حليمة نصر... ثمانينية ليبية تعلّم الأجيال صناعة السعف

حليمة نصر... ثمانينية ليبية تعلّم الأجيال صناعة السعف

تاورغاء

إسلام الأطرش

avata
إسلام الأطرش
صحافي ليبي
14 فبراير 2021
+ الخط -

رغم تقدّمها في السن، تصرّ الثمانينية الليبية، حليمة نصر، على الاستمرار في حرفتها في صناعة السعف وتجديله وتعليمه للأجيال المتعاقبة، لتحافظ على تراثها. ففي قرية "أمنا عائشة" التابعة لمدينة تاورغاء الليبية، تعيش حليمة (82 عاماً)  وتحترف صنع أدوات خوص النخيل في خيمتها، منذ 65 عاماً.

وتقول حليمة لـ "العربي الجديد"، إنّها تمتهن حرفة السعف منذ كان عمرها 14 عاماً، بعدما ورثتها عن والدها، وهي حرفة ترتكز على أوراق شجر النخيل.

ورغم أنّ الحرفة بدأت بالاندثار بسبب البدائل الحديثة لها، لكن حليمة تشير إلى أنّ صناعة السعف والمحافظة عليه، تعود بها إلى الأيام السالفة، حين كان الأجداد يأكلون ممّا يزرعون ويلبسون ما يصنعون بأيديهم، كما كانت أدواتهم التي يستخدمونها في حياتهم اليومية مستوحاة من البيئة.

وحول الأدوات المستخدمة، توضح حليمة أنّ السكين أو المخرز، هما الأداتان الأساسيتان في الحرفة، إلى جانب بعض الأدوات الأخرى كالمقصّ ووعاء لتغمر فيه أوراق النخيل. وتلفت إلى أنّ ورق النخيل من النوع المركب، له استعمالات عديدة حسب موقعه من النخلة. فمن الورق في القلب، تُصنع السلال والحصران والسفرة و المترد، أمّا النوع الأخضر اللون الذي يليه، فيُستعمل لصناعة الحصير وسلالة الحمالات الكبيرة والمكانس وغيره، ومن الجريد تُصنع الأسرّة والأقفاص والكراسي.

وفيما يخصّ التجديل، قالت حليمة لـ"العربي الجديد"، إنّ التجديل عبارة عن أوراق سعف النخيل، تُجمع وتُصنع باليد بطريقة تجديلية عريضة تضيق أو تتسع باختلاف النوع، وتتشابك أوراقها مع بعضها في التجديلة بعد أن تتحوّل إلى اللون الأبيض، نتيجة تعرّضها للشمس.

وتضيف حليمة: "السعف نوعان: الأول هو لبة السعف، ويتميز بنصاعة بياضه وصغر حجمه، وسهولة تشكيله، ويستخدم لنوعية معينة من الإنتاج، والثاني: هو من بقية أوراق النخيل العادية، وهي أوراق أكثر خشونة وطولاً، ويتمّ غمرها بالماء لتلين حتى يسهل تشكيلها".

وتتابع قائلة: "نلوّن السعف، ولا نكتفي بلونه الأبيض أو الحليبي، بل يتم صبغه بالألوان كالأخضر والعنابي والبنفسجي، حسب الزخرفة المطلوبة. وتتوافر هذه الأصباغ في محال العطارة. ونبدأ عملية الصبغ بغلي الماء في وعاء كبير، ثم توضع فيه الصبغة المطلوبة، ثم يتم إسقاط السعف المطلوب تلوينه ويُترك لدقائق، ثم يرفع من الماء ويوضع في الظلّ، أما بالنسبة للسعف الأبيض أو الحليبي فإنه يكتسب هذا اللون طبيعياً نتيجة تعرّضه للشمس".

وعند تصنيع السعف، لا بد من نقعه في الماء لتليينه، سواء كـان سعفاً عادياً أو ملوناً؛ وفقاً لحليمة، لأنّ الصبغة لا تزول بالماء. وبعد تطرية السعف يسهل تشكيله، ويبدأ تصنيعه بعمل جديلة طويلة وعريضة متقنة الصنع متناسقة الألوان، ويختلف عرض الجديلة حسب نوع الإنتاج. وكلّما زاد العرض زاد عدد أوراق الخوص المستعملة وباتت الصناعة أصعب، وبعد صنع الجديلة يتم تشكيل السعف بالاستعانة بإبرة عريضة وطويلة وخيط، قد يكون من الصوف الأسود للتزيين.

وحول أهم أعمالها، تقول حليمة إنّها شاركت في صناعة بيت شعر التراثي الليبي، هو من أهم الوسائل التي صنعها البدو بطريقة تقنية وتقليدية، كما تتميّز بيوت الشعر بمقاومة وتحمّلها للظروف الصحراوية المتنقلة، كما شاركت أيضاً في كل المعارض التي تقام في ليبيا.

وتتميّز بيوت الشعر بخفتها في عملية التنقل، ويمكن للمرأة البدوية إصلاح البيوت المصنوعة من الشعر من دون الحاجة لمساعدة أحد، أما في موسم الأمطار فتتضخم خيوط الشعر فتضيق حلقاتها بفعل المياه، وبذلك لا تتسرب هذه الأخيرة إلى داخل البيت، كما أنه عند إشعال النار داخله فإنّ الدخان يصعد إلى الخارج عن طريق الفتحات.

وتختم حليمة حديثها بالقول: "إنّ صناعة السعف لن تندثر، فهي موجودة في عروق الليبي ودمه، لذلك تجد العديد من السيدات الليبيات اللواتي يعملن بها من أجل الحفاظ عليها، خاصةً في المدن الريفية".

ذات صلة

الصورة

مجتمع

حقّقت الكثير من النساء في العالم العربي نجاحات بارزة في تولّي وقيادة مناصب علمية واجتماعية ورياضية وثقافية مرموقة.
الصورة
فقدت أدوية أساسية في درنة رغم وصول إغاثات كثيرة (كريم صاهب/ فرانس برس)

مجتمع

يؤكد سكان في مدينة درنة المنكوبة بالفيضانات عدم قدرتهم على الحصول على أدوية، خاصة تلك التي للأمراض المزمنة بعدما كانت متوفرة في الأيام الأولى للكارثة
الصورة

منوعات

استيقظ من تبقى من أهل مدينة درنة الليبية، صباح الاثنين الماضي، على اختفاء أبرز المعالم التاريخية والثقافية في مدينتهم؛ إذ أضرّت السيول بـ1500 مبنى. هنا، أبرز هذه المعالم.
الصورة
عمال بحث وإنقاذ في درنة في ليبيا (كريم صاحب/ فرانس برس)

مجتمع

بعد مرور أكثر من أسبوع على الفيضانات في شمال شرق ليبيا على خلفية العاصفة دانيال، لا سيّما تلك التي اجتاحت مدينة درنة، وتضاؤل فرص الوصول إلى ناجين، صار هاجس انتشار الأوبئة والأمراض يثير القلق.

المساهمون