درعا البلد... 51 يوماً من الحصار بدون غذاء ولا ماء ولا دواء

درعا البلد... 51 يوماً من الحصار بدون غذاء ولا ماء ولا دواء

12 اغسطس 2021
نجحوا في الخروج من المنطقة المحاصرة (علا محمد/ الأناضول)
+ الخط -

دخل حصار درعا البلد يومه الحادي والخمسين، وقد بلغت الأزمة الإنسانية ذروتها. وقد سُجّلت أخيراً وفاة أحد المصابين بفشل كلوي، من جرّاء ذلك الحصار الخانق الذي فرضته قوات النظام السوري على الحيّ الواقع في مدينة درعا في الجنوب السوري.

أبو محمد واحد من سكان ذلك الحيّ المحاصر، يقول لـ"العربي الجديد"، إنّ "50 يوماً انقضت من حصار درعا البلد، والوضع مماثل للحصار الذي كانت تفرضه قوات النظام السوري على الغوطة الشرقية"، موضحاً أنّ "لا خبز ولا مواد غذائية والمياه مقطوعة وكذلك الكهرباء والأدوية والمستلزمات الطبية". يضيف أنّ "ثمّة محاولات سُجّلت لفكّ الحصار، لكنّ أيّ جديد لم يحدث"، مشيراً إلى أنّ "وفداً روسياً قصد حيّ درعا المحطة أمس الأربعاء، وقد ظنّ الناس أنّ دخوله كان للخروج بحلّ، لكنّ ذلك كان بهدف إحصاء عدد النازحين. وفي حال بقي الوضع على حاله فسوف يلجأ الناس إلى أكل القطط بشكل فعلي".

من جهته، يتحدّث عضو تجمّع "أحرار حوران"، أبو البراء الحوراني، عن تفاصيل الحصار والواقع الإنساني في حيّ درعا البلد وباقي الأحياء المحاصرة من مدينة درعا، موضحاً لـ"العربي الجديد" أنّ "حاجز السرايا يمنع منذ خمسة أيام دخول أو خروج أيّ كان من درعا البلد وقد رُفعت سواتر عنده". ويؤكد أنّ "الوضع الإنساني حالياً سيئ، وقد تعرّضت (على سبيل المثال) يوم أمس طفلة لإصابة في القدم، وإصابتها خطيرة، لكنّنا حتى الوقت الحالي لم نتمكّن من إخراجها من درعا البلد بسبب الحصار الخانق". يضيف أنّ "الشرطة العسكرية الروسية زارت أمس مراكز الإيواء في درعا المحطة التي احتضنت بعض أهالي درعا البلد وأجرت إحصاء، ويُقال إنّ ثمّة مساعدات روسية سوف تصل إلى الأهالي وفي اعتقادنا أنّ هذا الكلام غير صحيح".

ويتابع الحوراني أنّ "في درعا البلد، لا يوجد طحين اليوم ولا أدوية ولا طعام ولا شراب، وثمّة 2000 عائلة تحت الحصار الخانق. والأشخاص الذين لم يتمكّنوا من مغادرة درعا البلد هم في الأصل من المطلوبين ويخشون الملاحقة الأمنية. وهم في حال خروجهم سوف يتعرّضون للاعتقال". ويكمل أنّ "المخابز متوقفة عن العمل بالتأكيد، كذلك محال بيع الأغذية ولا مطاحن للقمح، علماً أنّ القمح الذي كان الأهالي يخزّنونه قد نفد. أمّا العائلات التي ما زالت تملكه، فهي تخبز على الصاج نتيجة انقطاع غاز الطهي". ويلفت الحوراني إلى "تعفيش يطاول منازل المدنيين في طريقَي الشياح ولفلة، علماً أنّ هاتَين المنطقتَين تعيشان وضعاً صعباً جداً، إذ أكثر من 250 عائلة تجد نفسها تحت الإقامة الجبرية".

