دليل قانوني لحماية التونسيين في فرنسا من تبعات الترحيل
استمع إلى الملخص
- يهدف الدليل إلى تقديم حلول قانونية للمهاجرين بغض النظر عن وضعيتهم الإدارية، ويعتبر شكلاً من أشكال المقاومة المدنية ضد سياسات الإقصاء.
- يواجه العديد من التونسيين في فرنسا خطر الترحيل، ويؤكد المنتدى على أهمية الدعم القانوني لمواجهة القوانين المجحفة، حيث ساعدت الجهود القانونية بعض المهاجرين في كسب معارك قضائية.
صدر في تونس دليل قانوني لمساندة آلاف المهاجرين المهدّدين بالترحيل من فرنسا وغيرها من دول الاتحاد الأوروبي، ووقف الانتهاكات بحقهم.
كشف المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية عن أول دليل قانوني موجّه للمهاجرين المهدّدين بالترحيل القسري في فرنسا، يمكّنهم من التعرف على الإجراءات القانونية التي يتعيّن اتباعها عند تلقي أوامر بمغادرة فرنسا أو منعهم من العودة أو وضعهم قيد الإقامة الجبرية أو الاحتجاز الإداري.
ويتيح الدليل للمهاجرين الاطّلاع على النصوص القانونية، والاتفاقيات الثنائية المتعلقة بالهجرة، والاستفادة من نماذج مراسلات قانونية، ومعلومات بشأن الجمعيات والنشطاء الذين يمكن اللجوء إليهم في الحالات الطارئة. ويأتي إصدار الدليل تزامناً مع تسجيل المنظمات المدنية تصاعداً في سياسات القمع ضد المهاجرين في فرنسا، وتكثيف السلطات الفرنسية للتشريعات التي تهدف إلى تجريم الوضعية الإدارية غير النظامية وتجريد المهاجرين من حقوقهم وطردهم خلال الأشهر الأخيرة، في إطار سياسة مشدّدة تجاه المهاجرين الذين لا يملكون إقامة قانونية أو الذين صدرت بحقهم أحكام قضائية.
ويقول المتحدث باسم المنتدى التونسي، رمضان بن عمر، إنّ أغلب المهاجرين المرحّلين هم ضحايا جهلهم للقانون، وهو ما دفع المنتدى وشركاءه من خبراء الهجرة إلى إصدار دليل للحدّ من الانتهاكات التي يتعرض لها التونسيون في فرنسا ودول الاتحاد الأوروبي، ويؤكد لـ"العربي الجديد" أن الدليل هو شكل من أشكال المقاومة التي يتبنّاها المجتمع المدني في إطار خطة شاملة لمساعدة المهاجرين المهدّدين بالطرد من فرنسا وأوروبا.
ويضيف بن عمر: "لا تقتصر سياسات الإقصاء والعنصرية التي تمارسها دول شمال المتوسط على المهاجرين السريين، بل تشمل المهاجرين الحاصلين على وثائق الإقامة، والذين باتوا في مرمى المطاردة أو الترحيل نتيجة قوانين الهجرة الجديدة التي تطبقها فرنسا. الدليل يقدم حلولاً للمهاجرين مهما كانت وضعيتهم الإدارية، سواءً كانوا مهدّدين بالترحيل أو تلقوا إخطاراً بالمغادرة أو بالمنع من العودة، أو باحثين عن سبل تسوية قانونية".
ويُقدّر عدد التونسيين في فرنسا بـ 976 ألفاً، بحسب ديوان التونسيين بالخارج، وتُعتبر الجالية التونسية في فرنسا هي الأكبر مقارنة بأعداد التونسيين في دول أخرى. وتفيد بيانات المعهد الوطني للإحصاء أن المستوى التعليمي للجالية التونسية بفرنسا ارتفع مقارنة بالعقود الماضية، إذ يمثل الأطباء التونسيون 10% من عموم الخرّيجين في فرنسا والقادمين من خارج الاتحاد الأوروبي.
ويشير بن عمر إلى أن آلاف المهاجرين التونسيين في فرنسا ليسوا بمنأى عن الترحيل أو انتهاك حقوقهم، معظمهم من الشباب الذين غادروا بلادهم عبر الهجرة السرية، بحثاً عن فرص عمل وحياة أفضل، معتبراً أن الإسناد القانوني وتسهيل الولوج إلى المسارات القضائية المنصفة أمر مهم للتصدي لسياسات الاتحاد الأوروبي وللقوانين الفرنسية المجحفة بحقهم، ويضيف: "تستند فرنسا إلى التواطؤ الرسمي التونسي الذي يسهم في تسهيل عمليات الطرد والترحيل القسري، كما يدفع مئات المهاجرين إلى المغادرة بسبب جهلهم للقوانين"، ويلفت بن عمر إلى أن بعض المهاجرين التونسيين كسبوا معارك قضائية خلال السنوات الماضية، نتيجة المساندة القانونية التي قدمها المجتمع المدني وشبكة المحامين الداعمين لقضايا المهاجرين، إذ حصلوا على تعويضات، بعد أن كانت إيطاليا قد اتّخذت قرارات جائرة بحقهم، من ضمنها الترحيل القسري.
وكان الاتحاد الأوروبي أبرم شراكة مع السلطات التونسية عام 2023 بمبادرة من إيطاليا، تنصّ على تقديم مساعدات مالية بقيمة 150 مليون يورو، ومنح 105 ملايين يورو، لمساعدة البلاد على مكافحة الهجرة السرية. وقد أدت هذه المساعدات إلى تكثيف عمليات اعتراض قوارب المهاجرين عام 2024، وبالتالي إلى انخفاض كبير بعدد الوافدين إلى إيطاليا بنسبة 80% العام الماضي مقارنة بالعام 2023.
ويؤكد رئيس جمعية "الأرض للجميع" عماد السلطاني أن المرافقة القانونية للمهاجرين السريين أساسية للحد من الترحيل القسري الذي لم يعد يقتصر على الوافدين إلى إيطاليا، إنما إلى كل دول الاتحاد الأوروبي، ويشمل كذلك أولئك الذين بدأوا بتسوية وضعية إقاماتهم، ويكشف لـ"العربي الجديد" سلسلة "انتهاكات صارخة" بحقّ المهاجرين أثناء الترحيل، إذ يُجبرون على تناول أدوية مخدرة للسيطرة عليهم، ويوضعون في الطائرات مقيّدي الأيدي والأقدام.
ولا يزال ملف الهجرة يتصدر أجندة السياسيين الأوروبيين، إذ تعهدت رئيسة وزراء الدنمارك ميتا فريدركسن، خلال رئاسة بلادها الدورية لمجلس الاتحاد الأوروبي، بالدفع نحو تشديد قواعد الهجرة. وخلال النصف الأول من العام الحالي سجلت الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل (فرونتكس) انخفاضاً حاداً في عدد المهاجرين السريين نحو الاتحاد الأوروبي، بنسبة 20%، حيث بلغ إجمالي الحالات المسجلة للعبور السرّي، بين يناير/ كانون الثاني ويونيو/ حزيران، نحو 75,900 حالة.