استمع إلى الملخص
- العلاقة الإنسانية بين الططري وسجّانه السابق العقيد أيسر أبو فخر أثارت تساؤلات، حيث تعاطف أبو فخر معه وسمح له بوضع صور عائلته في زنزانته.
- انشقاق الطيارين السوريين في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات أدى إلى توتر العلاقات مع دول الجوار، ورفع أسماء المعتقلين في السويداء كرمز للمطالبة بالحرية.
وصل يوم الجمعة إلى ساحة الكرامة وسط مدينة السويداء، عميد الأسرى السوريين رغيد أحمد الططري برفقة سجّانه العقيد أيسر أبو فخر الذي كان مديراً لسجن طرطوس، في زيارة أثارت التساؤلات لدى المجتمع السوري حول هذه العلاقة الإنسانية التي جمعت السجين بالسجّان ليلتقيا في ساحة شهدت لأكثر من عام وأربعة أشهر احتجاجات تطالب بإطلاق سراح المعتقلين وسقوط النظام.
رغيد أحمد الططري الذي كان طياراً في سلاح الجو السوري في عهد حافظ الأسد عام 1981، تحدث لـ"العربي الجديد" عن العلاقة التي جمعته مع سجّانه قائلاً: إنها لم تكن بين سجين وسجّان كالذين عرفتهم في المعتقلات، فقد أحسست بتعاطف كبير من أبو فخر الذي تحمّل منذ نقلي إلى سجن طرطوس وزر إزالة صورة كبيرة للرئيس المخلوع وسمح لي أن أضع صور عائلتي على الجدار مكانها، وقدّم لي المساعدة قدر الإمكان، وكان أول من فتح باب زنزانتي وأخرجني إلى الحرية.
بدوره قال أيسر أبو فخر لـ"العربي الجديد": "كنت أشعر بالخجل عندما أرى الططري وحين كان يقف أمامي، كان ينتابني إحساس بأنه السجين الحر وأنا السجان المعتقل، وكان لي الفخر أنني من فتحت له باب الزنزانة وأخرجته من السجن قبل الإعلان عن سقوط نظام الأسد".
رغيد أحمد الططري.. 43 عاماً في السجون
رغيد أحمد الططري من مواليد دمشق في 25 ديسمبر/كانون الأول 1954، التحق بالكلية الجوية عام 1972 وتخرج فيها عام 1975، وخدم في عدة أسراب. دخل السجن قبل أن يتم عامه الـ 27، وعُرف بعميد الأسرى السوريين بعد أن قضى أكثر من 43 عاماً متنقلاً بين السجون والمعتقلات، زار أمس الجمعة سجن السويداء المدني ليستذكر فيه ست سنوات من العمر قبل أن يُعاقب بالنقل إلى آخر معاقل السجانين في طرطوس، ويخرج منه إلى الحرية.
تحدث لـ "العربي الجديد" عن أسباب اعتقاله وعدد من زملائه عام 1981، وعن الظروف الأمنية التي سبقت هذا الاعتقال، مؤكداً أن أزمة الطيارين والجيش السوري بدأت عام 1976 عندما بدأ الجيش السوري يُكلّف بمهام خارجة عن العقيدة التي بُني عليها، وأصبح يضرب ويقصف المدنيين في القرى والمدن السورية التي يخرج منها أي تمرد على نظام الأسد، مبيناً أن موقفاً رافضاً اتخذه مع عدد من زملائه الطيارين، وسلوكاً بالتحريض على رفض الأوامر والانشقاق عند الضرورة. واللجوء إلى العراق أو الأردن.
وقال الططري؛ كانت البداية بالطيار محمود ياسين وأحمد ترمانيني اللذين انشقا عن الجيش وذهبا إلى العراق بعدما كُلفا بقصف تل الزعتر عام 1976. وبعدها في عام 1980 انشق الطياران محمود نقار وعبد العزيز العبد ولجأ كل منهما إلى الأردن، ما أحدث هزة في سلاح الجو السوري وأدى إلى تشنج وسوء في العلاقات السورية مع الأردن.
وبناءً على انشقاق الطيارين، تم اعتقالي مع زميلي محمد سجري 1981 بتهمة التحريض على الانشقاق ورفض الأوامر، وأطلق سراح السجري نتيجة إصابته بمرض السرطان عام 1991، بعد أن قضى أكثر من عشر سنوات في السجن، فيما بقيت متنقلاً بين سجن تدمر وصيدنايا وعدرا ثم السجن المدني في السويداء ومنه إلى سجن طرطوس المدني الذي شهدت فيه آخر سنوات الاعتقال، ومنه كانت بداية الحرية بعد 43 سنة و15 يوماً من الاعتقال.
ويضيف الططري؛ لن أنسى أنني شاهدت اسمي مع أسماء المغيبين أمثال عبد العزيز الخير وطل الملوحي وغيرهم ممن طالب بهم الثوار ورُفعت أسماؤهم في ساحة الكرامة، بمدينة السويداء."