دعوات لحماية محمية ضانا الأردنية بوجه قرار حكومي للتنقيب عن النحاس

دعوات لحماية محمية ضانا الأردنية بوجه قرار حكومي للتنقيب عن النحاس

19 اغسطس 2021
في المحمية تنوع حيوي هائل وبنك جيني طبيعي لمختلف عناصر الحياة البرية(جنيفر لافورا/Getty)
+ الخط -

غضب واسع ساد مواقع التواصل الاجتماعي بعد قرار الحكومة الأردنية اقتطاع جزء كبير من محمية ضانا، التي تقع على بعد 180 كم جنوب غرب العاصمة عمّان، وتكليف وزارة البيئة تعديل حدود المحمية، لاقتطاع مساحة من أرضها بهدف التنقيب واستخراج النحاس منها. 

وتصدّر وسم "أنقذوا_ضانا" تويتر الأردن، خلال الساعات الـ24 الماضية، وسط دعوات إلى الحفاظ على هذه المحمية، من قبل الناشطين البيئيين، في وقت تسعى فيه الحكومة إلى تبرير قرارها وتنفيذه، في إطار صراع مقبل بين حماة الطبيعة ورغبة الحكومة في البحث عن النحاس، في محاولة لتخفيف الأزمة الاقتصادية التي تعانيها البلاد.   

القرار أثار حفيظة الجمعية الملكية لحماية الطبيعية، وهي الجهة المسؤولة عن إدارة المحميات وطنياً، وقال رئيس مجلس إدارة الجمعية، وزير البيئة الأسبق خالد الإيراني، في تصريح صحافي إنّ الجمعية ترفض المساس بمحمية ضانا للمحيط الحيوي، التي تعتبر كنزاً وإرثاً حضارياً وطبيعياً وثقافياً نادراً لا يمكن موازنته بأي استثمار، وإنّ الجمعية ستتخذ كل الإجراءات القانونية والتصعيدية لحماية المحميات الطبيعية في الأردن، ومنها محمية ضانا.  

وطالب الإيراني الحكومة بالتراجع عن القرار، مضيفاً أنّ مجلس الإدارة أبدى استغرابه قرار الحكومة القاضي بتكليف وزارة البيئة تعديل حدود محمية ضانا، لاقتطاع مساحة من أرضها بهدف التنقيب واستخراج النحاس منها دون الرجوع للجمعية.  

طلاب وشباب
التحديثات الحية

ولفت إلى أنه يعمل في المحمية 85 موظفاً من أبناء المجتمع المحلي، فيما يستفيد من وجودها 500 عائلة بشكل غير مباشر، من خلال شراء حاجيات المحمية من المجتمع المحلي واستخدام مركباتهم للتنقل وغيرها من أشكال الاستفادة غير المباشرة، كذلك فإن قيمة منفعة المجتمع المحلي السنوية المتأتية من المحمية هي حوالى 3 ملايين دولار.  

بدورها، قالت وزارة الطاقة والثروة المعدنية الأردنية، في بيان اليوم الخميس، إنّ سلطة المصادر الطبيعية أجرت دراسات سابقاً، وقدّرت كميات النحاس في المنطقة بنحو 40  مليون طن. 

وأضافت: وافق مجلس الوزراء في عام 2016 على السماح بالتنقيب عن النحاس والمنغنيز، ضمن إحداثيات منطقة محددة من محمية ضانا، إلا أنه بسبب تكرار ممانعة الجمعية الملكية لحماية الطبيعة من دخول الشركة ومستشاريها إلى العديد من مناطق مذكرة التفاهم، لم تتمكن الشركة منذ عام 2016 وإلى تاريخه من استكمال متطلبات مذكرة التفاهم.  

وأشارت إلى أنّ الشركة قد أنفقت ما يزيد على مليوني دينار ككلف استشارات للشركات الأجنبية العاملة معها ودراسات وتحاليل مختلفة ورسوم رخص تنقيب، من أصل 20 مليون دولار رُصدَت للمشروع في هذه المرحلة. وقد أظهرت الدراسات الأولية للمنطقة الشمالية والمحددة في مذكرة التفاهم، وجود احتياطي يزيد على 40 مليون طن من النحاس. 

