استمع إلى الملخص
- أوصت الدراسة بإنشاء محاكم متخصصة لقضايا المسؤولية الطبية، وتوفير تأمين ضد مخاطر المهنة، وتدريب الأطباء في الجوانب الطبية والقانونية.
- تواصل النقابة مطالبتها بقانون مسؤولية طبية يحمي الأطباء والمرضى، مع اعتراضها على مشروع القانون الحكومي الذي قد يدفع الأطباء للهجرة أو ممارسة الطب الدفاعي.
نشرت نقابة أطباء مصر، اليوم الجمعة، نتائج دراسة طبية وصفتها بـ"الصادمة"، التي تكشف عن ممارسة ثلث الأطباء المصريين ما يُعرف بـ"الطب الدفاعي". ويعني هذا التوجه اتخاذ الأطباء إجراءات طبية وتشخيصية وعلاجية مبالغاً فيها تجنباً للمسؤولية القانونية ومخاوف من قضايا المسؤولية الطبية.
وأوضحت النقابة في بيانها الرسمي أنّ الدراسة التي نشرت أخيراً، شارك فيها مجموعة من العلماء والأطباء المصريين، من بينهم محمد جاب الله، استشاري الطب الشرعي وعضو مجلس نقابة أطباء الدقهلية. عرفت النقابة الطب الدفاعي بأنه ذلك الذي يعتمد على إجراء فحوصات وتشخيصات وعلاجات زائدة عن الحاجة، مع تجنب التعامل مع الحالات الخطرة والمعقدة، بالإضافة إلى التهرب من مرضى سابقين قدموا شكاوى قانونية.
وقد أظهرت الدراسة أن أغلبية الأطباء في التخصصات الجراحية، خاصة في المستشفيات الحكومية، يمارسون الطب الدفاعي، ولا سيما كلما زادت سنوات الخبرة. كما تبين أن معظم الأطباء الذين يتبعون هذا الأسلوب كانوا قد تعرضوا سابقاً لشكاوى قانونية وتهديدات بالمقاضاة من المرضى وذويهم.
وأوضحت الدراسة أن الحل الوحيد لتقليل ممارسة الطب الدفاعي يكمن في "إنشاء محاكم وهيئات متخصصة للنظر في قضايا المسؤولية الطبية، وتوفير شركات تأمين ضد مخاطر وأخطاء مهنة الطب، بالإضافة إلى ضرورة التدريب والتثقيف المستمر للأطباء في الجوانب الطبية والقانونية".
وأكد الفريق البحثي أن الطب الدفاعي يترك أثراً سلبياً كبيراً على المرضى في المقام الأول، حيث يسعى الأطباء لتأمين أنفسهم قانونياً ومهنياً عن طريق طلب فحوصات تشخيصية وعمل خطط علاجية مبالغ فيها، مما يرهق المريض مادياً. كما يتجنب الأطباء التعامل مع الحالات الخطيرة والمرضى الذين سبق لهم تقديم شكاوى قانونية، في محاولة منهم لتفادي المساءلة القانونية.
وأشار البيان إلى أن الدراسة دعت إلى ضرورة "وجود جهات متخصصة للفصل في قضايا المسؤولية الطبية، وتوفير تأمين ضد مخاطر المهنة من دون التهديد بالحبس أو التشهير بالأطباء". وأكدت أن "المتضرر الأول والأخير من هذا الوضع هو المريض المصري".
وتواصل نقابة الأطباء المصرية مطالبتها بسرعة إصدار قانون المسؤولية الطبية الذي سبق أن أعدته، بهدف الحد من الأخطاء الطبية وضمان حقوق المرضى من دون ظلم للأطباء، مع حماية المنشآت الطبية والأطقم العاملة.
وتمسكت نقابة الأطباء باعتراضاتها الجوهرية على مشروع قانون المسؤولية الطبية الذي أعدته الحكومة، وذلك من خلال مذكرة رفعتها إلى مجلس النواب والوزراء. وقدمت النقابة دلائل على أن مشروع القانون المعد من الحكومة "يكرس عيوب النظام الحالي في التقاضي في المسائل الطبية ويقننها فقط، ولا يحقق أي غرض من أغراض إصدار قانون منضبط وحديث للمسؤولية الطبية، بحيث يضمن حق المريض ويحمي الطبيب".
وأعادت النقابة تأكيد مبدأ أساسي مفاده بأن "الطبيب هدفه الأساسي إنقاذ حياة المريض، وبالتالي لا يتعمد أبدًا الإضرار به". وأضافت النقابة أن "الطبيب مطالب ببذل الرعاية اللازمة وليس الوصول إلى نتيجة محددة، محذرة من أن الخلط بين المسؤولية المدنية وتحويلها إلى مسؤولية جنائية، بالإضافة إلى التهديد المستمر بالحبس، يمثل خطراً على ممارسة مهنة الطب في مصر".
واعتبرت النقابة أن "الكارثة الأكبر" في مشروع القانون الحكومي تكمن في "تقنين الحبس الاحتياطي في قضايا المسؤولية الطبية"، مشيرة إلى أن هذا الأمر "ليس له وجود في أي دولة بالعالم". وأكدت أن "مثل هذا القانون سيدفع الأطباء إلى الهجرة خارج مصر بحثًا عن بيئة عمل آمنة ومرتبات مغرية، أو إلى الانخراط في ممارسة الطب الدفاعي، مما سيؤدي إلى تجنب التعامل مع الحالات الصعبة والمعقدة خشية التعرض لمضاعفات قانونية وتهديدات بالحبس. وفي النهاية، سيكون المريض هو من يدفع الثمن".