قضايا وناس
التحديثات الحية

ويحكي الحوراني أنّ "يوم أمس، صرّح أحد وجهاء درعا بأنّه من الصعب إخراج أيّ جريح، وأنّ ثمّة جريحاً يُعَدّ مشروع شهيد. وأوّل من أمس، توفي شخص نتيجة فشل كلوي، إذ بقي يعاني لأيام كثيرة من دون أن نتمكّن من إخراجه. وفي النهاية، تدخّل الفيلق الخامس من قوات النظام وأخرجه من درعا البلد إلى مستشفى بصرى الشام حيث توفي نتيجة تأزّم حالته الصحية". ويشير إلى أنّ "هذا السيناريو قد يتكرر لعدم توفّر مستشفيات أو أدوية أو مواد غذائية، أي في غياب أدنى مقومات الحياة".

في سياق متصل، يقول الحقوقي عاصم الزعبي، وهو عضو في تجمّع "أحرار حوران" لـ"العربي الجديد" إنّ "الواقع الإنساني ما زال سيئاً في الأحياء المحاصرة في درعا، مع عدم قدرة الناس على توفير احتياجاتهم الأساسية في ظلّ حصار تجاوز 50 يوماً، وثمّة عشرات العائلات التي ما زالت محتجزة في منطقتَي تلّ السلطان وغرز بالقرب من درعا البلد. وثمّة معلومات مؤكّدة من خلال التواصل معهم تفيد بأنّ قوات الفرقة الرابعة من قوات النظام عمدت إلى تحصين عدد من المنازل هناك وقد حوّلتها إلى دشم عسكرية، بالإضافة إلى سرقة محتويات المنازل ودراجات نارية. كذلك عمدت قوات النظام هناك إلى اعتقال ما لا يقلّ عن أربعة أشخاص بحسب المعلومات المؤكدة المتوفرة حتى الآن".

ويشير الزعبي إلى أنّ "الأهالي المحتجزين يحاولون الخروج من مناطقهم لكنّ عناصر النظام يعمدون إلى ابتزازهم، إذ يتوجّب على كلّ شخص يرغب في الخروج دفع مبلغ 50 ألف ليرة سورية (نحو 105 دولارات أميركية)". يضيف أنّه "لم تُسجَّل أيّ عودة لأيّ من المهجّرين حتى الآن، والأوضاع ما زالت خطرة، وقوات النظام قد تعمد في أيّ لحظة إلى إطلاق النار. كذلك لم تصل أيّ مساعدة غذائية إلى المناطق غير الخاضعة لسيطرة النظام، من قبل أيّ جهة". ويؤكد الزعبي بدوره أنّ "الوضع الصحي سيئ والمصابين بأمراض مزمنة غير قادرين على الخروج إلى مدينة درعا لتلقي علاجاتهم. أمّا الكهرباء والمياه فمقطوعتان بشكل كامل وبقرار أمني من قبل اللجنة الأمنية التابعة للنظام، بهدف زيادة التضييق على الأهالي. وحتى الآن، لا تتوفّر أيّ بوادر حقيقية لأيّ انفراج أو حلّ، في ظل توقّف المفاوضات منذ نحو ستة أيام".

من جهة أخرى، يؤكد مصدر خاص لـ"العربي الجديد" أنّ "ثمّة محاولات لإدخال بعض الأغذية للمحاصرين في أحياء درعا، من قبيل علب من المرتديلا (لحوم مصنّعة) وخبز فقط عبر حواجز قوات النظام، وذلك بعد دفع رشى للعناصر هناك".

تجدر الإشارة إلى أنّ تجمّع "أحرار حوران" وثّق اعتقال 62 شخصاً خلال شهر يوليو/ تموز الماضي، أُفرج عن 55 منهم، ومن بين هؤلاء امرأة وفتاة. كذلك تعرّض ستة أشخاص آخرين للاختطاف وقد قُتل أربعة منهم. وفي حين يستمرّ الحصار على أحياء درعا البلد والمخيمات وطريق السد، قُتل 75 شخصاً من بينهم امرأتان و10 أطفال.

المساهمون