حملة "لا تسقط بالتقادم": وفاة 137 في سجون مصر خلال ثلاثة أعوام

08 فبراير 2025
تتشابه الأوضاع المعيشية السيئة في غالبية سجون مصر (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- رصدت حملة "لا تسقط بالتقادم" 137 حالة وفاة في أماكن احتجاز بمصر بين 2022 و2024، وتسعة إضرابات عن الطعام في سجون جديدة مثل بدر ووادي النطرون، مطالبة بوقف الانتهاكات المنهجية.
- تلقت الحملة استغاثات من السجناء بشأن الإهمال الطبي والقيود على الزيارات، مما أدى إلى إضرابات عن الطعام، واستخدام سياسات التغريب والترحيل لإيقاف الاحتجاجات.
- تناول التقرير الانتهاكات ضد أهالي السجناء، مثل التفتيش التعسفي، وطالبت الحملة بتفعيل قوانين تضمن حقوق السجناء، ودعت لتوقيع مصر على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب.

رصدت حملة "لا تسقط بالتقادم" التابعة للمفوضية المصرية للحقوق والحريات 137 وفاة في أقسام شرطة ومراكز إصلاح وتأهيل عمومية وأخرى جغرافية أو أماكن احتجاز غير رسمية، مثل مقار الأمن الوطني ومعسكرات الأمن المركزي بين عامي 2022 و2024، وأيضاً تسعة إضرابات عن الطعام في السجون ومقار الاحتجاز المختلفة، منهم ثمانية داخل مراكز جرى أنشئت حديثاً، وهي سجن بدر 1، بمعدل إضراب مرة واحدة، وسجن بدر 3 بمعدل ثلاثة إضرابات، وسجن وادي النطرون بمعدل إضرابين، وسجن العاشر من رمضان، بمعدل إضراب واحد. 

ودانت حملة "لا تسقط بالتقادم"، في التقرير الذي نشرته اليوم السبت، الانتهاكات المستمرة التي تحدث داخل مراكز الإصلاح والتأهيل، وأكدت ضرورة التوقف فوراً عن هذه الممارسات المنهجية، وطالبت بضرورة تنفيذ النيابة العامة زيارات ميدانية دورية إلى السجون بهدف مراقبة ظروف الاحتجاز والتحقق من احترام حقوق السجناء، ما يعزز المساءلة ويحدّ من التجاوزات القانونية.

وأفادت الحملة بأنها تلقت خلال الأيام القليلة الماضية أكثر من استغاثة من السجناء في مركز إصلاح وتأهيل تضمنت تفاصيل عن الانتهاكات التي يتعرضون لها، أهمها الإهمال الطبي المتعمد والقيود المفروضة على الزيارات، وتقليص فترات وعدد دوريات التريض، وطالبت بتحسين أوضاعهم المعيشية، وهي نفس الأسباب التي دفعت السجناء إلى تنفيذ إضرابات عن الطعام.

وأورد التقرير: "تتشابه الأوضاع المعيشية في غالبية السجون، ما زاد وتيرة الإضرابات، خاصة بعد نقل السجناء إلى مراكز إصلاح وتأهيل جديدة، فبعد أشهر من نقلهم بدأت أولى محاولات الإضراب في أكتوبر/ تشرين الأول 2022، تحديداً في مركز إصلاح وتأهيل بدر 3. واستمرت هذه المحاولات على مدار العامين التاليين. أضاف: "تعد سياسات التغريب أو الترحيل إلى سجون بعيدة من أكثر الأساليب التي تتبعها إدارات السجون لإيقاف أي تحركات احتجاجي، وهي تعتمد على تشتيت السجناء ما يؤدي إلى تقليل فرص تنسيق الإضرابات، وأيضاً على فرض عقوبات إضافية للمحتجزين عبر إبعادهم عن أسرهم وأماكن إقامتهم".

تابع: "على مدار العامين الماضيين جرى رصد العديد من عمليات التغريب، حيث نقِل أخيراً عدد من السجناء المضربين من مركز إصلاح العاشر من رمضان إلى سجون بعيدة مثل برج العرب. وفي يونيو/ حزيران الماضي نفِذت عمليات تغريب واسعة من سجن بدر 1 على خلفية إضراب السجناء، إذ رحلّت إدارة السجن عشرات إلى سجون متفرقة بين الوادي الجديد والمنيا إضافة إلى دمنهور وبرج العرب وجمصة ووادي النطرون. أيضاً نقلت إدارة مركز إصلاح بدر 3 عشرات السجناء من مركز إصلاح بدر 3 إلى زنازين التأديب في مركز إصلاح بدر 1، إضافة إلى ترحيل/ تغريب عشرات السجناء إلى سجون متفرقة بين وادي النطرون والمنيا شديد الحراسة، وجمصة شديد الحراسة وبرج العرب".

