محللون: خطة ترامب إلغاء حق الجنسية بالولادة تشكل تحدياً للهوية الأميركية

22 يناير 2025
مبنى الكونغرس الأميركي وشارع بنسلفانيا، 20 يناير 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- خطة ترامب لإلغاء حق الجنسية بالولادة تستهدف التعديل الـ14 للدستور، مما يمنع منح الجنسية للأطفال المولودين لأمهات غير مقيمات قانونيًا، ويثير قلقًا بشأن التماسك الاجتماعي.
- المحللون يؤكدون أن حق المواطنة بالولادة يعزز الانتماء والاستقرار الاجتماعي، وأن تغييره قد يؤدي إلى شعور بعدم الانتماء، كما هو الحال في دول أخرى.
- القرار يواجه تحديات قانونية من 22 ولاية، وقد يصل إلى المحكمة العليا، حيث يُتوقع أن تؤثر المقاربة المنفتحة للجنسية إيجابيًا على المجتمع والاقتصاد.

يمكن لخطة دونالد ترامب بشأن إلغاء حق الحصول على الجنسية بالولادة أن تعيد تشكيل أميركا بشكل جذري، بحسب ما أفاد محللون الثلاثاء، إذ إنها ستنهي مبدأ ارتكزت عليه البلاد على مدى أكثر من 150 عاما. وبعد لحظات على أدائه اليمين الدستورية، أصدر الرئيس الجمهوري مجموعة من الأوامر التنفيذية الهادفة إلى الحد من الهجرة وتغيير الطريقة التي تحدد الولايات المتحدة من خلالها الأشخاص الذين يحق لهم العيش فيها.

ولعل القرار اللافت أكثر من غيره كان استهداف ترامب البنود المكفولة في التعديل الـ14 للدستور الأميركي التي تمنح الجنسية لأي شخص مولود على أراضي الولايات المتحدة. وتنص الوثيقة التي جرت المصادقة عليها عام 1868 في وقت سعت الولايات المتحدة لتجاوز تداعيات الحرب الأهلية على أن "جميع الأشخاص المولودين أو المجنسين في الولايات المتحدة، والخاضعين لولايتها القضائية، هم من مواطني الولايات المتحدة والولاية التي يقيمون فيها".

وحال تطبيقه، سيمنع القرار الذي وقعه ترامب، الثلاثاء، الحكومة الفيدرالية من إصدار جوازات سفر أو شهادات جنسية أو وثائق أخرى للأطفال الذين تقيم أمهاتهم في البلاد بشكل غير قانوني أو مؤقت وممن آباؤهم ليسوا مواطنين أميركيين أو مقيمين بشكل دائم.

وقال المحلل المتخصص في سياسات الهجرة لدى "مركز نيسكانين" الأميركي للأبحاث السياسية، غيل غويرا، إن مفهوم حق المواطنة بالولادة هو سمة مميزة للتجربة الأميركية. وأفاد بأن حقيقة أن جميع المولودين هنا لديهم حصة حقيقية في البلاد تحفز شعورا بالتماسك، تفتقر إليه أنظمة أخرى. وأكد لفرانس برس أن الأمر "ساعد في الاندماج عبر منح الناس المولودين هنا شعورا فوريا بالانتماء".

وتابع "أعتقد أن ما يتغاضى عنه الناس عادة هو أن ذلك يضع مسؤوليات على أبناء المهاجرين لينظروا إلى أنفسهم على أنهم أميركيون ويتحلون بالوطنية". ويغذي ذلك الشعور العميق بالفخر لدى العديد من الأميركيين بعلمهم ونشيدهم الوطني ومؤسسات مثل الجيش. وقال غويرا إن زعزعة ذلك قد ينعكس على الاستقرار الاجتماعي.

ولم تعانِ الولايات المتحدة الحديثة نزعات انفصالية مماثلة لما شهدتها قوى أخرى مثل روسيا حيث تشعر فئات من المجتمع بعدم الانتماء. وقال غويرا "نجحت الولايات المتحدة في تجنّب ذلك تماما نظرا إلى أن هويتنا السياسية مبنية منذ قرون على فرضية أنك إذا كنت مولودا في الولايات المتحدة، فإنك أميركي".

المحكمة العليا 

وقال آرون رايكلين-ميلنك من "مجلس الهجرة الأميركي" إن التعديل الـ14 كان "واضحا للغاية" ومن شأن إثارة اللغط حوله أن يحمل تداعيات على أشخاص بما يتجاوز الأطفال المولودين لمهاجرين. وأوضح لفرانس برس "كل ما كنت تحتاج إليه شهادة ميلاد تثبت أنك مولود هنا... الآن، سيتعين عليك تقديم مجموعة واسعة من الوثائق عن أجدادك وجنسية والديك... يجعل ذلك حياة الجميع أصعب".

ويشتكي أنصار ترامب الذين يعبرون عن قلقهم حيال التغيرات في التركيبة السكانية من أن القادمين الجدد وأبناءهم يحصلون على الموارد التي كانت لولا ذلك من نصيب السكان المستقرين في البلاد منذ زمن بعيد. لكن بحسب غويرا، فإن المقاربة المنفتحة التي تبنتها الولايات المتحدة تاريخيا في ما يتعلق بالجنسية تأتي بمنافع على هؤلاء السكان أنفسهم الذين تتراجع معدلات الولادات في أوساطهم، لا سيما لجهة وجود ما يكفي من السكان في سن العمل لتمويل برامج الأمن الاجتماعي والقيام بالأعمال التي يتطلبها أي اقتصاد نشيط.

كما أن الميّزة الديموغرافية التي تتمتع بها الولايات المتحدة تحمل أهمية بالغة في أوقات الحرب. وقال غويرا إن "عدم امتلاك سكان شباب بإمكانهم في نهاية المطاف الخدمة في الجيش في حالات النزاعات.. يمكن أن يعرض الولايات المتحدة للخطر".

وواجه أمر ترامب التنفيذي تحديا قانونيا فوريا، إذ رفعت 22 ولاية بينها كاليفورنيا ونيويورك دعاوى قضائية لمنع تطبيقه. وستنتهي القضية بالتأكيد أمام المحكمة العليا. وبينما يعتقد بعض علماء القانون أن مساعي ترامب لن تواجه عراقيل نظرا إلى أن أغلبية قضاة المحكمة من المحافظين (6-3) عيّن هو ثلاثة منهم، إلا أن هؤلاء قد ينظرون إلى القضية بشكل مختلف. وقالت أستاذة القانون لدى جامعة فرجينيا أماندا فروست لصحيفة "نيويورك تايمز" "لا أعتقد أنه أمر لا يمكن تصوره (أن يثبت القرار)، وهو ما كنت لأقوله في 2019... الأمور تتغير".

(فرانس برس)

المساهمون