دول منظمة الصحة العالمية أمام تحدّي البتّ في اتفاق الجوائح

16 ابريل 2025
عاملة صحية وسط أزمة كورونا الوبائية في الصين، 2 سبتمبر 2022 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- بعد مفاوضات طويلة، توصلت الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية إلى اتفاق مبدئي بشأن الوقاية من الجوائح، يهدف إلى تجنب أخطاء جائحة كورونا، ويشمل تنازلات وعناصر إيجابية لإطار عمل أكثر إنصافاً.
- الاتفاق يربط تمويل البحوث بشروط تضمن استفادة الجميع، ويُعتبر الأول من نوعه في تاريخ الاتفاقيات الدولية، مما يعزز التأهب والاستجابة للجوائح المستقبلية.
- من المتوقع اعتماد النص كمعاهدة دولية في مايو، رغم الخلافات حول نقل التكنولوجيا للبلدان النامية، حيث تعارض بعض الدول النقل الإلزامي وتفضل الطوعية.

تتّجه أنظار كثيرة إلى جنيف، حيث من المنتظر وضع اللمسات الأخيرة على نصّ تاريخي بشأن الوقاية من الجوائح يهدف إلى تجنيب البشرية الأخطاء المرتكبة في أثناء مكافحة جائحة كورونا، بعد تأجيل طال رغم المخاطر. وبعد مفاوضات استمرّت لأكثر من ثلاث سنوات، تجتمع الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية، في جنيف السويسرية الثلاثاء، للبتّ في نصّ اتفاق الجوائح المرتقب، علماً أنّها كانت قد توصّلت إلى اتفاق "مبدئي" بهذا الشأن في نهاية الأسبوع الماضي.

وأشارت منظمة "أطباء بلا حدود" إلى أنّ "من المنتظر أن تُختَتم المفاوضات بين الدول، اليوم (الثلاثاء)"، مضيفةً: "على الرغم من أنّ الاتفاق (المبدئي) تضمّن تنازلات عدّة، فإنّه يشتمل على عناصر إيجابية عدّة سوف تُساهم في إرساء إطار عمل جديد أكثر إنصافاً وعدلاً للتأهّب والاستجابة للجوائح في المستقبل".

وبدأ مندوبو الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية اجتماعاً مغلقاً، صباح الثلاثاء، في مقرّ الوكالة التابعة للأمم المتحدة في جنيف، آملين اختتامه في أسرع وقت ممكن، علماً أنّ خبراء عدد من الدول غادروا، يوم السبت الماضي، إذ كان من المقرّر أن تنتهي المناقشات الخاصة باتفاق الجوائح المرتقب الأسبوع الماضي.

وبعد أكثر من خمس سنوات على ظهور فيروس كورونا الجديد (سارس-كوف-2) وتسبّبه في جائحة أودت بحياة الملايين ودمّرت الاقتصاد العالمي، ما زال العالم، على الرغم من أنّه أفضل استعداداً، بعيداً كلّ البعد عن حالة الجهوزية لمواجهة جائحة أخرى، وفقاً لما تشدّد عليه منظمة الصحة العالمية وخبراء.

وكتبت المديرة العامة المساعدة لمنظمة الصحة العالمية للعلاقات الخارجية والحوكمة كاثرينا بوهمي، على حسابها على موقع لينكد إن، أنّ "الاتفاق بشأن مواجهة الجوائح سوف يمنح العالم أدوات أفضل للوقاية من الأوبئة العالمية في المستقبل والاستعداد والاستجابة لها".

لكنّ المفاوضات الراهنة تجري فيما تشهد التعددية والنظام الصحي العالمي أزمة خطرة بسبب الاقتطاعات الهائلة التي أجراها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مساعدات بلاده الخارجية، علماً أنّ الولايات المتحدة الأميركية كانت تُعَدّ أكبر المانحين في المجال الإغاثي على الإطلاق. يُذكر أنّ ممثلي واشنطن غابوا عن المناقشات الخاصة باتفاق الجوائح أخيراً، بعدما قرّر ترامب الانسحاب من المنظمة.

اتفاق مبدئي بشأن الجوائح المحتملة

صباح يوم السبت الماضي، وبعد خمسة أيام وليلة كاملة من المحادثات، أعلنت الرئيسة المشاركة لهيئة التفاوض وسفيرة فرنسا للصحة العالمية آن-كلير أمبرو عن "اتفاق مبدئي"، في انتظار الموافقة النهائية لمختلف الدول. ومن المتوقّع أن "ينقّح" مندوبو الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية النصّ للمرّة الأخيرة، الثلاثاء، في حال عدم ظهور أيّ عائق في اللحظة الأخيرة.

وقالت مديرة مبادرة الأدوية للأمراض المهملة ميشيل تشايلدز لوكالة فرانس برس: "إذا اعتُمد النصّ، فإنّه سوف يكون الأوّل في تاريخ الاتفاقيات الدولية. ومن خلال هذا النصّ، تؤكّد الدول الحاجة، عندما تموّل البحوث الخاصة بالعلاجات وتطويرها أو عمليات التشخيص أو اللقاحات الجديدة بأموال عامة، ربط هذا التمويل بشروط تضمن استفادة الناس عموماً منه". أضافت أنّ اتفاق الجوائح هذا من شأنه أن "يُرسي أساساً حاسماً يُمكن البناء عليه لإنقاذ الأرواح خلال أيّ حالة طوارئ صحية عالمية مقبلة"، مشدّدةً على أنّه "نقطة البداية وليس خط النهاية".

التكنولوجيا والعقوبات في اتفاق الجوائح المرتقب

وفي حال تمرير اتفاق الجوائح من دون عقبات، سوف يتعيّن على الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية اعتماد النصّ الذي يُعَدّ "معاهدة دولية" خلال انعقاد جمعية منظمة الصحة العالمية في جنيف في مايو/ أيار المقبل.

كانت إحدى نقاط الخلاف الرئيسية، يوم الجمعة الماضي، المادة 11 من نصّ اتفاق الجوائح الأوّلي المؤلّف من 30 صفحة، التي تحدّد نقل التكنولوجيا لإنتاج المنتجات الصحية المتعلقة بالجوائح، خصوصاً لمصلحة البلدان النامية، بحسب ما ذكرته مصادر عدّة لوكالة فرانس برس. وكانت هذه القضية محور تظلم البلدان الفقيرة خلال جائحة كورونا، عندما احتكرت البلدان الغنية جرعات اللقاح والاختبارات.

وتعارض دول عدّة تمتلك صناعات دوائية قوية فكرة نقل التكنولوجيا على نحو إلزامي، وتصرّ على طبيعتها الطوعية. وفي هذا الإطار، قال ثيرو بالاسوبرامانيام من منظمة "المعرفة البيئية الدولية" غير الحكومية التي تتابع المفاوضات منذ البداية لوكالة فرانس برس إنّه "ما زالت تنبغي صياغة الفقرة المتعلقة بالعقوبات الدولية".

وينصّ اتفاق الجوائح المقترح على إنشاء شبكة عالمية لسلاسل التوريد والخدمات اللوجستية لتوسيع نطاق الوصول إلى المنتجات الصحية لمكافحة الجوائح أو في المواد الإغاثية. لكنّه ما زال يتعيّن على الدول التوافق على سياقات أخرى غير وبائية أو إنسانية لتسهيل حصول البلدان الخاضعة لعقوبات دولية على تلك المنتجات.

(فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون