خطة لجيل بلا تدخين وكحول في الدنمارك

خطة لجيل بلا تدخين وكحول في الدنمارك

25 مارس 2022
تسعى الدنمارك إلى منع مواليد ما فوق 2010 من التدخين وتناول الكحول (العربي الجديد)
+ الخط -

في وقت تعاني الدنمارك من أعلى معدلات إدمان الشباب على الكحول في أوروبا، تأمل سلطاتها في تمرير تعديلات قانونية تحظر تكرار الأجيال الجديدة أخطاء الوقوع في فخ هذه العادات. وأعلن وزير الصحة ماونوس هيونيك أنّ الحكومة ستطلق خطتها لجعل مواليد ما بعد عام 2010 غير قادرين على شراء التبغ والكحول في المستقبل. 
وستعتمد السلطات نهجاً مختلفاً وراديكالياً تماماً لحظر بيع التبغ ومنتجات النيكوتين بالكامل، ومواصلة رفع السن القانونية لشراء الكحول، بعدما أبدى المجلس الوطني للصحة قلقه من انتشار استهلاك النيكوتين غير المدخن بين الشباب. وتتطلع كوبنهاغن أيضاً إلى عدم السماح للأطفال الذين يبلغون العاشرة من العمر حالياً بشراء هذه المنتجات حين يكبرون، علماً أنّ القوانين المطبقة تتطلب أن يبلغ الشخص سن الـ18 كي يستطيع استهلاك الخمور والتبغ، أما الطموح الأكبر للسلطات فيتمثل في تغيير القانون وصولاً إلى 29 عاماً بدلاً من 18.  

ورغم تأييد المتخصصين في أمراض الكبد والقلب والصحة العامة بالمعهد الوطني للصحة العامة في الدنمارك هذه الاقتراحات، يرفض المحافظون والليبراليون القيود، إذ يعتبرون أنّ "من الضروري الحفاظ على عدم بدء الصغار والشباب في التدخين، لكن الاقتراح الجديد يتدخل في خيارات البالغين في المرحلة التالية". ويؤكد المعسكر المعارض لفرض الحظر أهمية الحفاظ على حرية الاختيار الفردي للشخص، ويصفون أي تدخل يشمل الأشخاص في سن الـ 29 بأنه "تعسفي، حين يكون الشخص نفسه مسؤولاً عن حياته ويعيش بأية طريقة يريدها". 
ويتطلب تعديل القوانين موافقة غالبية أعضاء البرلمان، فيما ينقسم المشرعون بين يساريين يؤيدون الحظر وبعض المنتمين إلى تيار يسار الوسط الذين يرفضون تحديد أي عمر للقيود يتجاوز الـ 18، وهو سن الرشد القانونية في البلاد. ويجادل هؤلاء بأنّ "الرفع التدريجي لسن شراء السجائر إلى 29 عاماً وما فوق سيضع البعض في مواقف تمنعهم من تقرير حياتهم حين يكونون في سن الأربعين. وهذا أمر مضحك ومحرج".
ومنذ أشهر قليلة، رفعت الدنمارك سعر السجائر في شكل كبير لمحاولة دفع المزيد من المستهلكين إلى الإقلاع عن التدخين. وأدخلت تعديلات قانونية لحجب متاجر سجائر عن المستهلكين وجعلها غير متاحة للنظر، بخلاف الخمور المعروضة في شكل مرئي للصغار والكبار معاً. 
وإلى جانب الاستهداف البعيد المدى، تسعى كوبنهاغن إلى تقليل تعاطي شبابها الكحول. وبين الاقتراحات التي تدرسها منع بيعها لمن هم دون سن الـ18، علماً أن السن محددة بـ 16 حالياً للخمور. 

الصورة
تعتبر معدلات الدنمارك بين الأعلى أوروبياً في إدمان الشباب الكحول (العربي الجديد)
تعتبر معدلات الدنمارك بين الأعلى أوروبياً في إدمان الشباب الكحول (العربي الجديد)

ويعتبر الجيل الشاب الدنماركي بين أكثر مستهلكي الكحول في أوروبا. وتفيد إحصاءات بأن 82 في المائة من المراهقين الذين يبلغون سن الـ 15 جربوا شرب الكحول، وأن نسبة طلاب الصف التاسع الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و16 عاماً وشربوا الكحول خلال فترة 30 يوماً الماضية وصلت إلى 74 في المائة، في حين لا تتجاوز هذه النسبة 37 في المائة في أوروبا. أيضاً، تكشف أرقام المجلس الوطني للصحة أن 59 في المائة من الأولاد والبنات في الصف التاسع جربوا مرة واحدة على الأقل تعاطي المخدرات خلال 30 يوماً، وهذه النسبة العليا بين الأطفال والشباب في أوروبا.
ويأتي اقتراح منع من هم في سن الـ16 من شراء الكحول بناءً لتوصية من المجلس الوطني للصحة، علماً أنّ المحافظين يرفضون المنع بالكامل، ويقترحون بدلاً من ذلك أن تحدد نسبة الكحول بـ7 في المائة بدلاً من 16.5 في المائة لمن يبلغون سن 16 حالياً. 
وتأمل الحكومة الدنماركية في أن تعالج مشكلة تناول الكحول من خلال تعليم الشباب التخلص من ثقافة الشرب، وذلك بالتعاون مع مؤسسات التعليم، علماً أن حفلات الشرب في نهاية الأسبوع تسود  في مدارس الدنمارك، وهو ما تريد السلطات أن تتخلص منه بعدما كانت حظرت التدخين في المدارس. واللافت أنّ رئيسة اتحاد طلاب الثانويات، ألما تاينيل عارضت الحظر. واعتبرت أنّ تناول الشباب للكحول لن يحل من خلال الحظر والمواجهة، بل من خلال الحوار وإشراك الشباب. 
وتحاول الدنمارك أيضاً الإفادة من تجارب دول أخرى في مجال مكافحة الكحول والتبغ، وبينها ماليزيا التي تحارب التدخين لدى شبابها بهدف خفض الوفيات المرتبطة به، والتي وصلت إلى 27 ألفاً سنوياً. وتحظر ماليزيا منذ يناير/ كانون الثاني الماضي شراء من هم دون سن الـ18 السجائر، وفرضت عقوبات صارمة على المدخنين في الأماكن العامة، علماً أن هذا الأمر يشمل المكاتب والمطاعم منذ عام 2019.
وكانت نيوزيلندا حظرت بالكامل شراء من هم في سن 14 سنة السجائر لبقية حياتهم، في محاولة لبلوغ نسبة مدخنين لا تتجاوز 5 في المائة عام 2050. وتريد في نهاية العام الحالي الحد من بيع التبغ وتقييد تسويقه وتقديم دورات للإقلاع عنه بين السكان، أملاً في أن تصبح يوماً خالية من التدخين. 

وفي دولة بوتان بجبال الهملايا يحظر التدخين بالكامل، علماً أنّ بيع التبغ ممنوع منذ عام 2004، وتعاقب السلطات منذ عام 2010 بالسجن من يحاول تهريب السجائر أو مشتقات التبغ. وفي عام 2011، ضبط راهب بوذي حاول تهريب 27 علبة علكة (لبان) نيكوتين، وحكم عليه بالسجن سنة. لكن رغم التدابير الصارمة يستمر سكان كثر في بوتان في عادة مضغ مشتقات النيكوتين.

المساهمون