دراسة: البطالة في تونس تدفع المفرج عنهم من السجون للعودة إلى الجريمة

دراسة: البطالة في تونس تدفع المفرج عنهم من السجون للعودة إلى الجريمة

03 نوفمبر 2021
مساعٍ لإدماج السجناء بعد قضاء عقوبتهم (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
+ الخط -

تسعى منظمات مدنية في تونس إلى إيجاد حلول للحدّ من حالات العود إلى الجريمة (تكرار الجريمة بعد قضاء العقوبة)، وتسهيل الاندماج الاجتماعي للمفرج عنهم من السجون، بعد أن كشفت دراسة أجرتها جمعية "معاك " أن 75 بالمائة ممن قضوا عقوبة سجنية يواجهون البطالة بسبب صعوبات إجرائية واجتماعية تمنع حصولهم على شغل.

وكشفت الدراسة التي حصل "العربي الجديد" على نسخة منها أنّ النسبة الأعلى من العائدين إلى السجن من العينة التي شملتها الدراسة يُضبطون في قضايا سرقة، فيما احتلت قضايا العنف والتشويش والسكر المرتبة الأولى في أسباب الدخول إلى السجن لأول مرة.

وأظهرت الدراسة أن البطالة القسرية للمغادرين من السجون تطاول الشباب من مختلف المستويات التعليمية وتشمل الحاصلين على شهادة البكالوريا وشهادات جامعية، لكنها تشمل 31 بالمائة من الأحداث ما دون سن 18 عاماً.

ويشكو سجناء سابقون ممن أدلوا بشهادات أوردتها الدراسة من عقبات قانونية واجتماعية تمنع اندماجهم مجدداً في المجتمع، ما يجعل العودة إلى الجريمة أمراً ضرورياً بالنسبة إليهم من أجل الحصول على المال بتنفيذ عمليات سرقة ونهب .

وقال رئيس جمعية "معاك" مصطفى بن زينة إنّ الدراسة التي أجرتها الجمعية شملت عينات مختلفة من المفرج عنهم قضوا عقوبات سالبة للحرية لأول مرة، معدّل مدتها 12 شهراً من أجل العنف أو التشويش، غير أنهم عادوا إلى السجون بتهمة السرقة.

واعتبر أن هذا المؤشر "يتطلّب قرع أجراس الخطر في تونس بسبب وجود إشكاليات كبيرة تحول دون منع العودة إلى الجريمة وتزيد مخاطر الانزلاق في مخاطر تهدد المجتمع والسلم بصفة عامة". 

وأفاد بن زينة في تصريح لـ"العربي الجديد" بأنّ البطالة تجبر المسرّحين من السجون على التحوّل إلى "مجرمين"، حتى وإن لم تكن لديهم النية للعودة، غير أن عدم قدرتهم على توفير مصادر رزق تدفعهم للسرقة من أجل المال، وهو ما يفسر ارتفاع نسب العود في قضايا السرقة مقابل باقي الأسباب الأخرى" .

وأضاف "نهج العقاب الحالي في تونس، وإن كان فعالاً في إبعاد كل من يخالف القانون عن الشوارع وقتياً، إلا أنه لا يؤدي في الواقع إلا إلى تدعيم عالم الإجرام والرفع من نسبة العود، إضافة إلى الفشل في تحقيق الأمن والتوازن الاجتماعي".

واعتبر رئيس الجمعية أنه "من الطبيعي أن يجد كل من يمر بتجربة السجن نفسه أمام خيارين إثر مغادرته، إما محاولة إصلاح نفسه واتباع الطريق السليم أو العودة إلى دائرة الإجرام".

وخلصت الدراسة إلى أن المنظومة الجزائية في تونس تدفع أصحاب التجربة السجنية وتسهل طريقهم نحو العودة إلى الإجرام وليس نحو الإصلاح، بسبب الوصم الاجتماعي الجائر، والتمييز المجحف في التشغيل على أساس السوابق العدلية. 

واعتبرت  الدراسة أن المشكلات القانونية المستمرة بعد السراح هي إحدى أهم العقبات التي تحول دون الاندماج الاجتماعي والاقتصادي لكل من زلت بهم القدم ويسعون لبناء حياة جديدة بعد السجن. 

وخلصت إلى أن العقبات المترتبة على البطالة لا تترك أي خيار لأغلبية ساحقة من المغادرين السجون سوى الاضطرار لممارسة أنشطة إجرامية لإعالة أنفسهم وأسرهم مادياً، والاختلاط بآخرين ذوي سوابق عدلية مثلهم سعياً إلى إيجاد الشعور بالانتماء والقبول الاجتماعي. 

المساهمون