وقالت الوزارة إنها مهتمة بالحفاظ على البيئة والتنوع الحيوي، وسيجري تعويض المحمية بأرض بديلة، وفي الوقت ذاته هناك اهتمام بالمشاريع الاستثمارية الواعدة وبما يحافظ على حقوق ومصالح جميع الأطراف، بما في ذلك المجتمعات المحلية والتوسّع في فرص العمل، حيث من المتوقع أن تبلغ كلفة الاستثمار في المنطقة حوالى 200 مليون دينار(240 مليون دولار)، وأن توفّر فرصاً للعمل، وخاصة لأهالي المناطق المحيطة بها، تقدَّر بنحو ألف وظيفة مباشرة، ونحو 2500 وظيفة غير مباشرة. 

وتُعَدّ محمية ضانا أهم المحميات في الأردن، لما تحويه من تنوع حيوي هائل وبنك جيني طبيعي لمختلف عناصر الحياة البرية، ما أكسبها شهرة عالمية، وخاصة في برامج الدراسات والأبحاث. وتنبع أهمية المحمية من وجود بيئات طبيعية مختلفة في محمية واحدة، هي البيئية الجبلية في جبال الطفيلة، وبيئة السهول والبيئة الصحراوية في وادي عربة.  

وأدى وجود جميع هذه البيئات في محمية واحدة إلى وجود غنىً طبيعي، إذ سُجّل في المحمية ما يزيد على 891 نوعاً من النباتات التي تمثل ثلث نباتات الأردن، وتحتوي على 16 نوعاً نادراً على المستوى العالمي، ما رشّحها لتكون إحدى المناطق المهمة للتنوع الحيوي على المستوى العالمي. وفيها 160 نوعاً نباتياً نادراً ومهدداً على المستوى الوطني. وتعتبر محمية ضانا، أيضاً، مركزاً لتكاثر وتعشيش الكثير من الطيور البرية، مثل الحجل والشنار والطيور الجارحة، حيث سُجِّل 217 نوعاً من الطيور، وهو ما يشكّل 50 بالمائة من الطيور المسجّلة في الأردن، منها ما هو مهدد على المستوى العالمي كالنعار السوري، ومنها ما هو مهدد على المستوى المحلي كالنسر البني. وتقع المحمية ضمن مسارات هجرة الطيور، ويعبرها الآلاف من الطيور سنوياً، وهي معلنة كمنطقة مهمة للطيور من قبل المجلس العالمي لحماية الطيور. 

وسُجِّل أكثر من 38 من الثدييات و42 من الزواحف. وتعتبر المحمية مركزاً رافداً لكثير من الأنواع النادرة والمهددة في مناطق جنوب الأردن، ومنها الماعز الجبلي النوبي والثعلب الأفغاني (الملوكي) والوشق والغزال العفري، وهي من الأنواع المهددة على المستوى الوطني والعالمي. 

وفي إطار الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، كتب حمزة عبد الرزاق على تويتر: "أكبر محمية طبيعية في الأردن على وشك تقسيمها لعمليات تعدين النحاس حرام مثل هيك محمية طبيعية تستغلوها عشان مصالحكم، الأرض أغلى من النحاس". 

أمّا جوّد الزغلوان فقالت: "محمية ضانا هي المحمية الوحيدة في الأردن التي تحتوي على أقاليم جغرافية متنوعة، ولذلك هي أكثر المناطق التي يوجد فيها تنوع حيوي في الأنظمة البيئية والنباتية ليش الاستغلال فوق ما الأردن يطور ويستغل، هذا تنوع الموجود يروح يدمر البيئة عشان مصالح شخصية".  

بدورها، قالت هيفا قرارعة: "يعني هي مش بس محمية حيوانات أو شجر بس، هي أكبر محمية طبيعية في الأردن بالطفيلة للمحيط الحيوي، مش فاهمة اذا المحمية بنقطع منها وبنستغلها بحجة الاستثمارات شو خلينا لباقي المناطق؟". 

أمّا محمد فيقول: "لا أحد ينكر وجود النحاس وغيره في ضانا، لكن مع النهج الحالي حتى لو استخرجوا الألماس من ضانا أجزم بأنه لن ينعكس بالإيجاب على المواطن ولا على المجتمع المحلي في ضانا، هنا نكون قد خسرنا النحاس وخسرنا ضانا كمحمية، لو فيكم خير كان استغليتوا الفوسفات والصخر الزيتي".

المساهمون