دعوات للإفراج عن أربعة ناشطين اختطفوا أثناء مهمة إنسانية جنوب سورية
استمع إلى الملخص
- عابد أبو فخر، أحد المختطفين، معروف بأعماله الإغاثية، وتم اعتراض القافلة رغم التنسيق المسبق مع قوى الأمن الداخلي، مما يعد انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني.
- دعا وزير الطوارئ إلى حماية العاملين الإنسانيين، وأكد المحامي سامر جبران أن استهداف المتطوعين يمثل جريمة حرب، مما يبرز الحاجة لحماية العاملين في المجال الإنساني.
تصاعدت خلال الساعات الماضية الدعوات للإفراج عن أربعة متطوعين في مجال الإغاثة، اختُطفوا أثناء مرافقتهم قافلة مساعدات إنسانية من مدينة جرمانا بريف دمشق إلى محافظة السويداء جنوبي سورية، رغم حصولهم على الموافقات الرسمية اللازمة. ووفق إفادات ناشطين، اعترض مسلحون في ريف درعا الشرقي القافلة التي كانت تضمّ سبعة متطوعين واحتجزوا الآليات المحمّلة بالمواد الإغاثية. وأُفرج لاحقاً عن ثلاثة منهم، فيما لا يزال أربعة محتجزين حتى الآن، هم عابد أبو فخر، وفداء عزام، ويامن ممدوح الصحناوي، ورضوان زيد الصحناوي.
لكن مصدراً مسؤولاً في الهلال الأحمر السوري أفاد "العربي الجديد" بأنّ "أيّاً من قوافلنا لم تتعرض لأي حادثة أو استهداف خلال الفترة الراهنة"، مشيراً إلى أن الشاب عابد أبو فخر متطوع في الهلال الأحمر منذ سنوات، و"عُرف في الوسط الإنساني بأعماله الإغاثية الواسعة، سواء من خلال نشاطه ضمن فرق الهلال الأحمر أو عبر مبادرات أهلية بالتعاون مع أصدقائه". وأوضح المصدر أن أبو فخر "كان خلال الفترة الماضية يعمل بشكل فردي، عبر مبادرات إنسانية انطلقت من مدينة جرمانا بريف دمشق، وتركزت على تقديم الدعم والمساندة لأهالي محافظة السويداء، في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي تشهدها المنطقة".
وأوضح أن المنظمة "تتابع عن كثب، وبالتنسيق مع الجهات المعنية، جميع المعلومات المتوفرة عن الشبان الأربعة المختطفين"، مشدداً على أن "الأولوية هي ضمان سلامتهم والإفراج عنهم في أسرع وقت ممكن، وإعادتهم إلى عائلاتهم"، لافتاً إلى أن "الهلال الأحمر يضع إمكاناته وخبرته في خدمة أي جهود يمكن أن تسهم في إنهاء هذه الأزمة".
من جهتها، قالت سماح عدوان، زوجة الناشط عابد أبو فخر، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن زوجها اختُطف يوم الاثنين 11 أغسطس/آب 2025 أثناء مرافقة قافلة مساعدات إنسانية متجهة إلى محافظة السويداء، برفقة أربعة من زملائه، في المنطقة الواقعة بين قريتي السهوة ومعربة في ريف درعا الشرقي. وأضافت عدوان أن القافلة تحرّكت بتنسيق مسبق مع قوى الأمن الداخلي التابعة لوزارة الداخلية، إلا أن مجموعة كبيرة من الأشخاص تستقل دراجات نارية اعترضتهم ومن ثم اقتادوهم إلى مكان مجهول.
وأوضحت عدوان أن أبو فخر متطوع منذ سنوات في منظمة الهلال الأحمر العربي السوري، وشارك في إدخال المساعدات إلى مناطق مغلقة ومحاصرة في ظروف خطرة، وقد اعتُقل سابقاً بسبب نشاطه الإنساني. وقالت: "منذ لحظة الاختطاف، تواصلنا مع الهلال الأحمر وعدد من المؤسسات المعنية، لكن مصيرهم لا يزال مجهولاً حتى الآن".
والمختطفون الأربعة هم ناشطون ومتطوعون في مجال الإغاثة المدنية، عرفوا بجهودهم الطويلة لدعم السكان في مناطق النزاع. ويُعد عابد أبو فخر أبرزهم، وهو متطوع قديم في الهلال الأحمر السوري ومدرب سابق لمدربي الكوارث، وشارك في تقديم المساعدات الإنسانية في الغوطة الشرقية والغوطة الغربية وصولاً إلى القلمون، وقد سبق أن تعرض للاعتقال عدة مرات خلال سنوات الحرب.
أما فداء عزام، فهو متطوع معروف ضمن فرق الإغاثة المدنية، وساهم في توزيع المساعدات على السكان المحليين في مناطق النزاع. ويامن ممدوح الصحناوي ورضوان زيد الصحناوي، هما ناشطان مدنيان متطوعان أيضاً، ويعرف عنهما التزامهما بالأنشطة الإنسانية والخيرية، خاصة تقديم الدعم للمحاصرين والمحتاجين، من دون أن يكون لهما أي صلة بحمل السلاح.
وأكد ناشطون أن المختطفين كانوا ضمن قافلة تحمل مساعدات مدنية، وأن الحادثة وقعت أثناء مرورهم في ريف درعا الشرقي، ولم يتم الإعلان حتى الآن عن مكان وجودهم أو الجهة التي تحتجزهم.
وكان وزير الطوارئ وإدارة الكوارث، رائد الصالح، قد قال الاثنين الماضي، إن "استهداف العاملين الإنسانيين من منقذين ومسعفين وكوادر طبية وعمال إغاثة يمثل انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي الإنساني والأعراف الدولية"، داعياً إلى "موقف موحد وحازم لحماية من يكرسون حياتهم لإنقاذ الأرواح وتخفيف المعاناة".
بدوره أفاد سامر جبران، محامٍ دولي متخصص في القانون الإنساني لـ"العربي الجديد"، أن "استهداف المتطوعين والعاملين في المجال الإنساني، سواء بالاعتقال أو الاختطاف أو العرقلة، يمثل انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني، ويُعد جريمة حرب بموجب اتفاقيات جنيف والبروتوكولات الإضافية لها". وأضاف أن "أي جهة تمنع وصول المساعدات الإنسانية أو تعيق عمل المنظمات الإغاثية تتحمل مسؤولية جنائية دولية، ويترتب عليها مساءلة قانونية أمام المحاكم الدولية المختصة. هذا يشمل الأفراد والجماعات المسلحة على حد سواء، وليس فقط السلطات الرسمية".
وتابع: "هناك التزامات واضحة تقع على عاتق الدول لضمان حماية العاملين الإنسانيين، وتأمين سلامتهم أثناء تقديم الخدمات للمواطنين المحتاجين، كما يحظر القانون الدولي استهدافهم أو استخدامهم كرهائن في النزاعات المسلحة".
وتعيد الحادثة إلى الأذهان واقعة مشابهة شهدتها المنطقة في 16 يوليو/ تموز، حين اختفى حمزة العمارين، مسؤول الدفاع المدني في الجنوب، أثناء وجوده في مدينة السويداء، بالتزامن مع سيطرة قوات الحكومة الانتقالية على المدينة، وما زالت المطالبات مستمرة بالكشف عن مصيره والإفراج عنه.