أضافت الحملة: "لا تزال الإجراءات الاحترازية مستمرة رغم مرور أكثر من أربع سنوات على انتهاء جائحة كورونا، ولا تزال الزيارات تُسمح بها مرة واحدة شهرياً فقط، سواء للمحكوم عليهم أو المحبوسين احتياطياً، بعكس ما ينص عليه القانون الذي يحدد زيارتين شهرياً للمحكوم عليهم وأربع زيارات للمحبوسين احتياطياً. أيضاً تحصل زيارات في بعض السجون عبر حواجز زجاجية، وذلك بصورة عشوائية، ما يحرم السجناء من أي تلامس جسدي مع ذويهم، إضافة إلى أن مدة الزيارة أيضاً تطبق بصورة عشوائية، فبعض السجون لا تتجاوز فيها مدة الزيارة الـ15 دقيقة أو أقل، في حين ينص القانون على مدة زيارة تصل إلى ساعة كاملة".

قضايا وناس
التحديثات الحية

وتضمن التقرير فقرة عن الانتهاكات ضد أهالي السجناء أوردت: "يختبر الأهالي استباحة أجسادهم واستخدامها من خلال التفتيش المتكرر في مراحل الزيارة. ومع عبور أي بوابة حتى الوصول إلى مكان الزيارة تتفاوت طرق التفتيش بين السريع أو تفتيش المتعلقات التي يجلبونها للسجناء، أو تفتيشهم ذاتياً. ويمر الأهالي بتفتيش أولي عند بوابة السجن العمومية، ثم تمرر متعلقاتهم عبر جهاز فحص، ثم يمرون من بوابة المعادن والتفتيش الذاتي، وهو ما يتكرر عند الدخول إلى مكان الزيارة. وتتفاوت الممنوعات من سجن إلى آخر، وحتى في نفس السجن من زيارة إلى أخرى، لكن شكاوى الأهالي تتفق في وصف عملية التفتيش بأنها تعسفية ومهينة، وتكشف عن رغبة من إدارات السجون في إثبات هيمنتها وسيطرتها على الأهالي كما على السجناء".

وخلال العام الماضي وحده، رصدت الحملة استغاثة لأهالي السجناء بسبب التعنت في تفتيش ما يحضرونه لذويهم في الزيارات، ومنع الجزء الأكبر منها، وذلك في مركز إصلاح 15 مايو، ومركز إصلاح بدر 3، ومركز إصلاح وادي النطرون. وقالت: "يعد الإهمال الطبي أو الامتناع عن تقديم العلاج أحد الانتهاكات الممنهجة التي يتعرض لها السجناء ويمكن إرجاع ذلك إلى وضع منظومة الرعاية الطبية داخل السجون التابع لوزارة الداخلية - قطاع الحماية المجتمعية ، وهي جهة غير محايدة ما ييسّر استخدام إدارات السجون الإهمال الطبي كوسيلة إضافية لعقاب السجناء، إضافة إلى المستشفيات التي تفتقر إلى الحدّ الأدنى من البنية الأساسية والسجون القديمة، والتعنت في السماح بنقل السجناء إلى مستشفيات خارج السجن. ومع نقل السجناء إلى مراكز الإصلاح والتأهيل الجديدة، زاد الأمر سوءاً في ما يخص التعامل مع الحالات الطبية الطارئة، لا سيما مع التقليص المتطرف للتعامل البشري داخل تلك المراكز، إذ يتعامل السجناء مع الإدارة من خلال (انتركوم) مثبت داخل الزنازين، وتتعامل الإدارة من خلال سماعات داخل الزنازين أيضاً، وعادة لا تستجيب الإدارة لاستغاثة السجناء في حال وجود حالات طبية طارئة. وبحسب أهالي السجناء قد تستجيب الإدارة بعد نداءات واستغاثة السجناء بـ6 ساعات على أقل تقدير".

وتحدث أهالي السجناء في تقرير الحملة عن معاناة السجناء في تناول الأدوية في المواعيد المحددة، إذ لا تسمح إدارات السجون للسجناء بدخول الأدوية داخل الزنازين لتناولها بأنفسهم، بل تضع الإدارة الأدوية داخل صيدلية السجن، وتصرف بحسب رؤية إدارة السجن وليس بحسب احتياج السجين أو توصية الطبيب، وقد يجري معاقبة السجناء، بحسب تصنيفهم في الداخل، بالحرمان من الأدوية.

وفي ختام استعراض الانتهاكات التي حصلت في السجون بين عامي 2022 و2024، طالبت حملة "لا تسقط بالتقادم" بـ"تفعيل المادة 71 من اللائحة الداخلية للسجون رقم 79 لسنة 1961 التي تنص على أن مدة الزيارة هي 60 دقيقة، وتفعيل المادة 60 من اللائحة الداخلية للسجون رقم 79 لسنة 1961 التي تنص على حق المحبوسين احتياطياً في أربع زيارات شهرياً، وللمحكوم عليهم زيارتين شهرياً. والتوقف عن معاقبة السجناء من خلال تقييد حصولهم على الرعاية الطبية الأساسية".

وأخيراً، طالبت الحملة بتوقيع مصر على البروتوكول الاختياري الخاص باتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من أساليب المعاملة القاسية واللاإنسانية، وما يتبع ذلك من تنفيذ منظمات دولية بزيارات ميدانية داخل السجون في مصر. ويفسح ذلك في المجال لمعرفة أكثر واقعية لأوضاع أماكن الاحتجاز فضلاً عن وجود رقابة مستقلة بعيداً عن السلطة التنفيذية. 

المساهمون