم إجابات لعائلاتهم ومحبيهم.

وحول آلية استجابة فرق الدفاع المدني السوري، أكد السلمو أن المنظمة تستجيب في حال تلقي بلاغات عن رفات مكشوف، أو قبور تعرضت للعبث والضياع، مشيراً إلى أنها لم تتلق أي بلاغ من مدينة حمص حتى الوقت الحالي بشأن الرفات في حي الرفاعي. وشدد السلمو على ضرورة وقف التدخلات غير المهنية في المقابر الجماعية، لما تمثله من انتهاك لكرامة الضحايا وحقوقهم وحقوق عائلاتهم، وما قد تسببه من ضرر بالغ للأدلة الجنائية، التي يمكن أن تساعد في كشف مصير المفقودين ومحاسبة المتورطين في جرائم اختفائهم.

ذات صلة

الصورة
من عملية تسليم الأسلحة في قرية الجميلية بريف حمص، 21 إبريل 2025 (العربي الجديد)

سياسة

بادرت الاثنين ثلاث قرى في ريف حمص الشرقي، وسط سورية، إلى تسليم الأسلحة الحربية الخفيفة الموجودة فيها للدولة السورية، بالتنسيق مع وزارة الداخلية
الصورة
أحد أفراد الأمن العام في مدينة حمص 8 يناير 2025 (عمر حاج قدور/فرانس برس)

سياسة

تبدأ القوات الأمنية التابعة للإدارة الجديدة في سورية حملة أمنية، اليوم الأحد، في بعض مناطق ريف دمشق بحثاً عن مطلوبين من أتباع النظام السابق.
الصورة
الأجواء في حمص بعد إسقاط نظام الأسد، 18 ديسمبر 2024 (فرانس برس)

سياسة

بعد التوترات التي شهدتها مدينة حمص الأربعاء بعد خروج احتجاجات اتخذت طابعاً طائفياً، عاد الهدوء إلى المدينة الواقعة وسط سورية
الصورة
تظاهرات لمؤيدي النظام السوري في حمص 25/12/2024 (لقطة شاشة)

سياسة

أعلنت قيادة العمليات العسكرية في سورية فرض حظر تجوّل في مدينة حمص واللاذقية عقب الاحتجاجات التي اندلعت اليوم في حمص وبعض المناطق في الساحل.
المساهمون