استمع إلى الملخص
- القانون وحده لا يكفي لتحقيق العدالة البيئية، إذ يجب علينا مواجهة التمييز البيئي والعنصرية البيئية، والاعتراف بأننا أورثنا الأجيال القادمة كوكبًا ملوثًا ونماذج سيئة للعدالة.
- رسالتنا للأجيال القادمة هي ضرورة المساهمة في التغيير من خلال المعرفة والاهتمام والمشاركة الجماعية، وعدم انتظار منقذ خارجي، بل المحاولة المستمرة لتحقيق العدالة البيئية.
تسمع في كل يوم الشكاوى، وقد ترى بأم عينك الكثير من التعديات السافرة على البشر، وعلى الموارد الطبيعية، والكائنات التي تشاركنا الحياة على الكوكب. لكنك لا تجد من يحدثك صراحة عن الأخلاقيات البيئية، ذلك لأن المصطلح غير متداول بما يكفي، ومثل ذلك يكون الحديث عن الغبن البيئي، وعن العنصرية البيئية.
لا يخرج الحديث عن إطار الحكايات والشكايات، وقد تجد من يتحدث من دون دراية كافية بالعدالة البيئية في مفهومها العام، لكن الخبراء والعارفين ببواطن الأمور يدركون أهمية العدالة البيئية، وقد تحدّثك بعمق أكبر تجارب المضطهدين البيئيين في العالم الثالث، ما يجعلك تعيد النظر فيما حولك.
من المتفق عليه أن للعدالة البيئية ثلاثة مبادئ، هي العدالة التوزيعية، والتي يُقصد بها التوزيع العادل للمخاطر والميزات البيئية، وثانيها العدالة الإجرائية، والتي تشير إلى المشاركة العادلة والهادفة في صنع القرار، ثم عدالة الاعتراف، والتي تعني الاعتراف بالاضطهاد والاختلاف في المجتمعات.
ومظاهر العنصرية البيئية لا تحصى، غير أن بينامين شافيز، زعيم الحقوق المدنية الأميركية الأفريقية، يشير إلى أنها "الاختيار المتعمّد لمرافق النفايات في المجتمعات التي يسكنها في الغالب أشخاص من ذوي البشرة الملوّنة، وعمال منخفضو الدخل، وعمال مهاجرون، وهي التمييز العنصري في صنع السياسات البيئية وإنفاذ الأنظمة".
قد ترى هذه المظاهر من دون أن تتوقف عندها، وقد تقرأ شيئاً عنها في أي مكان، وقد تعي الأمر تماماً، لكنك ستصطدم بالجُدُر السميكة المحيطة بسؤال: متى تتحقق العدالة البيئية على الأرض؟
يحاول البعض أن يرمي بالثقل كله على جانب واحد حين يقول إن القانون يحمينا في حال صياغته وتنفيذه كما يجب، لكن هل تكفي الأُطُر التشريعية وحدها لتحقيق العدالة البيئية؟
لا نسوق مثل هذه الأسئلة الصعبة إلا لنعترف للأجيال اللاحقة بأننا أورثناهم كوكباً مُفْسَداً ومُلوّثاً، ونماذج سيئة للعدالة، وأننا صمتنا كثيراً عن صور التمييز البيئي والعنصرية البيئية، جهلاً أو تجاهلاً، وأدمنا غض الطرف عن مظاهر التدهور البيئي حتى تفاقمت.
بيننا من يتغنّى بالتنمية العرجاء من دون إدراك أن الأمر سيصل بنا إلى هذا الحد من النزاعات والصراعات والحروب، حد الخوف على كوكبنا.
أما رسالتنا للأجيال القادمة فهي حول حتمية المساهمة في التغيير. نعم يمكنكم ذلك، إذ إن كل ما عليكم فعله هو المعرفة، والاهتمام، وتشارك فكرة المساهمة الجماعية في التغيير. لا تنتظروا أحداً يأتيكم من كوكب آخر ليخرجكم مما أنتم فيه، بل حاولوا، ثم حاولوا، وكرروا المحاولات، وستجدون حتماً أنكم، والناس من حولكم، قادرون على التغيير، وتحقيق العدالة البيئية.